أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - دُوسْتِي















المزيد.....

دُوسْتِي


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7518 - 2023 / 2 / 10 - 12:16
المحور: الادب والفن
    


بين حُلْم وحَنين، في ربيعٍ شَقِيٍّ لطفولة ما فَقَدْتُني، ولمّا فتحتُ عَينيَّ، بعد حَشرجة وحسرة، وَجَدْتُني..
آتِيكْتِيكْ النحلة آبو رْجيلة وحدا..ذاك ما علق في ذهني من سخرية التلاميذ وهُمْ يستقبلون زميلهم الجديد في مَدرستهم..كانوا يتلاسنون بلساننا الدارج في فيلم هندي عَرَفَتْه طفولتنا بآسم"الصداقة دوسْتي"دبلجَهُ المغربي"إبراهيم السايح" بطريقته الخاصة بمعية ممثلين مغاربة من ذاك الزمن(سبعينيات القرن الماضي)..لم يبال الفتى الأعرج"رام نات" بغمزاتهم وتلميحاتهم ولا بتصريحاتهم المباشرة القادحة وراح يشق طريقه الى النجاح تلو النجاح بمؤازرة صديقه الوفي الكفيف"موهان"الذي بذل الغالي والنفيس من أجل أن يكمل عزيزه دراسته، وكانا لهما ما أرادا بفضل صبرهما وتفانيهما ومكابدتهما وتضحيتهما رغم جبروت الظروف المثبطة للهمم والعزائم...
كان ذلك عام 1976 أول مرة أشاهد هذا الفيلم(من إنتاج عام 1964 وإخراج سنجاي خان)بسينما النصر بوجدة رفقة مجموعة من فتية كبار السن آنذاك كنتُ أصغرهم لازلت أذكر كانت نهاية السنة الدراسية تُوجَّتْ بنجاح في إحدى سنوات الابتدائي، ولعلها السنة الثانية أو الثالثة، بمدرسة ابن عذاري للبنين بحي كلوش..ومنذ ذلك الحين، رحت أتردد على الشريط كلما ظهرت صورة ملصقه الكبيرة في حيطان ساحة سيدي عبدالوهاب أو جدران قاعتي النصر وفوكس المختصتين آنذاك بالهندي في العرض الثاني بينما يُخصص العرض الأول لفنون الاستعراض كراطي غانغفو الذي غالبا لم نكن نتابع منه إلا لقطات ونتفا من النهاية لأننا نكون منشغلين بأوراق الدخول نقتنيها من تجار السوق السوداء(المارشي نوار)أو من محل بيع التذاكر الأصلي المزدحم دائما لنلج زحمة التدافع من أجل الظفر بمكان ما في (فُوتُويْ)إحدى أمكنة الطابق السفلي من صالة مسرح العرض..ويمكن القول إنه منذ ذلك العهد تجاوزت عدد مشاهدات الطفل الذي كنتُه لهذا الشريط العشرين أو يزيد في عشايا الأحااااد أو في عشيات فارغات في جداول حصص آستعمالات الزمن الدراسي في الإعدادي والثانوي؛ أما آستماعي للأغاني المتضمنة في الشريط بصوت محمد رفيع فقد فاق عدده الحصر وحدث ولا حرج...
تذكرني طفولة آلفتيين آلهنديين آلشقين مغامرات فتى آلأدغال حي بن يقظان(١) ومقتل"غافروش"فيكتور هيجو الملحمي (٢)وكوبيرفيلد شارلز ديكنز وربيع المسلسل اللبناني السبعيني إخراج أنطون ريمي بصورة الصبي آليتيم وسط باحة المدرسة وقد علقت برقبته لوحة كُتب عليها"احذروا إنه يعض"و"عمر" الدار الكبيرة لمحمد الديب و"فورولو" البدوي القَبَلي المُصِر على إتمام دراسته رغم الذئاب والجو الماطر والإعصار(٣)..
تذكرني طفولة(دوستي)مجتمعا متخلفا جاهلا مفقرا مريضا في صحته البدنية والنفسية، وعوض أن يتكافل الناس فيه يعين بعضهم بعضا فهم يغرقون في جو سادي يمارسون التنمر والتعنيف القوي فيهم يأكل الضعيف والضعيف يبتلع الأضعف في سلسلة حيوانية بدائية لا قيم فيها لا مبادئ لا أخلاق في الوقت الذي يقبع فيه الجميع تحت هيمنة وسيطرة لوبيات الرأسمال المتوحش يمارس النخاسة في بني البشر يبيع ويشتري في اللحم الآدمي يغتصب حقه في حقوق التعليم والصحة وتابنيآدْميت (٤)ينمسخ كل شيء في زريبة(٥) المتسلطين الذين يزداد تسلطهم ويتفاقم شد الطوق الذي يضعونه في رقاب الهيام التي تمشي على آثنين...
تذكرني معالجة المخرج لحالة المفقرين في هند الخمسينيات وما قبلها وبعدها صيغ رومانسية فجة ركيكة تقارب الواقع ببكائية سمجة لا تبحث فيه عن مكامن الخلل تكتفي بتوصيف سطحي لا يسمن ولا يغني من جوع دون بدائل أو اقتراحات ما تبرئ العليل وتشفي الغليل..
تذكرني طفولة(دوستي)رومانسية هروبية على غرار ما آستهلكته طفولتنا من روايات حكايات بائعة الكبريت وحذاء ساندريلا والأميرة النائمة وفتاة الثلج والعصفورة ياسمينة وجلنار حورية ألف ليلة وليلة وكوزيت نجلة فونتين التي باعت شعرها وأسنانها من أجل لقيمات خبز تلقمها فلذتها تقيها المسغبة وقَر حقد أعين المحدقين...
يذكرني(دوستي)موقف أغلب الشعراء الأبولليين الهمشري والشرنوبي وبعض خطرات الشابي ومن لف لفهم..عانوا ما عانوا وغادروا العالم شبابا تاركين وراءهم واقعهم كما هو إن لم نقل أن أوضاع أزمات المفقرين ليميزيرابل آزدادت فقرا ووضاعة وتدهورا...
يذكرني(دوستي)أفلاما مصرية قبل تأتي صرعة الألوان الطبيعية وغير الطبيعية غَرَقَت في عوالم فونطاسم جماعي غَرَّقَتْ طبقات الفلاحين والمياومين وعمال السخرة في هوة استهلاكية لأحلام واهمة زائفة تنتظر فيها الفتاة فتاها قادما على صهوة جواد أبيض ينتشلها بقدرة قادر من وضعها المزري كما حصل في أفواه وأرانب هنري بركات وشطحات المغنين الوسيمين يرتعون في فضاءات رحيبة بأزياء هاي كلاس يتغزلون يَعشقون ويُعْشقون تتبعهم أعين المُبَأَسين مشدوهة تتقمص ما لا يمكن أبدا أن يكون حياتها إلا إذا آمن جميع المتضررين بمقولة أحسن طريقة لتحقيق الأحلام هي الاستيقاظ من النوم...

☆إشارات:
١_(فلما اشتدَّ الجوع بذلك الطفل بكى واستغاث،وعالج الحركة،فوقع صوته في أذن ظبية فُقِد طلاها،خرج من كِناسه فحمله العُقاب.فلما سمعت الصوت ظنته ولدها، فتتبعت الصوت وهي تتخيل طلاها حتى وصلت إلى التابوت، ففحصت عنه بأظلافها وهو ينوء ويئن من داخله حتى طار عن التابوت لوح من أعلاه، فحنَّت الظبية وَحَنت عليه ورئمت به، وألقمته حلمتها وأروته لبنًا سائغًا،وما زالت تتعهده وتربيه وتدفع عنه الأذى.)
_كتاب:حي بن يقظان لابن طفيل.

٢_(بيد أن رصاصة أشد غدراً صُوِّبتْ على نحو أفضل من سابقاتها بلغت الطفل الشبيه بالشهاب الغازي.لقد رأوا غافروش يترنح,ثم يقع,وأطلق المتراس كله صيحة,ولكن كان ثمة آنتييوس في هذا القزم, لأن مس المتشرد الرصيف أشبه شيء بمس العملاق الأرض.لم يقع غافروش إلا لينهض من جديد,وظل قاعداً على مؤخرته وقد جرى على وجهه خط من الدم طويل,ورفع ذراعيه في الهواء ونظر إلى الناحية التي أقبلت منها الرصاصة, وبدأ يغني :
لقد سقطت على الأرض
هذه خطيئة فولتير
وأنفي في الساقية
هذه خطيئة ....
ولم يكمل.لقد حالت بينه وبين ذلك قذيفة ثانية من القناص نفسه.وهذه المرة خر على الرصيف مكباً على وجهه, ولم يتحرك بعدُ قط.كانت تكل الروح العظيمة قد فاضت...)
_رواية البؤساء
_ فيكتور هيجو
٣_لمحتُ نظرة القوة والتحدي والطمأنينة في عيني أبي الذي وضع المسحاة على كتفه وخرج دون أن يقول شيئا ولكني كنتُ متأكدا أنه استمع وهو عند الباب إلى ردّ أمي فقد قالت لي في سعادة:
- ألم أقل لك أنت لن تكون راعيا بل ستكون أعظم رجلٍ في القرية!!!
_نجل الفقير لمولود فرعون

٤_تابنيآدميت:بلسان الدارج المغربي تعني الإنسانية

٥_يمكن مراجعة مزرعة الحيوان لجورج أورويل



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دُون كِيشوت
- مُتَرَددٌ خَائِبٌ أبَدًا
- الرموز في قصيدة آلرؤيا
- جُو كْلِيكْ آلْكُولِيكْ
- حَيَارَى نَحْنُ..؟؟..لا..!!..
- اَلْمُتَمَرِّدُ
- عَسَاهَا يَوْمًا
- عُيُونُ آلذِّئَابِ تُومِضُ كآلنُّجُوم
- خُ يَ لَ ا ءُ آ لْ عَ دَ م
- مُتَلازِمة تشيخوف
- حُلْمٌ كَفِيف
- اِكْتِفَاء
- جُلَّنَارُ
- آلِهَةٌ أَمْ شَيَاطِين
- حَريقُ آلِارْتِقَاء
- أَنْهِيدُونْيَا
- الهايْبُوثَلامُوس
- فَرَادِيسُ مَفْقُودَة
- مُتْ قَاعِدًا
- هَاااا..هُوووو..هِيييي


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - دُوسْتِي