أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - آلِهَةٌ أَمْ شَيَاطِين















المزيد.....

آلِهَةٌ أَمْ شَيَاطِين


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7504 - 2023 / 1 / 27 - 22:21
المحور: الادب والفن
    


أولا_الصورة/الوثيقة :
يُعد التجسيد الفوتوغرافي المرئي إحدى الأسلحة الفتاكة الحديثة التي آستعملها المستعمرون من أجل تعزيز سلطهم العسكرية والسياسية على مناطق نفوذهم الامبريالي.لقد ﭐستُعمِلَ التصوير الفوتوغرافي في الصحافة الفرنسية المكتوبة المصورة بطرق شتى ملتوية تشويهية غايتها مزدوجة:إعلاء مكانة السلطة الاستعمارية والحط من شأن الدول المستعمَرَة(بصيغة آسم آلمفعول)برسم صور سلبيةٍ كاريكاتورية لما سُمي ب(الأهالي)من أجل تسهيل إقامة نظام الحماية أو الاستعمار تحت شعار إخراج البلاد آلمعَمَّرَة(لاحظوا المصطلح وكأن هذي الربوع كانت خاوية على عروشها!!) ورعاياها من تخلفهم وإدماجهم في خريطة"الحضارة المدنية"الأوروبية...
الأمر، هنا، يتعلق بصورة من نوع الكاريكاتور لطائرة فرنسية تحلق في أجواء سماء بلاد المغرب تتابعها أعين مغاربة بآندهاش وإعجاب(هكذا أريد لهم)، برعاية جنود فرنسيين بزي فرنسي من فيالق فرسان الخيالة..نشرت هذه الصورة أو بالأحرى هذا الرسم الكاريكاتوري بصحيفة تمثل فرنسا كانت تعرف حينئذ بآسم(الجريدة الصغيرة المصورة)وهي ملحق مصور بأصل الجريدة المكتوب...

ثانيا_المصدر :

مصدر الصورة من الغلاف الأمامي للجريدة الفرنسية:"الصحيفة الصغيرة المصورة"، إنْ صحت ترجمة التسمية، وهي عبارة عن ملحق بإحدى أعداد (الجريدة الصغيرة) المكتوبة عدد 01 أكتوبر 1911 (١)...
كانت تستعمل هذه الرسوم والصور واللقطات كدعاية من أجل لفت آنتباه أكبر شريحة من المرسل إليهم من الفرنسيين والأوروبيين لمتابعة منجزات السلطة القوية الحاكمة الداعية إلى قيم العدالة والحرية والأخوة وآلمساواة تشدقا بطبيعة آلحال، لأن إدماج الصحافة وآلإعلام عُدَّ منذ ذلك الوقت إحدى أهم الأسلحة الحديثة لتسهيل تنفيذ آستراجية الاستعمار في مناطق النفوذ، خصوصا وأن الصراع كان على أشده نهاية القرن التاسع عشر بين القوى الامبرالية الأوروبية حول أراضي شمال إفريقيا وجنوب الساحل وإفريقيا كلها...

ثالثا_ماقالته الصحيفة بخصوص الصورة :

_《إليكم صورة طائرة(الجريدة الصغيرة)في آخر عدد لها، في أجواء المغرب بمعية لوحات مراسلنا(غونيه لوبو)الذي يرافق الربان(بيغجيه)، اللذيْن لقيا آستقابلا حارا من لدن القوات الفرنسية في الدار البيضاء والرباط محتفين بطائرنا الكبير بحماس وطني لافت؛ في الوقت الذي وقف فيه العرب_حسب تصريح(غونيه لوبو)_ وقفة آندهاش وآستغراب أمام جبروت فرنسا التي تخطت سلطتها الأرض والبحار لتعتلي صهوة السماء فارضة هيمنتها الشاملة على جميع الأجواء، حتى آلتبس على آلأهالي آلأمر أتراهم في حضرة آلهة أم شياطين..وإنه لشرف عظيم للجريدة أن تساهم بهذا التحليق الاستعراضي الجوي في إبراز مكانة فرنسا القوة العليا بتجليات متعددة أمام أنظار العرب الذين يجب أن تترسخ في أرواحهم هيبة مكانتها العظمى.》

_ 《 ● L AÉROPLANE DU ” PETIT JOURNAL " AU MAROC:

L aéroplane du Petit Journal, dont nous donnions la photographie dans notre dernier numéro, en même temps que les portraits de notre collaborateur René Lebaut qui le monte, et de l aviateur Bregi qui le conduit, a soulevé au Maroc les plus chaleureux enthousiasmes. A Casablanca, à Rabat, les troupes françaises ont accueilli le grand oiseau avec une immense joie patriotique.
« Quant aux Arabes, dit René Lebaut, c est chez eux une véritable stupeur. Si maîtres d eux qu ils soient, ils ne peuvent dissimuler cette stupéfaction.» - Quoi ! après avoir dominé sur terre et sur mer, voici que les Français s emparent de l air ! Sont-ce des diables ? Sont-ce des dieux ? »
Notre gravure représente le double monoplan-Bréguet évoluant dans le ciel aux environs de Rabat, et traduit de façon pittoresque les impressions ressenties à sa vue par les Arabes.
Ce sera l honneur du Petit Journal d avoir, en organisant ce raid audacieux, montré aux indigènes un nouvel aspect de la puissance de notre pays, et concouru ainsi à affermir dans leur esprit, le prestige de la France.

Le Petit Journal illustré du 1 Octobre 1911》(٢)

رابعا_تعليق ذاتي :

Le Petit journal illustré صحيفة فرنسية تأسست في ستينيات القرن التاسع عشر آهتمت بما كان يجري في المغرب كمستعمَرَة فرنسية(فُرِضت عليها ما عرف بالحماية Protectorat..وقد آعتمدت الجريدة في كثير من أعدادها على مقالات دعائية مرفقة بصور داعمة تغطي الأحداث التي كان يعيشها المغرب أواخر القرن ذاك القرن ومطلع القرن العشرين..حاولتِ الجريدة الصغيرة_وهي صغيرة فعلا آسما على مُسمَّى_رَسْمَ المغاربة بشكل كاريكاتوري ساخر، ومبعوثها الطيار ينظر إليهم من عَلِ متعاليا شاهقا في علوه وعتوه، إن هؤلاء المغاربة مجموعات بشرية لا ميزة تميزهم غير أنهم سُذَّج جاهلون متخلفون لا يفقهون ما حولهم، غوغاء بتعبير حتى"أكبر" المؤرخين المغاربة في تلك الفترة وقبلها في أواخر القرن التاسع عشر، بل إننا نجد مؤرخا_وهو الناصري_ (٣)الذي قُدِّمَ لنا في صورة الموضوعي الجادّ في تأريخه لوقائع المغرب، نلفيه يستعمل المصطلح نفسه"الغوغاء"يطلقه على المغاربة الأصليين الذين تمردوا هنا هناك على السلطة الحاكمة آنذاك..إنهم متهافتون فوضويون تحكمهم العاطفة"مساكين"أميين يحتاجون مَنْ يرعاهم في ظل غياب سلطة قوية مركزية محلية لم تستطع مسايرة التطورات الجذرية في فضاء البحر المتوسط وشمال إفريقيا، فكان حريا بفرنسا أن تتدخل لترعى الجميع(سلطة محلية ورعايا) وتنتشل البلاد من براثن مناوشات السِيبا(٤)،فهي الحامية التي لا يشق لها غبار..من هنا يأتي دور الصحافة الاستحمارية(بالحاء)لتزكي هذا الاستغباء الجماعي للناس.. اُنظرْ إليهم أيها الفرنسي الجميل الذكي آلمبهِر الوديع المسالم،اُنظر إلى نظراتهم تتوزعها الحيرة والاعجاب..ألا يستحقون شفقة وحماية فرنسا العظيمة..هم أنفسهم إذْ يرنون إلى هذا الطائر العملاق يحلق في السماء يعتلي دورهم وصوامع مساجدهم وأجواءهم الخاصة ينحنون له مَسَلِّمِين يهشون يبشون يشهرون التحية بأيديهم وأبدانهم شبه العارية يركضون يتسابقون يتعثرون يترنحون يسقطون ينهضون ويكملون المسير لمتابعة جلالة السلطة الجديدة لفرنسا ويقرون ويخضعون خانعين أمام قوة وقُدرة وجبروت الامبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس أبدا...
هذا هو الخطاب الذي كانت تروم صحافة ذلك الوقت الاستعمارية ترسيخه لدى قرائها الفرنسيين، فالجريدة لم تكن تستهدف قراء مغاربة في تلك الفترة(٥)، وإنما تستغل المادة، والموضوع والأرض المغربية من أجل مزيد من تكريس هيمنتها الاستعمارية ناسية أو متناسية أن هؤلاء المغاربة واجهوا في تلك الفترة وسيواجهون بعدها عتو طائرتها وما لف لفها بالمقاومة وسيستطيع الأمازيغي الورايني في تلك الحقبة نفسها(هذا مثال غيض من فيض)أنْ يُسقط سِحر ووهم طائرتهم الفلاذية الورقية بطلقة من بندقية بدائية"مكحلة بوشفر"، غانما عتادها وعدتها مجبرا ذويها على الفرار والتراجع إلى سفوح الأعالي أين تجند الرافضون(العازيين)المتمردون...
الفئة المستهدفة من هذا النوع من الإعلام هم الفرنسيون من أجل تعزيز صفوف جنودهم الأشواس ونجدة الحضارة الفرنسية والمساهمة في نشرها في بلدان أناسُها همجٌ متوحشون لا يفقهون شيئا من الحياة الحضارية..إنها الحرب المقدسة مقدَّمة بزي وشكل وبخطاب وبرداء جديد،؛ لكن المضمون هو هو..السيطرة الاستعمارية على ربوع أراضي المغرب في السهل والجبل والبحر وها هو يكمل هذه السيطرة على الأجواء، الأجواء كلها..إنه فعلا إنسان غير عادي، بل إله جديد يستحق أَنْ يُعْبَدَ بدل الإله العادي التقليدي الذي يركع ويسجد له هؤلاء البدائيون المغاربة دون أنْ تنفعهم ألوهيته في شيء...

☆إشارات :
١_صحيفة(الجريدة الصغيرة المصورة
(Le Petit journal illustré
فرنسية تأسست في الستينيات من القرن التاسع عشر..اهتمت بما كان يجري في المغرب..وقد خصصت بعض اعداد الصحيفة لبعض الاحداث التي عاشها المغرب في أواخر القرن 19 ومطلع القرن 20 بالصورة والمقالة..
٢_من بين منشورات هذي الصحيفة، واجهة عدد ١٩ نونبر ١٩١١ تعلن فيها "بشارة"الحماية الفرنسية بالمغرب مُدعية نشرها الحرية والعدالة والتنمية والسلام إلى المغرب والمغاربة الذين رسمتهم الصحيفة مهللين مرحبين بالسيدة فرنسا معجبين بهالتها وسلطتها وجلالتها المقدسة...
" La France va pouvoir porter librement au Maroc la civilisation la richesse et la paix "
٢_كان المغرب نهاية القرن التاسع عشر بداية العشرين فضاء مغريا للتنافس الاستعماري بين قوى استعمار أوروبية: فرنسا، إسپانيا، إنگلترا، ألمانيا وإيطاليا الباحثة عن مواد خام ومصادر الطاقة والمعادن لمصانعها، ولن يتسنى لهم ذلك إلا بإحكام السيطرة على ثروات المغرب.. بطبيعة الحال نسجت سيناريوهات مكشوفة من أجل تحقيق غايتهم بعد أن أغرقوا البلاد بديون لا قبل له بها، فآستغلوا هذه الذريعة(العجز عن تسديد الديون)متشدقين بشعار المساعدة من أجل رفع وتيرة الاقتصاد والتنمية، ولن يتحقق ذلك في نظرهم إلا بسن وتطبيق الإصلاحات على أرض الواقع مما أدى في نهاية المطاف هذا إلى انفراد فرنسا بوسط المغرب وإسپانيا بشماله وجنوبه بعد أن وقفت كل الإصلاحات المزعومة أمام الباب المسدود...
٣_أحمد بن خالد بن محمد الناصري السلاوي، مؤرخ مغربي عاش في القرن التاسع عشر ألف عدة مؤلفات أشهرها: كتاب(الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى)
٤_بلاد السيبا مصطلح آنتشر في مغرب القرن التاسع عشر بداية العشرين يشار به عادة إلى تلك المَجالات التي آمتنعت عن دفع الضرائب وأظهرت عدم تبعيتها السياسية والاقتصادية للسلطة المحلية محتفظة بالسلطة الروحية، مَنحى لو تأملناه قليلا ومليا لألفيناه قريبا من النظام الفيدارالي الذي لم يكن مستساغا فيما يبدو آنئذ لظروف تاريخية محلية وإقليمية
٥_"صحافة"مغاربة ما قبل القرن العشرين كانت تقليدية بتجليات شتى مثل:البراح في الأسواق، خطب المساجد والجمعات، الزوايا، المدارس العتيقة، الرقاص/خدمة تشبه ما يقوم به سعاة البريد، اللامات، المواسم، القوافل، الجوالون، الرحل وأنصاف الرحل...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حَريقُ آلِارْتِقَاء
- أَنْهِيدُونْيَا
- الهايْبُوثَلامُوس
- فَرَادِيسُ مَفْقُودَة
- مُتْ قَاعِدًا
- هَاااا..هُوووو..هِيييي
- شِيَمُ آلشُّعَراء..قراءة في بائيةٍ للمتنبي..
- عِيشَا قَنْدِشَا آيَتْ وَرَايَنْ
- بُوكُوفسكي..وَمَنْ يُبَالِي..
- والذئابُ تَعْوي في وِجَاِرهَا السَّحيق
- اللحظة آلأخيرة
- بَنْجِي يَشُمُّ رَائِحَةَ آلْمَوْتِ
- لا، يا أنتَ..تلكَ غُرْبتي أنا..
- في عُمق آلجحيم، انبَجَسَتْ حُبَيْبَةٌ منْ زُلالٍ..رأيتُها..
- هَاااا الْعَاااارْ خُو نَكَّاااارْ
- غَيْبُوبَة
- مِيفِيسْتُوفِيليسْ
- فُقَاعَة
- رَيْثَمَا
- وعلى آلمتضرر آلبحث عن مُسببات ضرره


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - آلِهَةٌ أَمْ شَيَاطِين