أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - تَجَاعيدُ البَيْضَاءِ، بخصوص فيلم:(كَازَبْلَانْكَا)















المزيد.....

تَجَاعيدُ البَيْضَاءِ، بخصوص فيلم:(كَازَبْلَانْكَا)


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7519 - 2023 / 2 / 11 - 12:53
المحور: الادب والفن
    


الدار البيضاء أواسط القرن العشرين مدينة مُصَورة في فيلم " كازابلانكا Casablanca" للمخرج "مايكل كورتيز" عام 1942 كنقطة انطلاق إلى اسبانيا ومنها إلى أمريكا حيث سَتكون الحريةُ في انتظار الآبقين من جحيم حرب أوروبية ضارية.انها مدينة يؤمها هؤلاء وأولائك مِنْ جَوَّابي الآفاق الباحثين عن المُغامرة بعد أن ابتلعهم الروتينُ المَعِيش في عوالمهم القاتمة، بل منهم من اتخذها منفى له وملجأ يسترجع فيه الأنفاس ويستريح استراحة المحارب قبل الانطلاقة الجديدة..
المدينةالعربية هنا لا تحمل من انتمائها لهويتها أي شيء، حتى آسمها العربي انتُزع منها وقُدِّمَتْ بآسم يُحيل على هوية أخرى دخيلة بلغة اسبانية.ان المدينة المغربية في زمن أحداث الفيلم تخضع لاحتلال متعدد الجنسيات اسباني من خلال اسم المدينة وفرنسي من خلال السيطرة العسكرية لحكومة فيشي الفرنسية الفاشية المُوالية لهتلر و و.. وأمريكي في إشارة تاريخية لتواجده أثناء هذه المرحلة لانقاذ ومساعدة الاوربيين ضد الاحتلال"النازي الفاشي". تُرَى المدينةُ بعيدا عن هويتها في واقع ظرفي مَرّتْ به دون أن يشغل المنتجون أنفسَهم في البحث عن حيثياته، فهذا آخر مشاغلهم.انها ديكور فقط، كما كانت مراكش في كثير من أفلام هوليوود ذلك العهد(ألفريد هيتشكوك مثلا في فيلم "الرجل الذي عرف أكثر من اللازم")خلفية لإدارة الأحداث بما في هذه الخلفية من"دهشة"و"غرابة"و"سحر" يثير الغربيين إثارةً سياحيةً صرفة، ولن يجدوا مكانا أفضل تشبه تجاعيدُه أطيافَ ألف ليلة وليلة لانتاج قصة يريدونها رومانسيةً بتوابلَ حُب في زمن الحرب.لقد أجْلَتِ النازيةُ الشخصيات الى مرفئهم الجديد..دار جديدة..دار بيضاء..
هؤلاء أجلوا بدورهم أهالي المدينة الأصليين بعيدا عن فضاءات تحرك معيشهم الحيوي اليومي..فتخال المدينـة خاويةً خاليةً من سكانها إلا ممنْ عَبَرَ عُبُورا سريعا ليشغلَ ويؤثثَ بسُمرته ولباسه المُهْمَل وبدائيته "المُضْحِكَة" الديكورَ السينمائي المتحرك دون دخول أو مشاركة فعَّالة في إنتاج وبناء دلالة مُعينة لأحداث الفيلم..
ان المغربي ابن المدينة ابن البلد هنا لانه هنا..فقط..لا شيء آخر..بينما تستمر الشخوص الغربية في تعالقاتها العاطفية المختلفة في"ملعب"أخْلِيَ من أصحابه الأصليين كيْ يُكْمِلَ هؤلاء الغربييون الحالمون ذوو الحساسية المرهفة لعبهم في راحة ورُواء رومانسيَيْن ...
وقد نلاحظ الآن النهجَ نفسَهُ يسلكه المَعنيون بشؤون الناس في البلد عندما يخصصون بعض مناطق أمزيغ الجبال بالسياحة الداخلية أو الخارجية الى درجة أنكَ اذا بَحَثْتَ في مدينة أو بلدة جبلية صغيرة مثلا عن الانسان الذي قُـدّ جسمُه ووجهه من صخور منطقته الوعرة فإنكَ ستجد صعوبة في العثور عليه أثناء ذروة آشتعال الموسم السياحي صيفا وثلوج شتاء..والشيء نفسه يُقالُ عن الكثير من مدننا التي شاءتِ الارادة السياسية الاقتصادية تخصيصها لأغيار يدفعون أكثر عوض أصحاب الدار..لنصل الى نتيجة مفادها أن المعنيِّينَ الحاليِّينَ يعيدون إنتاج السياسات والسلوكات نفسها التي آنتهجها المستعمر سابقا مما يجعلنا نطرح أكثر من علامة استفهام كبيرة في الموضوع ...
والعجيب هو أن نرى هذا التهافت على هذا الغربي ليُمَثِّلَ البلدَ في تغييب أخالُه مقصودا لأناسه ومُوَواطنِيه..فما معنى أن ينخرط المركز السنيمائي المغربي مثلا وهو الهيئة الممثلة للفن السابع في البلد في تبعية لم يُشاورْ فيها أحداً عندما اعْتَبَرَ بعض الأفلام التي أنْتِجَتْ في المغرب مغربيةً ليتم الزج بها ضمن مشاركة مغربية وهمية كما حدث مع فيلم:"عطيل"لصاحبه أورسن ويلز انتاج 1952 وغيره..فهل فيلم "عطيل" مغربي فقط لأنه صُوِّرَ بصَويرَةِ المغرب..أيكفي حضور مكان يرونه غرائبيا وسحنات دهماء مجدورة وفضاء رحيب مترع بالأحلام لإثبات وجود هوية ما أم أن مقاربة القادمين من هناك راموا بطاقات بريد سياحية فعثروا عليها مختزلين هوية حضارة عريقة متجذرة في آلتاريخ وجغرافيا متنوعة في مجرد ديكور خارجي فقط؟؟هل كُتِبَ على الممثلين المحليين أن يشغلوا وظيفة الكمبارس في سينما الغير وفي بلادهم؟وهل يكفي مثل هذا الحضور السطحي الهش من أجل زعم وجود سينما مغربية محضة بتوابل تعكس بصمة جينات تامغربيت ؟؟
تدور أحداث فيلم "Casablanca" في مَلهى ليلي يديره أمريكي يُدعَى ريك بلاين
(همفري بوجارد)الذي يقع في حب "ليزا" السويدية "أنجريد برجمان"و و..البقية نعرفها جميعا...
لقد بلغ إعجابنا بكل هذا الجو"الرائع الرومانسي"ذروة كبرى فطفقنا نتبع الرؤية الغربية في انطباعاتها وتحليلاتها واعجابها بالفيلم سائرين ببداهة غريبة في ركاب هذا الاعجاب الذي أُرِيدَ له أنْ يكونَ عالميا تتوارثه الأجيالُ جيلا إثر جيل حتى وصل هذا الافتتنـان بالفيلم _وهنا المشكلة_الى درجة انتاج العاملين بالسينما في المغرب مثلا دزينة من"الأفلام"وأشباه الأفلام كلها تحمل اسم"الدار البيضاء"أو تتعالق وإياه اما ترادفـا أو تضـادا..ومَسْحٌ بسيطٌ لبعض هذه العناوين يُظْهِرُ أثرَ"صرعة"الفيلم الهوليوودي ومدى أثرها في أعيننا الحسيرة وقلوبنا المهيضة:
_حب في الدار ابيضاء
_الملائكة فوق الدار البيضاء لا تحلق
_الدار البيضاء باي نايت
_كازا نيكرا/الدار السوداء
.. وو القائمة يعرفها المغاربة الذين أُجْبِرُوا على مُتابعة هذا النوع من الهشاشة السمعية البصرية المتحركة والرذاءة المسماة"سينيمائية"من خلال فرضها على الأُسَرِ داخل بيوتاتهم عبر الشاشة الصغيرة التي يدفعون ضرائبها شهريا..مع آدعاءٍ لا يخلو من صَلَفٍ لهذه الأشرطة بوجود هاجس في تقديم الوجه الحقيقي للمدينة، و"ارادة" يتشدق بها أصحابُها ومَنْ وراءَهم في الصحافة والاعلام برغبة في تصوير معالم فضاء مغاير لفضاء الفيلم"الأسطوري"ورفع شعار الواقعية ومعايشة الهموم اليومية للمدينة، لكن جل هذه الأفلام راحتْ تركز على جوانب آستهلاكية معينة تُدِرُّ دخلا في جيوب التجار المُنتجين كآستحضار تيمة"الجنس"والبوهيمية والفلوكلور دون التغلغل العميق في المشاكل الحقيقية للسكان الحقيقيين الذين أُرِيدَ لهم أنْ يكونوا أهالي فقط يظلون على هانش الهامش في جل الأفلام هم دائما عُمْلةً وعمالة رخيصة تُستغلُّ دون أن يعبر المنتجون والمخرجون عن صوتهم وصورتهم الحقيقية الأصيلة بطرق فنية سينمائية تحترم خصائص لغة الفن السابع وتحترم المشاهد الذي توجه اليه مثل هذه الرسائل السمعية البصرية...
يمكن أن نفهم هذا النزوع النشاز وهذا النوع من الميل الى التعبير الإيكزوتيكي من أجنبي، لكن رؤية"ابن البلد"لأمكنة بلده ومدينته بطرق فجة سطحية مستوردة من عقد غربية يضع أكثر من علامة تعجب وآستفهام...
فيلم(الدار البيضاء)يُقرأ وتُفهم دلالتُه في تاريخ إنتاجه بقصته العاطفية وتعالقاته العالمية في مكان مُحايد أريدَ له أن يكون خال من المشاركة الفعلية في انتاج وظيفة دلالية معينة.انه مكان اللقاء والفراق..محطة من المحطات يستريح فيها المَلاحون الغربيون في آنتظار رحلة جديدة لمكان شبيه أو مغاير حتى تضع الحرب أوزارها ويعود المغتربُ الغربي الى بلده الأصل مُعَزَّزاً مُكَرَّما وفي جعبته الكثير من الثقة في النفس وكَثير من الحكايا التي سيحكيها لأطفاله القادمين عندما يبلغ من العمر عتيا عن بلد هناك يوجد وراء بحار سبعة بين سماء وأرض تتناغى في أجوائه الأحلام تتهادى الأطياف السحرية بالحب بالعشق بالهيام..بلد مدينة النحاس ومحاكم الجن وليالي علاء الدين وجنائن جلنار وغيرة شهريار وحذقة شهرزاد بلد النهارات القائظة المشمشة الرائقة..الدار البيضــــــــاء..



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دُوسْتِي
- دُون كِيشوت
- مُتَرَددٌ خَائِبٌ أبَدًا
- الرموز في قصيدة آلرؤيا
- جُو كْلِيكْ آلْكُولِيكْ
- حَيَارَى نَحْنُ..؟؟..لا..!!..
- اَلْمُتَمَرِّدُ
- عَسَاهَا يَوْمًا
- عُيُونُ آلذِّئَابِ تُومِضُ كآلنُّجُوم
- خُ يَ لَ ا ءُ آ لْ عَ دَ م
- مُتَلازِمة تشيخوف
- حُلْمٌ كَفِيف
- اِكْتِفَاء
- جُلَّنَارُ
- آلِهَةٌ أَمْ شَيَاطِين
- حَريقُ آلِارْتِقَاء
- أَنْهِيدُونْيَا
- الهايْبُوثَلامُوس
- فَرَادِيسُ مَفْقُودَة
- مُتْ قَاعِدًا


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - تَجَاعيدُ البَيْضَاءِ، بخصوص فيلم:(كَازَبْلَانْكَا)