أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - على سبيل الفرض والافتراض ح4














المزيد.....

على سبيل الفرض والافتراض ح4


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7325 - 2022 / 7 / 30 - 01:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذه الصورة كانت الأكثر تشاؤمية مما يمكن أن يبتدعه عقل الخيال البشري إذا أراد أن يلبس النظارة السوداء، أما إذا كان متفائلا ومنسوب البياض في عقله مرتفع قليلا فيمكن أن يكون المشهد كالآتي، فقد ذاع صيت محمد الجميل بين القبائل في الصحارى والوديان والحواضر أن نبيا قد أرسله الله للناس، ينبع من بين أنامله ماء زلال وخير حلال، يضيء وجهه بالفرح نهارا وبالليل نورا، لا يظلم عنده أحد وتخدمه ملائكة السماء، مسدد في الأرض ينطق له الحجر وتلعب في زمانه الأفعى مع صغار أفراخ الطيور، وترعى الشاة مع الذئب الجسور، وكل للأخر حفيظ وصديق، فتسارعت وسارعت حشود المفتونين بهذا الحديث لنيل بركات النبي الجديد يستضيئون بنوره ويتباركون في قدومه، وكل له عاشق ومريد.
لقد عاشت قريش ومكة مكمنها عصر الذهب والفضة والخير يجبى لها ببركة العبد الصالح الذي ظهر فيها، لم يعد هناك عبيد ولا فقراء ولا مظهر من مظاهر الظلم والعنت، الجميع يشكر الله صباحا ومساء يعبدونه ولا خيار لهم غيره، حتى أن شوارع مكة وطرقاتها أضحت من الخير كأنها صروح ممردة من قوارير، حتى تلك الجبال الجرداء صارت جنات نعيم والواد الأجرد تحول إلى جنات وعيون ومقام كريم، من يدخل مكة حاجا أو تاجرا ليس له من خيار غير الجلوس فيها لولا العيال والأموال والولد لصارت ملجأ لكل الناس، وجوه يومئذ ناظره ناطره حاسره ومتحسره على ما فاتها من عصور الجاهلية يستغفرون لمن سبقهم من أباء وأجداد وأسلاف، الوفود القادمة من أصقاع الأرض تتوافد كالرتل المتبوع، يدعون الرسول والمؤمنين كي يحطوا رحالهم ولو لأيام في ديارهم، وما من مجيب فلا أحد يمكنه أن يفارق مكة ولو لساعة، ولا أحد يرغب بالهجرة والخروج ولو كان للدعوة والتبصير.
هكذا عاشت مكة حتى جاء زائر الحتم ورسول الله الذي لا بد منه ليخبر النبي، "أن الله أشتاق لرؤيته في الجنة ليمنحها بركة قوق البركة"، وأن نداء الله حق لا مراء فيه ولا أختيار، أستيقظت مكة مذهولة مشلولة خائرة القوى وقد أعلن أل محمد ألتحاق النبي بركب السماء، وقد ترك فيهم كتاب الله وعترته إن كانوا مع الله صادقين، فأهتزت أركان البيت وأضرب الناس عن الطعام والماء كأنهم في صيام عن الحياة، وكيف لا يفعلون وقد فقدت سماء الإيمان شمسها وقمرها المنير الذي أضاءت له السموات والأرض، فجاءت وفود المعزين من كل فج عميق والدموع مدرارا، والقلوب أرهقها الحزن والنصب يبايعون من أختاره النبي من بعده لتمضي مسيرة الله في أرض العروبة.
هذه الصورة قد اكون خيالية بمنتهى الرومانسية التاريخية ولكن ما وردنا من وقائع تاريخية لو جمعت ستكون قريبة منها، خاصة عندما يتعالى مخرج الصورة عن بعض الأحداث والوقائع السلبية ويبرز للقارئ البسيط الوجه الحميل من تاريخ غير جميل، المهم كانت هذه الصور والتي من قبلها والتي تعني في مضمونها العام أحتمالات ظنية تحت العنوان " ماذا لو لم يخرج الإسلام من مكة" وبقي محصورا فيها لا شرق ولا غرب، هل مثلا شهدنا الكثير من الأحداث المختلف عبيها من الغزوات مثلا أو ما سمي لاحقا بالغزوات، الهجرتين للحبشة والهجرة للطائف والهجرة للمدينة، صراع المهاجرين والأنصار، فتح مكة ودخول سادة قريش مرغمين في دين طردوه باكرا من ديارهم ظنوا أنه لو أغترب نجوا.
لقد كان خروج الدين من طرقات مكة سالكا الوديان والشعاب قاصدا أرض النخيل والماء في يثرب، بداية لتحولات كبرى ربما لو عاشرها وعاصرها المؤرخ الموثوق العلمي الأرشيفي، لقرأنا الكثير مما تم إخفاءه أو طمسه، لأسباب وعلات ودوافع وغايات جلها وأكثرها صراع بين أهل مكة من الأولين ومن الأخرين، من المحررين ومن الطلقاء على الزعامة والرياسة وبيت المال، لم تكن مكة بعمقها التاريخي والديني سوى لعنة المال والتجارة والسيادة، حين دخلت للإسلام مرغمة صاغرة منكسرة ذليلة، فأذلت بعد ذلها الدين وأهل الدين.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على سبيل الفرض والافتراض ح3
- على سبيل الفرض والافتراض ح2
- على سبيل الفرض والأفتراض
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 21
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 20
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 19
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 18
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 17
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 16
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 15
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 14
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 13
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 12
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 11
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 10
- مذكرات ما قبل الرحيل ج9
- مذكرات ما قبل الرحيل ج8
- مذكرات ما قبل الرحيل ج7
- مذكرات ما قبل الرحيل ج6
- مذكرات ما قبل الرحيل ج5


المزيد.....




- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - على سبيل الفرض والافتراض ح4