الملكية العضوضة والشعب الأعزل فكرياً - علي السوري الجزء الرابع 12-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 8423 - 2025 / 8 / 3 - 00:19
المحور: الادب والفن     

شعب أعزل فكرياً..
نسي معنى المدنيّة..
سحق ذكر علي وعمر
تحت نعال الهمجيّة
*****

شعب أعزل فكرياً
قتلته الحرب الأهليّة
سرقت منه خبزه
علمه
فنه
كان سلاحه أغنية
أصبح رضاً نفسيّاً!
*****

صلوا بكل لغات الأرض
لشعب أعزل فكرياً..
صلوا..
لتعود الأمراض النفسية..
ومن والاها
والضعف نقاء..
وإلا نبقى
كما اليوم:
حزنُ المنطق
أو إجرام الهمجيّة..

لا حرية
ولا مدنيّة
وحده الرض النفسي
يُوَّزَّعُ عدلاً
على كل ضمير
بكي الأرض… الحلم.. الثورة
باِسم قضية..
فباع قضية!



************

-من وجهة نظر الطب النفسي، فإن الرض النفسي الذي حدث في سويداء القلب وقبلها في الساحل الغالي لا يمكن أن يعبر إلى جهنم الصمت ولا إلى جنة السماء.. بل سينتقل أبداً عبر الأجيال.
سوريا تقسمت منذ اِستبيحَتْ البيوت، النساء، والأرزاق.. هل ستتقسم على الخريطة، تحصيل حاصل…
-ما رأيك؟ عقد عمل بطبيبة أمراض نفسية بمدخول رائع بين الخليج و سوريا..
-ربما في مستقبل أفضل، اليوم طبعاً لا..
-لا، لماذا؟ الاكتئاب يأكل السوريين أكلاً، والظلّام في كل مكان.. وحده الرض النفسي يوزع بعدالة اجتماعية على المكونات السوريّة..
-لا أعتقد ذلك.. حتى الأمراض النفسية تهرب من سوريا.. ما ترونه إما اكتئاب منطقي عند الأنقياء، أو قلة أخلاق عند الفجرة المتجاهلين كل ما يحدث من ظلم…
لا حاجة لأطباء نفسيين، بل هناك حاجة ماسة للتعريف بالطب النفسي، كي لا يركب حزنه قليلو الأخلاق.. ولهذا وظيفتي ككاتبة هي الأهم في سوريا اليوم.. أصحاب العقول والأقلام هم جزء قوي في معادلة الحل.
************

يسأل بعض المثقفين والمتثاقفين السوريين اليوم: "أيّ مجتمع نريد؟"
من وجهة نظر الطب النفسي السياسي لا يُطرَح سؤال كهذا على "الأفراد والجماعات"، بل على التكفيريين وجماعاتهم.. فهم من يقامر بالبلاد وأهلها اليوم.
كذلك لا يمكن أن نسأل هذا السؤال نحن المقيمون في الغرب العلماني المكفّر.. ندعو للعلمانية سراً وبين السطور، بينما نتزلف للاستبداد باسم الدين ولحكومات بلون واحد، ولنساء بلا صوت.
عزيزي المثقف السوري:
الشعب بأقسامه الكثيرة مستباح، يخشى مغادرة منزله في المساء.. الفتيات يخطفنّ لكونهن ورثنّ اسم طائفة ما..
شباب كثر يُقتَلُون وأكثر يُذَلُون.
الجوع، الظلم والظلمة، الفقر، القهر، التعب، ينهش مستقبل الجيل الضائع نهشاً.
لذلك يا رفيق، وقبل أن تضع المسؤولية التاريخية على عاتق شعب مقهور أو ضائع..
تعال احملها، كن صريحاً ومباشراً في مطالبتك بمجتمع مدني ديمقراطي، مجتمع حرية، تعدديّة ومساواة.. مجتمع لا يضيع فيه دم الأبرياء، ولا تستباح منازلهم.
مفردات التنفيس عن ( الإيغو)، ثم نفخه.. لا تنفع ولن تبقي منك في المستقبل إلا ورقاً للفّ خبز الزيت والزعتر.
عزيزي المثقف: ارتقِ وقل للجميع أي نظام تريد؟
"الملكية العضوضة" غاية تبرر الوسائل..
الإبادة كوسيلة سريعة،القنص والخطف وسائل أخرى..

-الحل بتغيير الغاية.. عندها فقط تتغير الوسائل.
************

في وقت انقسام سوريا، وحزن أبنائها.. رحل زياد الرحباني.. أردتُ أن أودعه يا عليا.. أردت أن أقول له أجمل جملة وداع لكنني لم أستطع…
-بأمان الله…أجمل جملة وداع سوريّة.. لكنها خُطِفَت ككل شيء جميل في بلاد حد السيف.

أيضاً أردتُ أن أخبره أن مكانه قد بقي فارغاً، و سيملأه الشيوخ آجلاً أم عاجلاً..
هل تعلمي، عرفت مؤخراً أن المظلوم لا يلجأ إلى الشيوخ ليحموه، بل لأنّ طريقه إلى الله أصبح مستباحاً أو متروساً بألغام ورصاص الاستبداد، عبر التاريخ هكذا بدأت مهنة الشيخ…

-أما أنا يا عليّ، مقتنعة تماماً بأننا على موعد مع زياد آخر، بأننا سننهض ونستمر وأن الفن باقٍ في الشرق بقاء الله وأديانه…
لقد أعاد زياد الرحباني ثقتي بكثير من المثقفين والمتثاقفين..
هم حزينون عليه، تخيل -ولله الحمد- لم يخلطوا بين موقفه السياسي -الموقف الذي يشبحون بسببه على غيره- وبين إبداعه وفنه.

كتبتُ في ذلك اليوم:

زياد الرحباني في طريقك إلى السماء، أَوحِ لشبابنا وشيبنا:
"السياسة لعبة كبار، ونحن صغار ضحاياها"
شبابنا الجميل:
نحتاج زياداً "جونير" ليتكئ جيلكم المتعب عليه.. جيلنا سيظل يردد:
"الواحد لازم يكون ذكي حتى يضحك على نفسه، مش كل الناس عندها هالذكاء."
غنوا، اكتبوا، اسخروا من هذه الحياة القصيرة..
مدوا لسان كلماتكم في وجه الجهل و التخلف..
ولتكن حيواتكم حلقات من الاستمرار الساخر الجميل.
زياد الرحباني إلى اللقاء.
البقية بحياتك فيروز الدار.



يتبع…