عمر وعلي - علي السوري الجزء الرابع 2-
لمى محمد
الحوار المتمدن
-
العدد: 8330 - 2025 / 5 / 2 - 00:22
المحور:
الادب والفن
لم يكن ما مر به علي في الأيام السابقة سهلاً، لقد اختبأ في قبر الشيخ العلوي حتى جاء عمر.. ناداه:
-علي اخرجْ، لقد غادر الهمج المنطقة.
خرج علي، احتضنه عمر كأب يوّدع ابنه قبل خدمة جيش إلزامية.. ثم أخذه إلى بيته، أعد له الطعام كما تفعل الأم مع ابنها العائد من الحرب..
علي لا يقوَ على الكلام، كتب لي كان هذا صعباً، لكن الأصعب هو عدم قدرتي على البكاء… لقد تحجرت عيني كرصاصتين.. وفقدت نظرتي.
*******
-إننا في آذار عام 2025 ومازلنا بيادق رقعة الاقتصاد العالمي.. هل تعتقدون أننا في سوريا نحتاج المال؟
لا، بل الأمان.
هل تعتقدون أن أول ما يجب أن يحدث هو رفع العقوبات؟
كلا، بل الإفتاء بتحريم القتل والخطف.
الحل في سوريا يبدأ من المدنية والعلمانية.. يبدأ من تسمية الأشياء بمسمياتها..
كل العالم يعلم أنهم يستهدفون أبناء الثقافة العلوية، ماذا فعلنا؟ شاهدنا ونشهد على تحول سوريا إلى مشروع صيدنايا كبير.. لا يجرؤ فيه عبد على التضرع لله بصوت عالٍ..
هل هذا من الدين في شيء؟ طبعاً لا.
لذلك اقول كابنة الثقافة الدرزية:
اليوم العلويون، بعده الدروز، ثم الكورد والمسيحيين، الإلغاء لن يجلب إلا مزيد من الدماء والخراب.
أتذكر صديقة لي اسمها عبير، قالت يوماً: “أنا بسيطة.. درويشة (إذا بدّك).. لا أفهم كيف تغرق البلد في الدماء كي نستبدل استبداد سياسي باستبداد ديني.”
وأخجل من أنني قلت لها: أنت تتكلمين هكذا لأنك علويّة.
لقد كانت على حق، ومعارضتها الجميع كانت حقاً أيضاً.
قاطعت سناء كلام أليس:
-أليس أنا أفهم قصدك، لكن الكلام عن الطوائف وتسميتها لن يجلب إلا الخراب، انظري إلينا نحن السنة العلمانيون، نحن أقلية أيضاً.
-لا أعتقد هذا يا سناء، يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها..من يُقتَل ويخطَف اليوم هو العلويون، نحن في أول آذار يعني ظلمهم مستمر من حوالي ثلاثة أشهر، مع صمت وتعتيم عالمي، لماذا؟ أنا وأنت وجميع أبناء الثورة يعرفون أن كثيراً منهم رصوا صفوفنا في المظاهرات، وأن النظام السابق لم يكن علوياً.. بل لمّ المستفيدين والتجار من جميع الطوائف.
-أعرف، لكن صمت العلويين تسبب في ظلم كبير…
-أي صمت، أنت بذاتك التزمت الصمت بعد عام 2014 وقلت لي بالحرف الواحد: سأعمل أن أكون مفيدة لمجتمعي بدلاً من أن أموت.. أن تكون في الداخل السوري وتستمر معارضاً هو نقش لشهادة وفاتك..
لقد صدقتِ يا سناء، فلا تسمحي لدوائر الكراهية أن تلف إنسانيتك.
*******
-كيف أصبحت قصة قابيل وهابيل عبرة لأجيال واستفادت منها البشرية.. بينما لا زال العرب يرزحون تحت وطأة قتال هاشم وأمية وأحفادهما.
-لا أعرف ولا يهمني، المهم اليوم أن يتوقف حمام الدم هذا.
-آمين، لن تأكل اليوم أيضاً؟ متأكد أنك بخير؟
-بخير، كلمة كبيرة، حلم بعيد، الحمد لله مازلتُ حيّاً أرزق والقصة معي.. لا يستطيع أحد محوها، كل الشكر لك، لولاك لا أعرف ما الذي كان ممكن أن يحدث..
ابتسم عمر بخجل:
-تمزح؟ نحن أخوة، أنا أكثر من يعرفهم منذ قتلوا أبي في عام 2016.
-لم يكن في رجولة أبيك يا أخي، الله يرحمه.
-تعيش، الله يرحم أبوك.. كان شهيد التشرين أليس كذلك؟
صمت علي، نظر إلى عمر بود، ثم بدأ بالبكاء...
يتبع…
#علي_السوري