حلف الأقليّات -علي السوري الجزء الرابع 7-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 00:49
المحور: الادب والفن     

أحمقٌ أخرقٌ معتزٌ..
جاء من بيئة أبي جهل ولهب..
يمسكُ الدين من رقبته
وينادي: حلالٌ إذا ما ذبحناه حلال..

أكلو جميعاً من “الحلم”..
وسال الدهن على بقية الرعيان..

قالوا:
أماناً عليكم، لمَ تخافون؟

وقلنا:
ماضيكم لن يُمحَى بحاضرٍ مستمرٍ
لن تقدروا على توحيد شعبٍ حتى تغيّروا مفهوماً ضحلاً عن الحلال!
****************


في 22 حزيران عام 2025، دخل إيليا بيت هبة باكياً.. قال لها..

-اقتحم وحش بشري كنيسة مار الياس الجميلة في دمشق وصوب رصاصه إلى قلوب يسكنها الله.. فجّر نفسه في مصلين اختاروا الله ملاذاً ..
لقد كنتِ محقة، لم تنته الثورة بعد، لا يمكن لها أن تنتهي الآن.

فقدت هبة القرة على النطق وبدأت معه بالبكاء..
ملأت الأخبار الفضاء الافتراضي، عشرات الشهداء والجرحى وكثير من القصص المؤلمة التي ستبقى في ذاكرة شعب سوريا الطيب إلى الأبد.
واحدة من قصص ماحدث يومها تحكي عن أبطال من المصلين رموا بأنفسهم فوق الإرهابي ليمنعوا التفجير أو ليحدوا من قوته.. وقصص أكثر تحكي عن ألم الفقد واستمرار استباحة أي مختلفٍ في سوريا لا تشبه السوريين.

في ذلك المساء وفي المحاضرة الأسبوعية ل هبة قالت:
جزء من مصيبة ما يحدث هو أن الطرف الآخر في المحرقة السوريّة حالياً لا يقرأ وإن قرأ لا يفهم وإن فهم يفهم نصف حديث ويرى وجهة نظر سوداء لا غيرها.
عندما مرت مجازر الساحل آذار الأسود 2025 ضد أبناء الثقافة العلويّة من دون حساب، قرأنا والطرف " الآخر" الفاتحة..
هم قرؤوها عادة و لإسكاتنا.. ونحن قرأناها على أرواح الأبرياء وعلى حلم وطن..
ألف رحمة ونور على شهداء التفجير الإرهابي لكنيسة مار إلياس في سوريا.
****************

“نحن في زمن أغبر يعلّم أولادنا في الشرق والغرب أن المال هو السيد وهو الغاية لا الوسيلة.. أي مستقبل ينظر الأجيال القادمة ونحن نرزح نحت سقف التهديدات شرقاً وغرباً…
لم يعد في سوريا ولا في أمريكا مكان لشخص غير متحزب، أخاف يا عليا على الأطفال وأفكر أنني أخطأت بتبنيهم.. ثم أعود وأحلل: لو أنني لم أفعل لكانوا الآن في عداد المفقودين.
لا مكان للطفولة في بلدان الشرق ما لم يحمها حزب ما، يا للألم.

مكسور الخاطر أنا يا عليا.. كسرتني المعارضة التي انتميتُ لها لنرفعَ الظلم والبؤس عمّا تسميه أنتِ عش هجرة وأسميه أنا مقبرة الأحلام…
المعارضة السوريّة باعت البلد سابقاً ولاحقًا، وقلة منهم من نطق وينطق بالحق في زمن ترهات الطوائف وسطوة النفط والمال.
هم يسموننا الآن حلف الأقليات، أنتِ السنيّة العلمانيّة وأمثالك معنا في هذا الحلف، بينما من الجدير بهم أن يسموننا موزاييك سوريا الذي يطردوه يومياً من حلف التعصب الشيشاني الأوزبكي الاغترابي السلفي الجهادي..
يحددون لنا طول “ الشورت” و المحترم من اللباس، بينما يتأرجح أماننا مفجوعاً بين الخطف، القتل والتفجير. “.

انتهت رسالة علي، قرأتها وفي قلبي رسائل كثيرة مكسورة الخاطر والحلم أيضاً.. ولكنني على ثقة أن النهاية لم تأتِ بعد والثورة لم تنتهِ بعد، ومن يستحقون تلك البلاد سيعودون وسيحولونها إلى وطن!
****************

سنتفاوض تحت الطاولات فصواريخ القتل تمرّ فوقها، وليس سهلاً يا حبيبي اقتراف أفعال المحبة، ومنها التفاوض.
سنتفاوض تحت الأنقاض، وبينما تقول لي:
-لماذا أعدتِ ذات الخطأ، نسمع أنين طفل يموتُ منسيّاً في زمن الحبِ لمشاهير الهز واللمز وحدهم!
سنتفاوض تحت الأرض، بيننا عالم البرزخ حيث بيتي وبيتك واحد.. ومع الحشرات أحفاد الديناصورات العظيمة!
سنتفاوض مع القاتل مقتولاً ومع المقتول قاتلاً..
وعندما ننتهي من بيع السلاح..
سنلمّ أصابعنا وبقايا أحلامنا ونوسع المكان ليتفاوض الملوك.


يتبع…