اتصالٌ من الرئيس السابق - علي السوري الجزء الرابع 5-
لمى محمد
الحوار المتمدن
-
العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 22:50
المحور:
الادب والفن
-اتصل بي الرئيس السابق، قال أنه نادم جداً على عدم فتحه لسفارة أولاد العم، وعلى عدم دبلوماسية النظام في التعامل مع أغلب دول العالم وخاصة الدول الجارة.. قال إنه لم يهرب، بل خُدِعَ.. قالوا له أن يغادر لخطة ما، بينما باعته الدول الكبرى ونظامه في لمح البصر.
قال إن الحرب بدأت بخط غاز لم يقبل فتحه، وبقضية لم يرضَ أن يبيعها، لكنهم دفعوه بدهاء لدخول اللعبة والسباحة معهم في بحر من الدماء، الفقر والجوع. يبدو أن الطريق الوحيد لبيع الأرض والقضية كان نشوء د ا ع ش.. ولعبوها بذكاء فاق نرجسيته.
-يا له من منافق! ولماذا يتصل بك؟
-اتصل بي لأنني سنيّ محسوب على المؤمنين بالقضية، أستطيع أن أكتب مقالاً عن الموضوع، من دون أن يقتلني أحد بجرم موروثي.
- لكننا هاجرنا من قبل خط الغاز، وسجنّا من قِبل نظامه الساقط… يا لنفاق من يستلمون المناصب في بلداننا يا رجل.. يا لنفاق هذا العالم!
كل الناس تعرف أن الدول الكبرى لا يهمها الحرية ولا الديمقراطية، وأن مفهوم السلام والتسامح الذي ينادي به كثيرون هو عباءة فضفاضة يختبئ تحتها النفط، الغاز، وتجارة البشر.. طالما دولكم دول استهلاك، عمل واستفادة لنا، ستبقون بخير.
-وما الخطأ في أن نبقى بخير يا رفيق؟ ألا يحق لنا أن نحيا؟
-طبعاً، لكننا أقوياء إن توحدنا ولسنا في حاجة أن نصبح مداساً.. لقد وصلنا الأندلس في القديم…
-طيب.. لمَ لا نرجع بالعلم والطيبة، بالحب والتسامح مع الجميع، لماذا على أولادنا وأحفادنا أن يهاجروا أو يتهجّروا؟ نحن نستحق الاستقرار والسلام وبعدها نقوى.
-أتمنى ، لكن من يعيش في أمريكا يعرف أن شعبها يعيش فوق العالم بأكمله، كي تعيش هكذا.. على النخبة أن تعمل ليل نهار، فتفقد القدرة والوقت على فهم ما يحدث في العالم، بينما يتحزب البسطاء في جماعات دينية -غالباً- يسيّرهم رجال دين مسيّرون من قبل الأنظمة العالميّة.. لهذا ترى الصمت على ما يحدث من مجازر.. ببساطة لا أحد يعرف ما يحدث، والأسباب عديدة.
احكي لي بالتفصيل ما حدث…
***************
في نفس الزمان وغير المكان:
عبير:
-فيما نحن نتحدث هناك نساء مخطوفات في سوريا يتم الاعتداء عليهن، بعضهن يعاد بقصص أفضل من “كليلة ودمنة” ، هناك عائلات تتم تصفيتها.. وأطفال يُختَطَفون..
بينما يصمت كل من لم يزر الموت بيته.. يصمتون بخوف سيجد دوره في المحرقة…
جميلة:
-أين شرف السوريين والنساء في سوريا تُختَطفُ وتستباح؟
أين دينهم والفلاحون يقتلون وهم يزرعون أراضيهم لكونهم من أبناء الثقافة العلويّة؟ لم أتصورهم شعب همجي وطائفي إلى هذه الدرجة؟
هبة:
-التعميم دوماً خطأ.. كثرٌ لا يرضون بما يحدث..
جميلة:
-حقاً؟ لكنهم يصمتون بقلة ضمير.. أو يتجاهلون بحقارة.. أو يموتون على دفعات بخوف..
لو كانوا شعباً يستحق الحياة، لصارت حكايات المخطوفات والشهداء.. على التلفاز حديث الساعات والليالي.. وبشكل مباشر.. لكن المستبدين الجدد يعيشون في بلد الكلُ فيها قضاة أما القضاء فمن ضمن المغيبين والمخطوفات.
عبير:
بينما أنا وكثر أمثالي من الأطباء، الكتّاب، و ناشطي حقوق الإنسان يخافون على أنفسهم وأطفالهم من الدخول إلى سوريا ويستمر نفيهم من أكثر من أربعة عشرة سنة من الاستبداد.. تدخل اللحى التي فرقت الشعب وقسمت المقسّم و يحتفى بالنقاب بدل العلم والأدب..
في (سنغافورة) الشرق شعوب مغيّبة ومتثاقفين يتظاهرون بالنوم.
عمّار:
هل كان بإمكان الكُتّاب الأفغان منع ما حدث في أفغانستان؟ الجواب: لا. لكنهم كانوا ليساهموا في منع أو تحديد الحرب الأهلية.
***************
جثة امرأة عارية في شوارع سوريا، لكن الأمل في قلبي يقول: أريد أن أرى طريقاً للخلاص
.
إن المفهوم الغبي -الذي ينادي به بعض المتثاقفين- بمنع أو تسّخيف الحديث في الطوائف هو من صنع الاستبداد والاستعمار.
إن الطوائف لم تكن في عمرها مشكلة، لكن قام المستعمر، ثم المستبد بتغليفها بالسريّة و دق الأسافين بينها، فأصبحت قنابل موقوتة في جيبة المستفدين يفجرونها حينما يشاؤون.
التقسيم الأجمل للوطن العربي: هو بين أبناء ثقافة الحياة: كل من يرى واجبه في تعمير هذه الأرض، كل من دينه معاملة، كل من يجتهد ليصنع فرقاً إيجابياً في حيوات الأطفال والفقراء.. كل من يستخدم عقله لا موروثه في تقييم الآخرين..
وأبناء ثقافة الموت التي تريد تفجير نفسها في أي حلم وكل ضمير.
لكن الطوائف كاللغات والتاريخ واجبة التدريس في المدارس وجعلها موضوع اعتيادي تحت مادة “ ثقافات المنطقة من المحيط إلى الخليج”.
يا أبناء ثقافة الحياة:
يا من تعشقون الفن، العلم، الشعر، الأدب والغناء، بكم تُصنع الحضارات ..
باستثنائكم لا وطن، بل سجن من نوع آخر.. سجن يكبت على نفس الناس ويدّعي -كفراً وبهتاناً- التكلم بلسان الله.
معاذ الله أن نرضى بالقتل، الكذب أو الظلم.
رأيت جميلًةً من سوريا تغني مع عازف سوريّ يحب الحياة، ابتسم الأملُ في قلبي وقال:
بحر، جبل، آثار، ثروات، خيرات، أرض … مع العلم، الفن والأدب.. وباحترام تعددية ثقافات المنطقة من المحيط إلى الخليج ستعمر بلادٌ لا ينقصها أي شيء لتصبح وطناً وملاذاً.
يتبع…