السلطة الدينية والتعايش السلمي


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7844 - 2024 / 1 / 2 - 18:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

السلوك الذي قام به محافظ كربلاء قبل أيام من احتفالات رأس السنة الميلادية، بتهديده العلني بمعاقبة كل شخص يقوم بالاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية، سوى بتشغيل الموسيقى او وضع شجرة الكريسمس، هذا السلوك هو جدا طبيعي ولا يخالف قواعد سلطة الإسلام السياسي ومنهجها، بل هو من صميم تفكير هذه القوى الدينية.

المشهد سيكون غير مألوفاً لو ان محافظ كربلاء قام بتوزيع أشجار الكريسمس، وقام بتزيين الشوارع، ودعا الناس للاحتفال، لو انه اتخذ هذا السلوك نستطيع القول ان هناك خطأ ما، لكنه اتخذ سلوكا صحيحا بالنسبة لمنهجيته وتفكيره الديني وخطه السياسي الإسلامي والطائفي.

الكثير علق على هذه الممارسة السياسية للمحافظ بأنها تقوض "التعايش السلمي"! وهذا تفكير خاطئ جدا، فأي دولة دينية او طائفية مثل ما موجود في هذا البلد، هي بالضرورة تمنع التفكير ب "السلم الأهلي" او "التعايش السلمي"،

وجود هذا الشكل من الدول قائم على أساس الغاء الاخر، بالتالي لا يمكن اجماع الشكل الديني الميليشياتي للحكم مع أي شكل من اشكال السلم والامن والأمان.

محافظ كربلاء عكس بشكل واضح جدا وجه الدولة الحقيقي، والدليل على ذلك انه لم يقم أحد بسؤاله او استقدامه، اذن هو لم يتصرف من تلقاء نفسه او بشكل عفوي، لقد أراد بهذا السلوك ان يحافظ على "خصوصية" المدينة و "قداستها"، ومن خلال هذه "القداسة" يحافظ على شكل الدولة الديني والطائفي، والذي يقود الى ممارسة عمليات النهب والسرقة دون محاسبة او خوف من أي شيء، والنتيجة هي هذه:

هل توجد سرقات او عمليات نهب في مدينة كربلاء؟
كلا لا يوجد.
لماذا؟
لأنها مدينة مقدسة.

طارق فتحي