قصف الإقليم و (التدابير الحازمة)


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7860 - 2024 / 1 / 18 - 20:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

تكاد لا تقرأ بيان يصدر من أحزاب سياسية سواء من داخل العملية السياسية او من خارجها، الا وتختم بيانها بالطلب من الحكومة باتخاذ "التدابير الحازمة" او "اللازمة"، بل حتى الدول الراعية فيما بينها، أيضا هي تمثل هذا الدور، فمثلا عندما يقصف الامريكان سيارة وسط بغداد فان إيران تطلب من الحكومة باتخاذ "التدابير الحازمة" لحفظ "سيادة" العراق؛ وعندما يتم قصف أربيل من قبل الحرس الثوري الإيراني، تبادر السفارة الامريكية بالتنديد والطلب من حكومة بغداد باتخاذ "التدابير الحازمة"، ذات الشيء عن القاصف الثالث تركيا، وهكذا تدار اللعبة.

المشكلة انه لا يوجد طرف محلي-أحزاب، كيانات، منظمات-، ولا إقليمي-إيران، تركيا-، ولا دولي –أمريكا-، من يشرح لنا ما هي "التدابير الحازمة" التي يجب على الحكومة اتخاذها؟ هل معناها ان تقوم حكومة بغداد بطرد السفير الإيراني او الأمريكي او التركي؟ وهل هذا يعقل؟ او هل فيه شيء من المنطقية؟ او قد تكون "التدابير الحازمة" مثلا استدعاء السفراء لتسليمهم مذكرات احتجاج! لكن هذه أيضا سخافة؛ او دعوة سفرائ-نا الموجودين في تلك الدول للتشاور! و "اهو دللي مش ممكن ابدا".

اذن، يا ترى، ما هي "التدابير الحازمة واللازمة"؟

المشكلة الأخرى ان القصف الثلاثي للعراق صار وضعا طبيعيا، فليس في زمن السوداني وحده يقصف الإقليم او بغداد، يكاد لا يخلو أي عهد من رؤساء الوزراء لم يقصف فيه الإقليم او بغداد الى حد ما، فلماذا الضجة؟ هل كان القصف في المرة السابقة مقبول، وفي هذه المرة مرفوض؟

ثم لماذا الإصرار على اصدار البيانات، على الأقل لدى الأحزاب خارج العملية السياسية؟ اذا كان الإقليم او بغداد تقصف بالسنة مرتين او ثلاث مرات، أي انه امر روتيني، بل هو جزء من شكل الحكم الحالي؛ اما اذا كان لتسجيل موقف، فلا بأس، لكن مرة واحدة يكفي لعمل مكرر؛ انه أسلوب ممل جدا وروتيني اكثر حتى من القصف الروتيني، ولا نريد ان نذهب بعيدا للقول انه يبين مدى ضيق الأفق لهذه القوى، وانها لا تملك اية تكتيكات أخرى.

شكل الحكم في العراق تبعي ذيلي، أي ان كل الموجودين من إسلاميين او قوميين هم تبعية لهذه الدولة او تلك، بالتالي لا يمكن حثهم على فعل شيء ما، او الانتظار لفعل شيء ما، وسيبقى الوضع على ما هو عليه، الى ان تتخذ الناس بحق هذا النظام "التدابير الحازمة".

طارق فتحي