هل سيحصل طلاق بين أمريكا وسلطة بغداد؟


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7851 - 2024 / 1 / 9 - 18:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

تتأرجح العلاقة بين قوى الإسلام السياسي في بغداد وبين الصانع والخالق والمربي لها الولايات المتحدة الامريكية، الا انها اليوم قد وصلت لمديات بعيدة، وربما تصل حد القطيعة والانفصال التام، من يعلم؟ فالأمور تزداد تعقيدا يوما بعد آخر، خصوصا وأن حرب الإبادة التي تشنها أمريكا وإسرائيل والغرب على غزة مستمرة، فهذه الحرب أوضحت بشكل جلي الاصطفافات، وبينت بشكل أكثر وضوحا المعسكرات الدولية والإقليمية.

قطعا فان الإدارة الامريكية حريصة على عدم توسع رقعة الصراع، فأي توسع من شأنه ان يذهب بالمنطقة الى مجهول لا يمكن تلمسه، لهذا فأن مسك وضبط الصراع هو الغاية والهدف الأكبر بالنسبة للإدارة الامريكية، رغم ذلك فالأمر أكثر تعقيدا، فالأمريكان واقعين بمأزق كبير، من جهة يرون ان المعسكر الإيراني يهدد بتوسعة الصراع، فهذا المعسكر قلق على تواجده الإقليمي، وحماس أحدى ادواته، والتي يريد المعسكر الأمريكي القضاء عليها، ومن جهة أخرى فأنهم لا يسمحون بضرب قواعدهم وتواجدهم العسكري، وفي حال قصفت قواتهم وقواعدهم، فأنه يجب عليهم الرد، باعتبارهم اقوى قوة عسكرية بالعالم؛ واذا تم الرد، مثلما نرى، فأن المعسكر الاخر سيرد حتما؛ وهذا هو المأزق.

المشكلة أن اللعبة مستمرة على هذا المنوال منذ ثلاثة أشهر، لكن قد تنزلق الأمور وتفلت من الايدي الضابطة لهذا الإيقاع، وهي من الممكن جدا ان تنحدر الى الأسوأ، فالرد الأمريكي الأخير على قصف تواجدهم في أربيل، والذي أصيب فيه ثلاثة من جنودهم، أحدهم بحال خطرة، نقول الرد كان موجعا للفصائل المسلحة، بعد مقتل قياديان منهم، هكذا حوادث قد تأخذ منحى تصاعديا، من هذا الطرف او ذاك، مما يؤدي لتصعيد خطير لا يمكن لجمه.

سلطة الإسلاميين تدرك جيدا خطورة هذا الوضع، فقد انقسمت الى قسمين-بات ذلك واضحا- قسم يصعد بالأعمال العسكرية ضد القواعد الامريكية، وقسم يطالب بشكل "قانوني" اخراج قوات التحالف وإلغاء كل الاتفاقيات السابقة؛ وهكذا يديرون اللعبة، فهم يخافون على مصالحهم وعلى بقائهم في السلطة، وبهذه اللعبة يعتقدون انهم يرضون رعاتهم.

الامريكان من جانبهم لا يوافقون على وضع مثل هذا، يدركون انهم تحت ضغط شديد، قواعدهم وجنودهم بخطر حقيقي، الطلب من حكومة شياع السوداني "تحمل مسؤوليتها بالحفاظ على القواعد والبعثات" غير واقعي، فالرجل خرج من عباءة القوى الميليشياوية الخالصة، بعد أوضاع سياسية سيئة لحقت بقوى الإسلام السياسي، اذن فما الذي يستطيع عمله؟ حتما لا شيء.

الغريب ان الامريكان كشفوا عن تعاون وثيق جرى بينهم وبين حكومة بغداد بعد مقتل القياديان، مما جعل الحكومة تسرع بنفي أي تعاون، وهذا يستدعي تساؤلا محددا:

هل يدق الامريكان اسفينا بين المؤسسة العسكرية وبين الفصائل المسلحة؟ هل يعدون لسيناريو معين؟

طارق فتحي