الانتخابات ما بين المقاطعة والمشاركة


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 7827 - 2023 / 12 / 16 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

(المقاطعة هي وسيلة من وسائل النضال التي تهدف مباشرة إلى الإطاحة بالنظام القديم، أو في أسوأ الظروف، على سبيل المثال، عندما لا يكون الهجوم قوياً بما يكفي للإطاحة، فانه يُضعفه إلى الحد الذي يجعله غير قادر على إقامة هذه المؤسسة ويجعلها غير قادرة على العمل.) لينين.

هذه الرؤية التحليلية الصارمة والحادة جدا هي الأفضل مما تقرأه في الادبيات الماركسية حول قضية المقاطعة، خصم يريد إعادة انتاج نفسه، لا يجد اية وسيلة سوى الانتخابات، فهي بمثابة جهاز إنعاش لمريض يعاني سكرات الموت.

صحيح جدا ان المجتمع ليس في وضع منتفض او هجومي، لكنه يمتلك أداة عزل هذا النظام الفاسد، خيار المقاطعة، فهذه الأداة تضعف الخصم، تزيد من معاناته، وفي المقابل تزيد من شجاعة الناس، وتفتح افاقا أخرى للحركة الاحتجاجية. المقاطعة من أفضل وسائل النضال السياسي لخصم ديني، ميليشياوي وعشائري، قمعي وذيلي.

لا نتحدث عن قوى سياسية من داخل العملية السياسية عزلت نفسها او عٌزلت تريد المقاطعة، فهذه القوى تريد بمقاطعتها تصفية حساباتها مع رفاق الامس، فلا يمكن المشاركة معهم في تحرك سياسي، انما الحديث يدور حول قوى يسارية حقيقية، علمانية صميمية، تنويرية ومدنية رصينة، هذه القوى تمثل الجانب المضيء من المجتمع.
اما المشاركة فهي تعني ضخ دماء جديدة في هذا الجسد الهالك، تعني إعادة انتاج البؤس والمعاناة، تعني مزيدا من فقدان الأمان والامن، مزيدا من النهب والفساد والسرقة، مزيدا من الفقر والعوز.

"التغيير يأتي من الداخل" سخافة؛ "التغيير يأتي عبر الانتخابات" تحميق للعقل.

الان لنترجم تلك العبارات:

"النهب يأتي من الداخل" صادقة؛ "إطالة عمر النظام يأتي عبر الانتخابات" صادقة.

طارق فتحي