فضائح كشفتها كورونا خلال 100 يوما


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 6537 - 2020 / 4 / 14 - 19:20
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات     

بعد مرور اكثر من 100 يوم على ابلاغ الصين لمنظمة الصحة العالمية عن "مجموعة حالات إصابة بالتهاب رئوي في ووهان"، مقاطعة هوباي حُدّد السبب لاحقاً بفيروس كورونا المستجد، وانتشاره في 213 دولة، عدد المصابين الموثقة في العالم حوالي 1.6 مليون وقرابة 100000 من الوفيات قلب الفايروس العالم راسا على عقب، متجاهلا كل الحدود الجغرافية والانتمائات الطبقية والعرقية والجنسية...في مسيرته. كل شيئ تغير، دول اغلقت مطاراتها، تعطلت المدارس بوجه الطلاب فرض علينا الحجر الصحي فلازمنا البيوت تلافيا للاصابة، تم فرض العمل اوالدراسة من بعيد على الملايين وملايين اكثر فقدت عملها ومصدرقوتها اليومي بين ليلة وضحاها.
كلما مر يوم وتفشى الوباء اكثر كلما تبين فضاحة كون العالم بدوله ومؤسساته وانظمته غير مستعدا لكارثة كهذه من الاساس وكما انها ليست فقط غير فعالة في مواجهتها الان بل هذه الانظمة نفسها عائق امام ذلك.
فبالاساس، ما عدا بلدان قليلة معدودة، تفتقر الاغلبية من دول العالم الى انظمة صحية عامة ورعاية اجتماعية كفوءة تناسب الاوقات العادية، دعك عن اوقات الكوارث. عملت السياست النيوليبرالية العالمية، من خلال خصخصة الصحة والعلاج والادوية وانظمة الرعاية الصحية والاجتماعية، على تجريد المجتمعات من حتى الخدمات الصحية البدائية الضئيلة وذلك بحكم متطلبات السوق والربح والمتاجرة بحياة وصحة الانسان.
فضائح هذه الدول والانظمة وسياساتها النيوليبرالية تجلت بسطوع منذ تفشي كورونا: فبالرغم من وجود ارشادات سابقة للوقاية من العدوى ومكافحتها لحماية العاملين الصحيين وذلك من خلال تجاربنا السابقة مع ميرس وسارس وايبولا والطاعون والجدري وغيرها، وبالرغم من اعلان منظمة الصحة العالمية عن حزمة الارشادات والنصائح للبلدان منذ يوم 10.1.2020 استنادا الى المعلومات التي كانت متوفرة عن الفايروس انذاك، تم ضياع ثلاثة اشهر حساسة كان من الممكن ان تغير مجرى الامور. وذلك بسبب عدم التركيزعلى توفير إمدادات الحماية ومعدات وأجهزة التنفس، وعدم توفير الفحص المختبري للمصابين اوفحص ومتابعة المخالطين، عدم فحص الوافدين من الخارج، وعدم التوقف عن المصافحة وعدم حظر التجمعات الضخمة كالمناسبات الاجتماعية والدينية والرياضية.. الخ على الرغم من توجيهات منظمة الصحة العالمية والأدلة المتوفرة من إيطاليا..
تشير التقارير الخبرية الى ان شرائح عديدة اهملت في حسابات التدابير الوقائية كمخيمات اللاجئين والسجون ودور المعاقين والمسنين وبالرغم من معرفتنا السابقة بان معدل الاصابات بالاوبئة المتنقلة ترتفع مع حشر البشر في اماكن محصورة.
واعلنت منظمة الصحة العالمية قبل ايام عن تسارع مثير للقلق في انتشار المرض في الشرق الاوسط وافريقيا وخاصة في المناطق الريفية. ولا يمكننا توقع ان تكون تدابير هذه الدول الان اكثر كفاءة من الاشهر الثلاثة الماضية حيث يستشري الفساد المالي والاداري في معظم هذه الدول والتي تعتمد النظام النيوليبرالي القائم على جني الارباح على حساب صحة الانسان.
سنوات بعد سارس واشهر بعد ووهان والركيزة الاساسية في محاربة المرض في العديد من بلدان العالم هي لا تزال التزام الناس باجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي والتعقيم...بالاضافة الى الاعتماد على الاخلاص والكفاءة المهنية العالية للكوادر الطبية. وهنا جدير بالاشارة الى اهمية الدور الذي يلعبه كل عامل في هذا المجال فغالبا ما تتم الاشارة الى دور الكادر الطبي والتمريضي ولكن عملهم لا يمكن ان يكتمل بدون الدورالكفوء لكوادر التنضيف والنقل والمختبرات والاشعة وعمال المطابخ في المستشفيات وغيرها. فمهما كان الطبيب بارعا في عمله لايمكنه او يمكنها اداءه بدون دور كادر التنظيف في منع الالتهابات ودور العامل التقني والمختبري في دقة التشخيص.. والى ذلك... في مقابل ذلك نرى بطء استجابة الحكومات بتوجيهات غامضة اومربكة في اغلب الاحيان، واستهانتها بحياة وسلامة العاملين في الصحة بعدم توفير ادوات الوقاية لهم حيث يتعرض العديد منهم يوميا للاصابة بالفايروس وفقد العديد منهم الحياة بسببه كونهم الفئة الاكثرعرضة للاصابة بالفايروس.
بالاضافة، استغلال الحياة البرية من خلال الصيد والتجارة من اجل الربح الذي زاد من خطر تعرض البشرية للفايروسات الحيوانية دليل على التجاهل التام للنظام الراسمالي للبيئة والمناخ والتنوع البايولوجي وقصر نظرها في الادراك بالمخاطر الناجمة عن ذلك.
ولعل من اكثر الظواهر اثارة للسخرية هوما نسمع عنه في الايام الاخيرة من منع او استحواذ دول على الصادرات الطبية لدول اخرى، موديل جديد من ابتكار ترامب يقلده العديد من البلدان!.
اليوم حان الوقت لاتاحة الفرصة لإعادة تشكيل عالمنا هذا، وإعطاء الأولوية للصحة والرفاهية والمساواة، والعمل المشترك بين القارات والدول والشعوب وارساء التضامن العالمي بعيدا عن الأجندات القومية والانعزالية والأيديولوجيات التي تنفي الصحة العامة والرعاية الأولية، والأنانية التي تديم عدم المساواة والكوارث المناخية والصحية.