أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عضيد جواد الخميسي - أصل وتاريخ نظام التقويم الغربي















المزيد.....

أصل وتاريخ نظام التقويم الغربي


عضيد جواد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 18:22
المحور: قضايا ثقافية
    


أُطلق نظام التقويم الغربي لأول مرة في القرن السابع عشر، واستُخدم منذ ذلك الحين في معظم المؤسسات الرسمية والأكاديمية في العالم الغربي ، وكذلك في المنشورات والمكاتبات التي يقرأها الناس من جميع الديانات والثقافات وذلك سعياً للشمولية. كما أن هذا النظام يُعدّ أكثر دقة؛ لأنه لا يحدد سنة ميلاد المسيح، وهو التاريخ الذي لا يعلمه أحد .
في السنوات الأخيرة، وُجِّهت انتقادات مُستمرة لاستخدام هذا النظام الغربي "قبل العهد العام / العهد العام" . والعهد العام (Common Era - CE)؛ هو مصطلح تقويمي محايد دينياً يشير إلى الفترة الزمنية بعد ميلاد المسيح، وهو بديل علماني لـ "بعد الميلاد" ( Anno Domini ـ AD). ومصطلح آنو دوميني Anno Domini" يعني ( سنة ربّنا) . بينما يُستخدم "قبل العهد العام" (Before Common Era - BCE) كبديل لـ "قبل الميلاد" ( Before Christ ـ BC). و وتتبع الحسابات نفسها تماماً لكن دون الإشارة للمسيح .
ومصطلح العهد العام شائع الاستخدام في الأوساط الأكاديمية والثقافية الذي يشير إلى الأحداث التاريخية في محاولة لتجنب الحساسيات الدينية . ويُزعم أن هذا التصنيف ليس سوى محاولة "لحذف المسيح من التقويم" تماشياً مع الآثار "التخريبية" للصوابية السياسية. ويدعّي المعارضون أن استخدام "قبل العهد العام/ العهد العام" يُسيء إلى المسيحيين الذين يعترفون بالعهد الذي سبق ميلاد المسيح والبعيد عنه . علاوةً على ذلك، يُزعم أن مصطلح قبل العهد العام/ العهد العام لا معنى له؛ لأنه يُشير إلى نفس الحدث تماماً مثل قبل الميلاد/ بعد الميلاد . ويبدو أن مُعارضي استخدام تسمية "العهد العام" يعتقدون أيضاً أن استخدام قبل الميلاد/ بعد الميلاد مُنصوصٌ عليه في الكتاب المقدس أو يحمل بطريقة ما قوة الكتاب المقدس .
لا يوجد مصدر مكتوب يُشير إلى تاريخ قبل الميلاد/ بعد الميلاد؛ فقد وُضع بعد أكثر من خمسمائة عام من الأحداث الموصوفة في العهد المسيحي الجديد ، ولم يُعتمد استخدامه إلا بعد مرور خمسمائة عام أخرى . ولا شك أن استخدام تاريخ قبل العهد العام/ العهد العام ازداد شيوعاً في السنوات الأخيرة، لكنه ليس اختراعاً جديداً يناسب "الصواب السياسي"، ولا هو جديد تماماً؛ إذ ظهر استخدام "العهد العام" بدلاً من الميلادي لأول مرة في المدونات الألمانية خلال القرن السابع عشر ، وفي الإنگليزية خلال القرن الثامن عشر. ولا علاقة لاستخدام هذا المصطلح في التقويم بـ "حذف المسيح من التقويم"، بل يتعلق تماماً بالدقة عند التعامل مع الأحداث التاريخية، وإشراك أتباع جميع الديانات في بحوث التاريخ .

تاريخ قبل الميلاد BC و بعد الميلاد AD
التقويم العبري الذي لا يزال مستخدماً يعتمد على مفهوم يُعرف باسم " أنوّ موندي Anno Mundi" ( عام العالم)، والذي يُؤرخ الأحداث منذ بداية خلق الأرض كما وردت في سفر التكوين من الكتاب العبري . كما اعتمدت الحضارات القديمة، مثل بلادي الرافدين والنيل في تقاويمها على عهود الملوك أو دورات الفصول التي حددتها الآلهة. ففي بلاد الرافدين على سبيل المثال؛ يُمكن تحديد تاريخ حدث ما بأنه "خمس سنوات من حكم الملك شولگي أورـ نمّو"، وفي بلاد النيل "ثلاث سنوات بعد آخر عيد أوپت لرمسيس الثاني "، أو "في السنة العاشرة من حكم رمسيس الذي انتصر في قادش ". واستمر الرومان في استخدام هذه الطريقة في التأريخ، حيث أحصوا سنواتهم وفقاً لثلاثة أنظمة مختلفة في عصور مختلفة: منذ تأسيس روما ، وتاريخ تولي القناصل السلطة، وتاريخ حكم الأباطرة في فترة زمنية محددة .
قام الملك يوليوس قيصر (عام 100-44 قبل العهد العام) بإصلاح التقويم وإعادة تسمية الأشهر خلال فترة حكمه (عام 49-44 قبل العهد العام). واستمر هذا التقويم مستخدماً مع تنقيحات دورية حتى عام 1582 من العهد العام، وذلك عندما أنشأ البابا گريگوري الثالث عشر التقويم الگريگوري الذي يُستخدم حالياً. وقد لجأ المسيحيون الى استخدام تقويم "أنو موندي" والتقويم الروماني في السنوات الأولى من مسيحيتهم . ورغم ذلك ، ففي حوالي عام 525 من العهد العام ، قدّم راهب مسيحي يُدعى ديونيسيوس إكسيگوس (حوالي عام 470-544 من العهد العام) مفهوماً جديداً في التقويم، والذي مهّد الطريق لنظام التقويم اللاحق قبل الميلاد/ بعد الميلاد BC/AD .
ابتكر ديونيسيوس مفهوم " آنو دوميني Anno Domini" (في سنة ربّنا) في محاولة لتثبيت تاريخ الاحتفال بعيد الفصح . وفي الوقت الذي كان يعمل فيه على هذه المشكلة؛ كان مسيحيو كنيسة الإسكندرية القوية يُؤرخون أحداثاً تعود إلى بداية عهد الإمبراطور الروماني دايوكليشن (دقلديانوس) عام 284 من العهد العام الذي اضطهد أتباع الديانة الجديدة. إذ كان ديونيسيوس يسعى إلى توحيد الكنائس الشرقية والغربية على يوم واحد يحتفل فيه جميع المسيحيين بعيد الفصح .
كان الملك قسطنطين قد قرر هذا الهدف في مجمع نيقيا عام 325 من العهد العام؛ لكنه لم يتحقق بعد. ولتحقيق تلك الغاية، غيّر ديونيسيوس نظام تأريخ السنوات من النظام الروماني ونظام الإسكندرية إلى نظامه الخاص؛ حيث يعود تاريخ العهد المسيحي الحالي إلى ميلاد يسوع المسيح . كما أن اختياره قد ساهم في حل مشكلة أخرى وجدها مثيرة للقلق؛ وهي تحديد تاريخ أحداث حصلت في عهد إمبراطور قتل العديد من المسيحيين .

قبل الميلاد/ بعد الميلاد والكتاب المقدس وميلاد يسوع
كانت المشكلة الوحيدة في نظام التقويم هذا هي عدم معرفة أحد بموعد ميلاد يسوع الناصري . وحتى أن ديونيسيوس نفسه لم يكن يعلم ذلك الموعد ، ولا يزعم نظامه تثبيت تاريخ هذا الحدث تحديداً. وكما يبدو أنه توصل إلى استنتاجاته بالاعتماد على الكتب الدينية والتاريخ المعروف في ذلك الوقت لوضع تقويم مسيحي مقبول لدى الكنائس الغربية والشرقية آنذاك، وذلك لتنسيق الاحتفال بعيد الفصح .
لم يدّعِ ديونيسيوس قط أنه كان يعرف تاريخ ميلاد يسوع، ولم يدّعِ أي كاتب لاحق ذلك نيابةً عنه. ولم يبدأ جهوده في إصلاح التقويم لتحديد تاريخ ميلاد يسوع بدقة؛ بل فعل ذلك وفقاً لأوامر بابا ذلك الوقت الذي أراد تحقيق فكرة الملك قسطنطين . وكان الاحتفال بعيد الفصح يُعتبر الأهم للكنيسة، وكذلك رغبة الملك قسطنطين ومن تبعه من أصحاب السلطة، أن تحتفل جميع الكنائس بهذا الحدث في نفس اليوم . وكانت مهمة ديونيسيوس هي المساعدة في تحقيق ذلك، وقد حاول القيام بذلك من خلال إصلاح التقويم؛ حيث كان حساب تاريخ ميلاد يسوع وسيلة لتحقيق هذه الغاية، وليس غاية في حد ذاته.
يُعدّ استخدام الأناجيل الأربعة لتحديد ميلاد يسوع أمراً بالغ الصعوبة ، إذ لا يتفق إنجيل يوحنا مع الأناجيل الثلاثة الأخرى، كما أن أناجيل متى ومرقس ولوقا لا تتفق دائماً بما يتعلق بالأحداث المهمة. ويوضح البروفيسور روبرت كارگيل هذا الاختلاف في المقطع أدناه:
" وفقاً لإنجيل متى، وُلد يسوع في عهد الملك هيرودس . وحسب مصادر قديمة متعددة، توفي الملك هيرودس في عام 4 قبل العهد العام . فإذا كان إنجيل متى دقيقاً تاريخياً، فهذا يعني أن يسوع الناصري قد وُلد في عام 4 قبل العهد العام أو قبله ؛مما يعني أن يسوع وُلد عام 4 قبل العهد العام (4 سنوات قبل المسيح)! في حال أضفنا إلى هذه السنوات الأربع باعتبار أن الملك هيرودس لم يتوفى مباشرة بعد ولادة يسوع . ولكن حسب إنجيل متى، أمر الملك هيرودس بقتل جميع الأطفال الذين تبلغ أعمارهم عامين أو أقل في محاولة للقضاء على يسوع، فيمكننا بذلك إضافة عامين إضافيين إلى ولادة يسوع، مما يجعل ولادته حوالي عام 6 قبل العهد العام . وإذا أضفنا أيضاً السنة المفقودة صفر( السنة التي تقع مابين قبل الميلاد وما بعد الميلاد)، فمن المرجح أنه وفقاً لإنجيل متى، وُلد يسوع حوالي عام 7 قبل العهد العام !
وبالتالي، فإن نظام ما قبل الميلاد/ بعد الميلاد معيبٌ جوهرياً، إذ يُحرّف تاريخ ميلاد يسوع بحوالي سبع سنوات. هذا يعني أن كهنوت يسوع لم يبدأ حوالي عام 30؛ بل حوالي عام 23. وبالمثل، لا ينبغي تأريخ عيد العَنصرة ونشأة الكنيسة المسيحية إلى عام 33 ميلادي، بل إلى حوالي عام 26 ميلادي . ولا تزال هناك مشكلة أكبر في نظام ما قبل الميلاد/ بعد الميلاد؛ إذ يختلف تاريخ ميلاد يسوع باختلاف الإنجيل المُقروء. فبينما يذكر إنجيل متى في الإصحاح الثاني في السطر الأول " وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ"،. ويذكر إنجيل لوقا في الإصحاح الثاني (1ـ2)أن يسوع وُلد خلال أول تعداد سكاني في عهد كيرينيوس حاكم سوريا "وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ."
ووفقاً للمصادر القديمة، فإن تاريخ هذا التعداد هو حوالي السنة السادسة ميلادية. وبالتالي، فإن الكتاب المقدس متناقض داخلياً بما يتعلق بسنة ميلاد يسوع ."

مع ذلك، لم يكن ديونيسيوس يُفكّر في تناقضات الأناجيل أثناء اعداد تقويمه. ولم يُوضّح قطّ كيف توصّل إلى استنتاجاته بشأن تاريخ ميلاد يسوع، ولم يدّعِ تحديده بدقة. فقد كان عليه أن يُطبّق التقويم المسيحي تنفيذاً لأوامر البابا، وقد نجح في ذلك.

العهد العام CE
لم يكن ديونيسيوس مسؤولاً عن تحديد تاريخ قبل الميلاد/ بعد الميلاد، فقد كان اهتمامه منصبّاً فقط على تأريخ الأحداث منذ تجسد يسوع الناصري، وكان هذا جانباً آخر من المشكلة التي واجهها؛ فهل كان عليه أن يُؤرخ تجسّد يسوع من يوم ميلاده أم من يوم البشارة ( 25 مارس/ آذار)؟ كما لم يوضح ديونيسيوس كيف حلّ هذه المسألة. ولا يزال التاريخ الفعلي لميلاد يسوع الناصري مجهولاً.
في كتاب ديونيسيوس، تقع الأحداث التي تلت تجسّد يسوع في "سنة الرب"، حيث لا تُؤخذ السابقة منها في الاعتبار. وجاء استخدام مصطلحي قبل الميلاد/ بعد الميلاد للتمييز بين الفترات الزمنية اللاحقة ، وذلك بعد نشر "بيدي" كتابه "التاريخ الكنسي للشعب الإنگليزي" عام 731 من العهد العام . كما ظهرت تسميات قبل الميلاد/ بعد الميلاد في مؤلفات سابقة، بيد أن كتاب بيدي قد روّج لها، وتبعه بعد ذلك كُتّاب آخرون . ولم يكن هذا التصنيف مقبولاً عالمياً، ولم ينتشر على نطاق واسع إلا في عهد الملك شارلمان (عام 800-814 من العهد العام) الذي وضع نظاماً لتوحيد التقويم في جميع أنحاء أوروبا . وحتى بعد جهود شارلمان، لم يلق استخدام نظام تقويم "سنة الرّب Anno Domini" قبولاً لدى جميع الدول الأوروبية، وبالتأكيد لم يُعترف به في أجزاء أخرى من العالم . ولم تعتمد أوروبا تقويم " سنة الرّب" إلا في القرن الخامس عشر من العهد العام ، مما مكّن البابا گريگوري الثالث عشر من إصلاحه في أواخر القرن السادس عشر عام 1582 من العهد العام .
في القرن السابع عشر، ظهر مصطلح "العهد الشعبي Vulgar Era" لأول مرة كبديل لمصطلح " سنة الرّب Anno Domini" في مؤلفات عالم الفلك والرياضيات الألماني يوهانس كيپلر (عام 1571-1630 من العهد العام). كما استخدم الكُتّاب عبارة "العهد الشعبي" بالتبادل مع "بعد زمن المسيح" أو "في العهد العام"، والتي أصبحت تُكتب في النهاية بـ "العهد العام Common Era - CE"، مما أدى إلى ظهور مصطلح "قبل العهد العام Before Common Era - BCE " في تعريف الأحداث التي سبقت العهد العام . ويعود أول استخدام لمصطلح "العهد العام" في الإنگليزية إلى نشر كتاب " تاريخ أعمال المتعلمين" أو "تحليل محايد للكتب المطبوعة حديثاً في جميع أنحاء أوروبا مع وصف خاص لمستوى التعلّم في كل دولة" عام 1708، لمؤلفه هـ. رودس من لندن. وتظهر العبارة في جملة من الصفحة 513 تذكر "القرن الرابع من العهد العام".

تبنّى غير المتدينين على وجه الخصوص، التسميات الجديدة لسهولة تواصلهم مع المجتمع المسيحي . وكان اليهود والهندوس والبوذيون؛ قد احتفظوا بتقاويمهم مع الإشارة إلى الأحداث باستخدام التقويم الگريگوري قبل العهد العام وبعد العهد العام ، دون المساس بمعتقداتهم حول ألوهية يسوع الناصري . أمّا المسلمون فقد استخدموا التقويم الهجري ـ القمري ، وأطلقوا على التقويم الأوروبي بـ التقويم النصراني في القرون الهجرية الأولى ، ولاحقاً بـ التقويم الإفرنجي ، الرومي ، العجمي ( الأجنبي) ، الشمسي . أما التقويم الميلادي ( قبل الميلاد BC/ بعد الميلاد AD) ؛ فهو المصطلح الأكثر شيوعاً واستخداماً في العصر الحديث في أغلب الدول العربية، و "تقويم الميلاد" قد نُسب لميلاد النبي عيسى حسب المعتقدات .
وبما أن تسميات قبل العهد العام BCE / العهد العام CE تتوافق مع التسميات المسيحية قبل الميلاد BC ، وبعد الميلاد AD؛ فقد استطاع المسيحيون الاستجابة بنفس الوضوح . وطوال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، استُخدم مصطلح "العهد العام" بكثرة، مع إشارة احترام للمسيحية في عبارات مثل "العهد العام للمسيح" أو "العهد العام للتجّسد"، حتى عاد المصطلح بحلول أواخر القرن العشرين، إلى "العهد العام".

قبل العهد العام BCE/ العهد العام CE في الوقت الحاضر
إن الاستخدام الغربي لمصطلحي "قبل العهد العام/ بعد العهد العام" في الوقت الحاضر هو ليس محاولة من قِبَل الذين يتبنون "الصواب السياسي" لإزالة يسوع الناصري من التقويم؛ بل له سابقة تاريخية. فقد بدأ هذا الاستخدام عندما أخذ الناس يشككون في تلك المعرفة المُتوارثة بفرضها جملة من الأفكار حول كيفية عمل العالم وماهية المصادر الموثوقة. وقد استخدم كيپلر مصطلح "العهد الشعبي" في فترةٍ كانت فيها العديد من المؤسسات والمفاهيم موضع تساؤل، ومن بينها كيفية توصل ديونيسيوس إلى استنتاجاته بشأن تاريخ ميلاد يسوع !
لا يزال العالم الغربي يستخدم نظام التقويم قبل العهد العام BCE / بعد العهد العام CE باعتباره أكثر دقة من نظام التقويم قبل الميلاد BC / بعد الميلاد AD . وطالما لم يكن لدى ديونيسيوس ولا بيدي أي إدراك لمفهوم الصفر ؛ بالتالي، فإن التقويم الذي أرّخوا به الأحداث كان غير دقيق . كما أن عام 1 قبل الميلاد يتبعه عام 1 ميلادي دون أن يمّر في نقطة بداية للتسلسل الزمني الجديد من الأحداث والتي هي نقطة الصفر؛ لأن نظام التقويم قبل الميلاد/ بعد الميلاد لـ ديونيسيوس ، كان مُستدلاً باللاهوت المسيحي على افتراض أن ديونيسيوس يعرف بالفعل تاريخ ميلاد يسوع . ولتحديد تاريخ واقعة حصلت الآن انطلاقاً من حدث ماض؛ يجب معرفة زمن وقوع ذلك الحدث الماضي . ولا يمكن القول إن شخصاً ما قد بلغ عشرون عاماً إلا إذا كان متأكداً من أنه وُلد قبل عشرين عاماً في تاريخ معلوم . وإن تحديد تاريخ الأحداث الذي يأتي انطلاقاً من نقطة غير مؤكدة يُعدّ غير دقيق ، لأنه مبني على افتراض خاطئ .
بمرور الزمن ؛ بدأ الناس يتسائلون عن كيفية توصل ديونيسيوس إلى تاريخ ميلاد يسوع، وذلك عندما مضى أكثر من 1000 عام وتدوين كمّ كبير من أحداث التاريخ خلال تلك الفترة . وبما أنه لم تكن هناك طريقة للتنصل عن التقويم الخاص بديونيسوس، فقد كانت المطالبة هي تحديد تاريخ وقوع الأحداث ابتداءً من ميلاد يسوع والذي تغير بعد عدد من السنوات ، حيث افترضت فيه الروايات المسيحية تاريخ ميلاد يسوع ؛ لأن تقويم ديونيسيوس قد تم قبوله واستُخدم لفترة طويلة في المؤلفات المدونة. ونظام التقويم " قبل العهد العام / بعد العهد العام" مثل نظام قبل الميلاد/ بعد الميلاد، لا يتضمن سنة صفر لأنه لا يحتاج إليها؛ بسبب أنه لا يضع توقيت التاريخ من حدث معين .إلى جانب كونه أكثر دقة، فإنّ استخدام هذا التقويم يشمل جميع الأحداث السابقة. أما استخدام مصطلحي "قبل الميلاد/ بعد الميلاد؛ فإنهما يهمشّان كل حدث قد وقع قبل ذلك التاريخ . ومنذ ذلك الحين، أصبح ميلاد يسوع الناصري تابعاً للفهم المسيحي لأيّ كان . ويبدأ التقويم بالعد التنازلي حتى ميلاد يسوع، ثم يشرع بالعد التصاعدي بعد ذلك. وقد يبدو هذا للمسيحي أمراً طبيعياً، لكنه ليس كذلك لمن لا ينتمي إلى هذه العقيدة . كما أن الناس من مختلف الثقافات والمعتقدات ينبغي عليهم مداولة تفاصيل التاريخ دون الحاجة إلى توقيت أحداثه وفقاً للعقيدة المسيحية في يسوع ابن الرّب والمسيح ..


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روبرت كارگيل ـ لماذا ينبغي على المسيحيين اعتماد نظام التأريخ قبل العهد العام / بعد العهد العام ؟ ـ مقالة منشورة في موقع مركز العلوم الإنسانية الرقمية التابع لجامعة كاليفورنيا في سبتمبر/ أيلول عام 2009 .
هاري رودس ـ تاريخ أعمال المتعلمين ـ طباعة أولان ـ 2012 .
جون ماكمانرز ـ تاريخ المسيحية ـ طباعة جامعة أوكسفورد ـ 2001 .
وليام مانشستر ـ علم لا تضيئه إلا النار ـ باك باي للكتب ـ 1993 .
لين هانت ـ قياس الزمن وصنع التاريخ ـ طباعة جامعة أوروبا الوسطى ـ 2008 .
يوسابيوس / بول ماير ( المترجم) ـ تاريخ الكنيسة ـ كريجل أكاديمك للنشر ـ 2007 .
بيدي / ليو شيرلي برايس ( المترجم) ـ التاريخ الكنسي للشعب الإنگليزي ـ بنگوين كلاسيك للنشر ـ 1991.



#عضيد_جواد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يمّ الإله الفينيقي ـ الكنعاني
- الشطرنج لعبة ذكاء عمرها 1500 عام
- حكاية الهنود السيوكس عن هبة نبات الذِرة
- المناشڤة والبلاشڤة
- يوم الموتى
- الغنوصيون الكاثاريون
- حملة الملك الآشوري سرگون الثاني على مملكة أورارتو
- الطائفة الزورڤانية الفارسية
- الملك البابلي نبوخذنصّر الثاني
- أرض الأمريكيين الأصليين وحكاية التلّ الغامض
- روايات قدماء السود الهاربين إلى كندا
- الأديرة البوذية في اليابان
- أرض كنعان التاريخية
- الإله نينورتا في الأساطير السومرية
- اتحاد كييڤ روس
- الأدب في ممالك مصر القديمة
- حضارة وادي السند الغامضة
- الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية
- عبادة الإله مثرا
- التحنيط عند المصريين القدماء


المزيد.....




- وسط تصعيد وضربة سعودية.. الإمارات تعلن سحب قواتها من اليمن
- سرقة بالملايين من خزائن بنك ألماني.. في واحدة من أكبر عمليات ...
- اعتراف إسرائيلي بأرض الصومال .. هل وُلِدت دولةٌ جديدة؟
- فرنسا وتسع دول أخرى تعرب عن قلقها إزاء -تدهور الوضع الإنساني ...
- استشهاد طفلتين وعمليات نسف متزامنة برفح ومدينة غزة
- نصائح للوقاية من العدوى المنقولة بالغذاء
- عبر الخريطة التفاعلية.. تفاصيل المشهد اليمني عبر الخريطة الت ...
- فيديو لغارة أمريكية على قارب بشرق المحيط الهادئ يثير تساؤلات ...
- السعودية: المملكة لن تتردد في مواجهة أي مساس أو تهديد لأمنها ...
- تصاعد موجة الاحتجاجات في إيران بسبب ارتفاع الأسعار بشكل حاد ...


المزيد.....

- قواعد الأمة ووسائل الهمة / أحمد حيدر
- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عضيد جواد الخميسي - أصل وتاريخ نظام التقويم الغربي