أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عضيد جواد الخميسي - الإله نينورتا في الأساطير السومرية















المزيد.....

الإله نينورتا في الأساطير السومرية


عضيد جواد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 16:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نينورتا (المُعرَّف بنينگيرسو، وپابيلساج، ونمرود التوراتي) هو إله الحرب والصيد والرياح الجنوبية وبطل سومري وأكدي في الأساطير الرافدينية . ظهر لأول مرة في نصوص أوائل الألفية الثالثة قبل الميلاد كإله زراعي وإله محلي لمدينة گيرسو (باسم نينگيرسو) ومدينة لاراك ( باسم پابيلساج)، وكلاهما مجتمعان سومريان . وقد تغير دوره كإله للزراعة مع تزايد عسكرة مدن بلاد الرافدين وبدء حملات غزو المدن لبعضها البعض . وأشار البروفيسور ستيفن بيرتمان إلى ذلك في المقطع أدناه :
" بدأ نينورتا مسيرته الإلهية كإله للري والزراعة. وفي الواقع، فإن وصايا نينورتا كانت عنواناً سومرياً قديماً لتقويم المزارعين . ولكن مع انتشار الاقتتال، تحول إلى إله شابّ وقوي للحرب . (ص124)
يُعد نينورتا ابن إنليل ونينهورساگ، وفي بعض الروايات كانا إنليل ونينليل ، وزوجته گولا؛ إلهة الشفاء (مع أنه في ألواح أقدم كان اسمه نينگيرسو وزوجته الإلهة باو المعروفة أيضاً باسم بابا، إلهة الكلاب، والتي أصبحت گولا فيما بعد). ورغماً أنه عُرف بشكل عام بطبيعته العدوانية، إلا أنه ارتبط أيضاً بالشفاء والحماية (ومن هنا جاء ارتباطه بگولا)، وكان يُبتهل إليه كثيراً في التعاويذ السحرية لدرء خطر العفاريت والأمراض .
غالباً ما كان يوصف في الأساطير كمحارب، وأحياناً بأجنحة مُشرعة، ويحمل قوساً وسهماً، ويحمل هراوته الشهيرة "شارور"، وهو سلاح قادر على الكلام والإدراك . وتجسدت شخصيته في الفنّ البابلي أما واقفاً أو راكضاً على ظهر أسد ذي ذيل عقرب. إلا أنه وحتى حوالي عام 1500 قبل الميلاد، كان لا يزال مرتبطاً بالزراعة والنمو والحصاد،حيث وُصف كشخص مكتمل النضج قادر على القيام بأعمال عظيمة، ولكنه في الوقت نفسه كان لا يخلو من عيوب كأي إنسان .
اعتبرت الإمبراطوريتان الآشورية والآشورية الحديثة نينورتا ابناً لإلههما آشور ، وفي عهد الملك آشور ناصربال الثاني (عام884-859 قبل الميلاد)، شُيّد معبد كبير وزقورة للإله في مدينة كالهو الجديدة التي بناها آشور ناصربال الثاني . كما صورت الأختام الاسطوانية في تلك الفترة الإله آشور إلهاً مجنحاً، واسم نينورتا أسفله، مما يُشير بوضوح إلى أنهما كانا يُعتبران متكافئين تقريباً.
كان يُبتهل إلى نينورتا في العديد من الممالك والإمارات في بلاد الرافدين القديمة، سواءً للحماية أو للمساعدة في الشؤون العسكرية، وذلك منذ حوالي عام 3300 إلى عام 612 قبل الميلاد؛ عندما سقطت الإمبراطورية الآشورية الحديثة في أيدي الغزاة وفقد العديد من آلهتهم مكانتهم الدينية. مع ذلك، وفي بداية ألوهيته ، كان يُنظر إليه على أنه نقيض إله الحرب تماماً .

أصل نينورتا وأهميته
نشأ الإله باسم نينگيرسو (سيد گيرسو) في سومر ، وتستخدم أقدم النصوص هذا الاسم لابن إنليل ونينليل (على الرغم من أن إحدى الأساطير تشير إلى أنه ابن إنليل و شي ـ گوت). كما أن گوديا ملك لگش (عام 2144-2124 قبل الميلاد)، المعروف بتقواه وإخلاصه للآلهة؛ كرس نفسه لنينگيرسو، وخليفته أورـ نينگيرسو، والذي اتخذ اسم الإله لتبجيله. وتُعدّ اسطوانات گوديا (وهما أسطوانتان من الطين يعود تاريخهما إلى حوالي عام 2125 قبل الميلاد) تنقل لنا قصة منامه في النص المعروف باسم " بناء معبد نينگيرسو، وهو أطول نص سومري تم اكتشافه إلى الآن .
كان نينگيرسو قد تم الاعتراف به كإله للحرب بحلول الألفية الثانية قبل الميلاد ؛ حيث ظهر في العمل البابلي "ملحمة أنزو" . وتم تنقيح هذه الأسطورة خلال الألفية الأولى قبل الميلاد مع تغيير اسم نينگيرسو إلى نينورتا. وكان الإله معروف فعلاً بهذا الاسم اللاحق (الذي لا يُعرف معناه) بحلول عام 2600 قبل الميلاد تقريباً. وعلى الرغم من أن نينگيرسو استمرت الإشارة إليه في سومر، إلا أن نينورتا بات الاسم الذي عرفه واستخدمه معظم سكان بلاد الرافدين. ورغماً أنه كان يُعتبر إلهاً محارباً عظيماً وبطلاً للآلهة وحامياً للبشرية؛ إلا أن نينورتا استمر ارتباطه بالزراعة .

اشتهر السومريون باختراعاتهم وابتكاراتهم الجديدة ، وقد استُثمرت تلك المنجزات بشكل ملحوظ في الزراعة المبكرة. وقد أشار خبير السومريات البروفيسور صموئيل نوح كريمر الى هذا الجانب كما في المقطع أدناه :
"ارتبطت بعض الإنجازات التكنولوجية الأوسع نطاقاً للسومريين مع الري والزراعة. وقد تطلّب بناء نظام معقد من القنوات والسدود والخزانات المائية مهارة ومعرفة هندسية لا يستهان بها. وكان لا بد من إعداد المسوحات والخطط، التي تضمنت استخدام معدات تسوية التربة، و مساطر القياس والرسم، ورسم الخرائط . كما أصبحت الزراعة أسلوباً ممنهجاً ومعقداً تحتاج الى أفكار صحيحة واجتهاداً ومهارة. لذا، فليس من المستغرب أن نجد الاختصاصين السومريين قد أعدّوا دليلاً فيه تقويم للمزارعين عبارة عن سلسلة من التعليمات لإرشاد المزارع التي تساعده في أنشطته الزراعية السنوية." (ص104-105)
هذا الدليل؛ أول تقويم للمزارعين في العالم، حيث يعود تاريخه إلى الفترة ما بين عامي 1700 و 1500 قبل الميلاد. ومقدمته مثل قصة خيالية تبدأ بعبارة: "في قديم الزمان، علّم مزارع ابنه..."، ثم يُقدّم إرشادات عملية حول كيفية تحقيق أقصى استفادة من الأرض. ويشرح الدليل بالتفصيل كيفية تحضير الأرض وزراعة البذور، وحتى كيفية إبعاد الطيور، والطريقة الصحيحة لحصاد المحصول .
طوال النص المُؤلّف من 35 سطراً، يبدو أن هذه النصيحة كانت تُقدّم من أب لولده، ولكن في الختام، يُقرأ في اللوح: "هذه نصائح نينورتا، ابن إنليل. يا نينورتا، يا مزارع إنليل الأمين، إن تبجيلك واجب". وبالتالي ، فقد منحت وصايا المزارع لابنه سلطةً إلهية.
كانت سلطة نينورتا ومكانته في مجمع الآلهة الرافدينية تضفي وزناً كبيراً على أي وثيقة تُنسب إليه، خاصةً وأنه كان عليه أن يبتعد عن مآثره البطولية ليقدم أفكاره في الزراعة. وتشترك أساطير نينورتا في العديد من الخصائص مع أساطير الإله البابلي مردوخ والشخصية اليونانية اللاحقة "هرقل" ( هرقل الروماني )، حيث انتصر على قوى الفوضى وبسط الاستقرار (مثل مردوخ)، لكن كبرياءه قد تغلب عليه أحياناً .

نينورتا في الأساطير
في ملحمة أنزو (المعروفة أيضاً باسم هزيمة زو )؛ سرق طائر الأنزو ألواح القدر من الإله إنليل. وتحمل هذه الألواح مصائر الآلهة والبشر على حد سواء ، والأهم من ذلك، أنها تُضفي الشرعية لحكم أي شخص يتملكها. وطائر الأنزو هو مخلوق إلهي ضخم كان ينتظر فرصته لسرقة الألواح .
ذات يوم، وبينما كان إنليل يغسل وجهه بالماء، انقضّ أنزو عليه وانتزعها منه وطار بعيداً ، فراح إنليل يطلب المساعدة من الآلهة الأخرى ، وكان نينورتا الوحيد الذي استجاب لاستغاثة إنليل وطارد أنزو. غير أن لألواح القدر ميزة في إعادة الزمن إلى الوراء، وعندما أطلق نينورتا سهامه على الطائر، تفككت في الهواء ورجعت إلى مكوناتها؛ إذ عادت الأنصال إلى حقل القصب، والريش إلى الطيور، والطرف المدبب إلى الحجارة ، وحتى قوس نينورتا عاد إلى خشب الغابة والوتر إلى جلد الكبش . كما أن أنزو أخذ يدفع نينورتا إلى الوراء، إلا أنه استدعى ريح الجنوب التي كسرت جناحي الطائر واسقطته أرضاً. ثم فلق نينورتا حلق أنزو وانتزع منه ألواح القدر وأعادها إلى إنليل .

في قصيدة "لوگال" (المعروفة أيضاً باسم "مآثر نينورتا ")؛ يواجه نينورتا عفريت المرض والأسقام المعروف باسم "آساگ" (أو "آگاگ") الذي عاش في العالم السفلي . حيث لم يكن آساگ هو من بدء القتال ؛بل كانت " شارور" هراوة نينورتا التي شجعته على خوض المعركة ضد العفريت ، مشيدة بقوة نينورتا وشجاعته ومهارته في القتال، وبتلك الصفات يمكنه هزيمة هذا المخلوق بسهولة .
ذهب نينورتا لملاقاة آساگ ​​في المعركة، لكن العفريت لم يكن بمفرده ؛ فقد جمع جيشاً من وحوش الصخور والنباتات المتمردة ليزحف نحو نينورتا.
شعر نينورتا بالخوف (ورد في النص إنه " فرّ كالطير")، لكن شارور أمرته بالعودة ومواجهة أعدائه، وشجعته من خلال تذكيره بأمجاده الماضية والشهرة العظيمة التي سوف يحصدها مع النصر. عند ذاك دمّر نينورتا خصمه آساگ ​​وجيشه بهراوته وقوسه العظيم والأسلحة الأخرى التي كان يحملها في حزامه. إلا أن ​​آساگ وأتباعه حافظوا على المياه البدائية للعالم السفلي تحت السيطرة، وبموتهم فاضت المياه العفنة لتغمر الأرض، حيث لا شيء ينمو لأن ليس هناك ماء عذب يسقي المحاصيل . لذا فقد أمسك نينورتا بجثث أعدائه وكدّسها فوق بعضها ليشكل منها سوراً حول الأرض، ثم رفع الكدس إلى أعلى جبل ليحفظ مياه العالم السفلي في مكان، ثم رفع نهر دجلة ليروي الأرض. وجاء في النّص :
" انظروا الآن، كل شيء على الأرض
افرحوا من بعيد بـ نينورتا ملك الأرض
أنتجت الحقول حبوباً وفيرة
وأثمرت الكروم والبساتين
وُكدِّس المحصول في الصوامع وجحور التلال
وأزال المولى الحزن من الأرض
وأسعد روح الآلهة."
(كريمر،ص 152)
نزلت نينماه ( الملكة العظيمة) والدة نينورتا من السماء فرحةً بانتصار ابنها، فأهدى إليها جبل الحجر تكريماً لها، وأعاد تسميتها بـ "نينهورساگ" (سيدة الجبل). ويبدو أن الإلهة نيسابا ( إلهة الكتابة) قد وثقت انتصار نينورتا ، واسم نينهورساگ الجديد. وتنتهي القصيدة بثناء على فنّ الكتابة الذي يخلّد هذه اللحظات وإلى الأبد .

في قصة الوحوش القتلى "الأبطال القتلى" ، كان على نينورتا هزيمة مجموعة من المخلوقات الغريبة، بما في ذلك الكبش البرّي ذي الرؤوس الستة، وملك النخيل، والنحاس القوي ، والأفعى ذات الرؤوس السبعة. بعض هذه الوحوش جمادات، مثل قارب ماگيلوم الذي جلب أرواح الموتى إلى العالم السفلي، بينما يرمز بعضها الآخر إلى مواد ثمينة مثل النحاس القوي . كما يُعتقد أن هذه الأسطورة بموضوعها المتمثل في التجارب والانتصارات المتتالية، قد ساهمت في الرواية اليونانية عن منجزات هرقل .
ومثل هرقل، فقد كان لا يُنظر إلى نينورتا دائماً على أنه بطل الأبطال، حيث في قصة "نينورتا والسلحفاة" يتغلب كبرياؤه على عقله. بيد أن اللوح الطيني الذي يحمل ذلك النّص كان متضرراً قبل النهاية ، وجزء من مقدمته مفقود؛ ولكن يبدو أن أحداث تلك القصة تدور بعد أن هزم نينورتا خصميه أنزو وآساگ، وتكريمه من قبل الإله إنكي عندما أحضر نينورتا فرخاً من طائر الأنزو إلى أبسو (الأعماق المائية البدائية) لموطن إنكي في أريدو .وقد أشاد إنكي بانتصارات نينورتا في المعارك ، وعن جلبه أبناء عدوّه إلى أريدو، وإعادته لألواح القدر؛ لكن نينورتا غضب من ذلك المديح المتواضع ؛ لأن في نيته تحقيق انتصارات أعظم و"أن يتطلع إلى العالم أجمع".
قرأ إنكي أفكاره وخلق سلحفاة عملاقة أطلقها خلف نينورتا . عضّت السلحفاة كاحل نينورتا وأمسكت به، وبينما هما يتقاتلان؛ حفرت السلحفاة بمخالبها حفرة هائلة سقطا الاثنان فيها .
نظر إنكي إلى الحفرة، حيث كانت السلحفاة تقضم قدمي نينورتا، فسخر منه قائلاً: "يا من زعمتَ عظيمَ المطالب؛، كيف ستخرج الآن؟" وعند تلك العبارة كان باقي اللوح متضرراً . ولكن المفهوم من سياق النّص؛ ان السلحفاة والحفرة كانا يهدفان إلى إذلال نينورتا وإجباره على إدراك حدوده، وقبول الثناء على إنجازاته بامتنان، بدلاً من السعي وراء مجد أعظم، ويُفترض أن خطة إنكي قد نجحت تماماً .

نينورتا في الإمبراطورية الآشورية الحديثة
على الرغم من أن نينورتا قد خُذل من قبل الإله إنكي ، إلا أن المجد الذي سعى إليه في حكاية السلحفاة ؛ قد مُنح له وبسخاء من قبل ملوك الإمبراطورية الآشورية العظام . حيث مجدّه الملك توكولتي الأول (عام 1244-1208 قبل الميلاد) باتخاذ اسمه والابتهال له في المعارك، ونسب إليه جميع انتصاراته العسكرية الباهرة وكذلك حكمه الناجح. كما مجدّه الملك تيگلث فلاسر الأول (عام 1115-1076 قبل الميلاد) ، وكذلك فعل الملك أداد نيراري الثاني (عام 912-891 قبل الميلاد) وكثيرون غيرهم . ومع ذلك لم يتفوق أي ملك آشوري على الملك آشور ناصربال الثاني عندما شيّد مدينة كالهو كعاصمةً للإمبراطورية الآشورية الحديثة، وجعل معبد نينورتا العظيم أول مشاريعه، مزيناً جدرانه بنقوش بارزة تُخلّد انتصارات الإله نينورتا .

من أشهر نقوش بلاد الرافدين، والتي غالباً ما نجدها على أغلفة الكتب والمجلات التي تتناول شؤون وتاريخ الشرق الأدنى ؛ نقوش نينورتا وطائر الأنزو من معبد كالهو. حيث لم يقتصر هذا المعبد على عبادة الإله؛ بل قدّم خدماته للفقراء والأيتام والمشردين، ووفّر فرص عمل للعمال اليدويين . وكان معبد المدينة العظيم والزقورة الشاهقة المجاورة المخصصة للإله نينورتا، معروفَين خارج حدود بلاد الرافدين .
يشهد كتاب التوراة على شهرة الإله البطل نينورتا، وكذلك مدينته، ​​حيث ذًكرنينورتا في التوراة باسم نمرود، والموصوف بأنه "صياد جبار"، و كالهو باسم كالح ، أي "المدينة الكبيرة" :"وَكُوشُ وَلَدَ نِمْرُودَ الَّذِي ابْتَدَأَ يَكُونُ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ، الَّذِي كَانَ جَبَّارَ صَيْدٍ أَمَامَ الرَّبِّ. لِذلِكَ يُقَالُ: «كَنِمْرُودَ جَبَّارُ صَيْدٍ أَمَامَ الرَّبِّ». وَكَانَ ابْتِدَاءُ مَمْلَكَتِهِ بَابِلَ وَأَرَكَ وَأَكَّدَ وَكَلْنَةَ، فِي أَرْضِ شِنْعَارَ. مِنْ تِلْكَ الأَرْضِ خَرَجَ أَشُّورُ وَبَنَى نِينَوَى وَرَحُوبُوتَ عَيْرَ وَكَالَحَ. وَرَسَنَ، بَيْنَ نِينَوَى وَكَالَحَ، هِيَ الْمَدِينَةُ الْكَبِيرَةُ."( التكوين :الأصحاح 10: 8ـ12).

أُطلق علماء الآثار اسم نمرود على مدينة كالهو في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، باعتباره مذكوراً في الكتاب العبري ( التوراة). ويرى بعض العلماء أن شخصية نمرود التوراتية تعود بأصلها إلى الملك توكولتي نينورتا الأول، لكن هذا الرأي واهٍ وغير موفق؛حيث لم تكن للملك توكولتي نينورتا الأول أي علاقة بـ كالهو، بينما منح الملك آشورناصربال الثاني المدينة بأكملها تقريباً إلى الإله نينورتا، وذلك الارتباط هو ما ذكره المدّونون العبرانيون اللاحقون عندما كتبوا سفر التكوين .

شيّد الملك الآشوري سرگون الثاني (عام 722 ـ 705 قبل الميلاد) في الفترة الحديثة مدينته دور ـ شروكين (قلعة سرگون) بين عامي 717 و706 قبل الميلاد ، ونقل العاصمة إلى هناك، لكن كالهو استمرت في التمتع باهتمام وتقدير بالغين؛ حيث دُفنت ملكات الإمبراطورية في كالهو والملوك في الموقع القديم لمدينة آشور . وخلال تلك الفترة، فقد الإله نينورتا منزلته الدينية؛ لأن الملك سرگون الثاني فضل إله الكتابة "نابو" ، الذي كان يُعتبر أيضاً من أبناء الإله الأعظم آشور. ومع ذلك، فقد قام خلفاء الملك سرگون الثاني بتبجيل الإله نينورتا مرة أخرى، وقد ورد ذكره كثيراً في عهدي الملك أسرحدون (عام 681-669 قبل الميلاد) والملك آشور بانيبال (عام 668-627 قبل الميلاد).
كان الملك آشور بانيبال آخر الملوك العظماء للإمبراطورية الآشورية الحديثة، وبعد وفاته نُهبت وسُلبت مدنه عام 612 قبل الميلاد على يد تحالف جيوش الميديين والبابليين والفرس و السكيثيين وغيرهم ممن رأوا فرصتهم لتحرير أنفسهم من الحكم الآشوري. حيث دُمرت مدن نينوى العظيمة وكالهو وآشور وغيرهما، وأُسقطت تماثيل ومعابد الآلهة الآشورية. كما عانى نينورتا من نفس مصير الآلهة الآخرين الذين ارتبطوا ارتباطاً وثيقاً بالحكم الآشوري؛ لكن الإله نينورتا خُلّد من خلال تأثيره على قصص وأساطير الثقافات الأخرى مثل الحضارة اليونانية والحضارة الرومانية .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ستيفن بيرتمان ـ الحياة في بلاد الرافدين القديمة ـ طباعة جامعة أكسفورد ـ 2005 .
جيريمي بلاك ـ الآلهة، العفاريت ، والرموز في بلاد الرافدين القديمة ـ طباعة جامعة تكساس ـ 1992 .
ستيفاني دالي ـ أساطير من بلاد الرافدين ـ الخلق ، الطوفان ،گلگامش ، وغيرها ـ طباعة جامعة أكسفورد ـ 2000 .
صموئيل نوح كريمر ـ السومريون: تاريخهم ، ثقافتهم ، شخصياتهم ـ طباعة جامعة شيكاغو ـ 1971 .



#عضيد_جواد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتحاد كييڤ روس
- الأدب في ممالك مصر القديمة
- حضارة وادي السند الغامضة
- الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية
- عبادة الإله مثرا
- التحنيط عند المصريين القدماء
- مذكرات جندي أمريكي عن درب الدموع
- من هم الأمورّيون ؟
- هذا ما كتبه هيرودوت عن بابل القديمة
- شخصية هرقل في الأساطير اليونانية والرومانية
- بطل ملحمة گلگامش بين الحقيقة والأسطورة
- نرگال (مسلامتيا) إله الموت والحرب والدمار
- الكريسماس عبر التاريخ
- قصة اكتشاف الأشعة السينية (X)
- طقوس الشاي في الصين واليابان القديمتين
- هنود السهول الأصليين في أمريكا
- ليلة السكاكين الطويلة
- ديانة المايا: النور الذي أتى من البحر
- الموت وحياة الآخرة في بلاد فارس القديمة
- الفينيقيون شعب أرجواني


المزيد.....




- ترامب يقرر إرسال صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
- مقتل العشرات في اشتباكات مسلّحة جنوب سوريا
- وفاة محمد بخاري رئيس نيجيريا السابق عن 82 عاما بعد مسيرة حكم ...
- سوريا: اشتباكات دامية بين الدروز والبدو في السويداء تسفر عن ...
- قتلى وجرحى خلال اشتباكات طائفية في السويداء، فماذا يحدث في ا ...
- ماكرون يقرر زيادة الإنفاق الدفاعي بـ4 مليارات دولار في 2026 ...
- عباس: حماس لن تحكم غزة والحل الوحيد تمكين الدولة الفلسطينية ...
- مورسيا : مدينة يقطنها مهاجرون من شمال أفريقيا تهتز على وقع ا ...
- ماكرون يعلن عن خطة لتسريع الإنفاق العسكري في فرنسا
- تحطم طائرة في مطار ساوثند شرقي لندن وإغلاق المطار حتى إشعار ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عضيد جواد الخميسي - الإله نينورتا في الأساطير السومرية