أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عضيد جواد الخميسي - يوم الموتى















المزيد.....

يوم الموتى


عضيد جواد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 8511 - 2025 / 10 / 30 - 16:14
المحور: المجتمع المدني
    


يوم الموتى، هو مناسبة تكريم الموتى من خلال التقاليد والطعام والزينة والأنشطة التي تهدف إلى تعزيز الروابط بين الأحياء والأموات.
نشأ يوم الموتى في المكسيك ويُحتفل به بدءاً من الأيام الأخيرة من شهر أكتوبر/ تشرين الأول وحتى أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني، على عكس كلمة "يوم" المفردة التي يُوحي بها اسمه. بينما يُعرّفه البعض بأنه فترة الهياكل العظمية الساخرة، و"الورق المثقب" الملون، والمقابر المضاءة بالشموع؛ إلا أنه يُحتفل به بشكل أو بآخر في جميع أنحاء المكسيك لأكثر من 3000 سنة، وتقاليده متنوعة بقدر تنوع الأشخاص الذين يحتفلون به.

الاحتفال بيوم الموتى
في كتابها "الاحتفال بالموروث اللاتيني: موسوعة التقاليد الثقافية" ؛ كتبت ماريا هيريرا - سوبيك أن "يوم الموتى يُمثل الوقت الوحيد خلال العام الذي يعود فيه الموتى، ولو لبضع ساعات فقط !، لزيارة ذويهم والاستمتاع بالملذات التي عرفوها في حياتهم" (ص403). وغالباً ما تبدأ الاحتفالات مساء يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول وتنتهي في يوم 2 نوفمبر/ تشرين الثاني، لكن بعض المجتمعات الريفية في المكسيك تبدأ احتفالاتها مبكراً في 27 أكتوبر، حيث يمكن للمتوفين الذين ليس لديهم عائلات أو أصدقاء أن يجدوا قوت أرواحهم على شكل قطع من الخبز ودوارق ماء تُعلّق خارج المنازل. وفي هذه المجتمعات حتى المتوفون المجهولون؛ غير منسيين .
في اليوم التالي، يستقبل المحتفلون أرواح أولئك الذين ماتوا بطريقة عنيفة، والتي قد يُنظر إليها على أنها أرواح شريرة:
"تنبع تلك المخاوف من معتقدات الأزتك بأن قيمة حياتنا في الآخرة تتحدد بطريقة موتنا، لا بطريقة معيشتنا. لهذا السبب، يُقدم الطعام والشراب لمن ماتوا خطأً أو قتلاً أو غيرها من طرق العنف." (ماريا هيريرا-سوبيك،ص 404)
يُصادف يوما 30 و31 من أكتوبر ذكرى أرواح الأطفال الذين رحلوا قبل تعميدهم وبعده على التوالي . ففي الأول من نوفمبر تستقبل عائلات البالغين من الموتى أرواحهم. ويُستقبل هؤلاء المعروفون أحياناً باسم "الموتى المخلصون"؛ بقرع أجراس الكنائس وتقديم أطعمة الغفران لهم في منازلهم، حيث ينتظرهم أفراد عائلاتهم . وخلال أيام الاحتفال تزور العائلات قبور موتاها. إذ ينظف المحتفلون القبور ويرممونها ويزينونها، ويجلبون الطعام ويتشاركونه ويوقدون الشموع، وأحياناً يعزفون الموسيقى ويستمتعون بها وهم في المقابر. ثم تُختتم الاحتفالات عند غروب شمس الثاني من نوفمبر، وذلك عندما يعود الموتى الذين ما زالوا عالقين بين عالمي الأحياء والأموات ، وأحياناً بمساعدة "ممثلين متنكرين" الذين يبعدون الأرواح التي قد تتسكع في عالم الأحياء!
خلال كل يوم من أيام الاحتفال ومع ترحيبهم بالأرواح، يقوم الأحياء بالتحضير للأوفريندا ، حيث يستعرضون الطعام والزهور وإبراز جملة من النشاطات والفعاليات الفنية ، وغالباً ما تتضمن مشاهد أو أيقونات تحمل جماجم وهياكل عظمية، وذلك لمساعدتهم في التواصل مع أرواح الموتى وتوفير الطعام لها.

الأوفريندا ​The Ofrenda
تُعدّ "الأوفريندا "( القربان أو المذبح في الإسبانية)، جزءاً فريداً وبارزاً من احتفالات يوم الموتى، التي يقيمها أفراد العائلة ، وعادةً ما تُعد على طاولة أو منصّة، وبعضها يكون متدرجاً أشبه بالهرم ، وتُغطّى عادة بقطعة قماش مطرّزة. بعد تغطية السطح، يبدأ أفراد العائلة بترتيب مستلزماتها التي تحمل اسم المتوفى بعناية.
تعتمد الأوفريندا على ما تعرضه العائلات وعلى أرواح الموتى . ومعظم مفرداتها تشمل الطعام والماء والشموع وأكاليل ورقية ملونة تُعرف باسم "پاپيل پيكادو" . وقد تشمل الأوفريندا أشياء أخرى مثل الزهور وصور المتوفي وتماثيل القديسين وبطاقات الصلاة والحلويات وغيرها من التذكارات المهمة للموتى . ويُنظر عموماً إلى تلك الرحلة من عالم الأموات إلى عالم الأحياء على أنها طويلة ومتعبة، لذلك تُضيف بعض العائلات مستلزمات التنظيف الشخصية مثل الصابون والأمشاط وشفرات الحلاقة وفرش الأسنان إلى الأوفريندا، لكي تفرح أرواح المتوفين عند وصولها. علاوة على ذلك، فقد تشمل الأوفريندا التي تُخلّد ذكرى أرواح الأطفال؛ ألعاباً جديدة أو حليب أو ملابس، بينما تشمل الأوفريندا لأرواح الأثرياء المشروبات الكحولية الفاخرة وغيرها من الأشياء التي تعكس المقتنيات المفضلّة لدى المتوفي في حياته . بالإضافة إلى الأشياء المعروضة على موائد الأوفريندا؛ تُوضع على أرضية بعضها سجادة منسوجة يدوياً لتوفير مكان استراحة للأرواح عند وصولها. وفي بعض الحالات، تنصب العائلات قوسا مزيناً بالزهور أو فاكهة معلّقة أو سعف النخيل عند موضع الأوفريندا .
قد تتضمن الأوفريندا أيضاً صليباً من بين الأشياء المعروضة .وتُمثّل هذه الصلبان فكرة "شجرة الحياة" المكسيكية . ووفقاً لهذه المعتقدات، فإن شجرة الحياة تسند السماء وتُشكّل مساراً يربط بين مستويات العالم الثلاثة : "قوس السماء المُرصّع بالنجوم، والعالم الأوسط الصخري للأرض الذي خُلِق ليُزهر ويُثمر بدماء الملوك، ومياه العالم السفلي المظلمة" (هالي وفوكودا ص 135). ومع وضع ذلك في الاعتبار؛ تُمثّل مائدة "الأوفريندا " نفسها صورةً مُصغّرةً للعالم، حيث يُمثّل سطح الطاولة عالم الأحياء الذي يقدّم مستلزماتها، والأرضية تُمثّل العالم السفلي حيث يستريح الموتى، والقوس يُعبّر عن السماء التي يمتدّ فوقها كلّ شيء آخر.
وحسب شرح الأستاذة ماريا هيريرا ـ سوبيك، تحتوي الأوفريندا التقليدية على مكونات ترمز إلى العناصر الأربعة. حيث يمكن تمثيل الأرض بالمحاصيل بما في ذلك الذرة التي لعبت دوراً مهماً في ثقافة وتاريخ أمريكا الوسطى، وخاص بالنسبة للمايا والپورهيپچا وحضارة الأزتك . كما يمكن تمثيل الهواء في الأوفريندا من خلال ورق المناديل المصنوع ببراعة من پاپيل پيكادو، والذي سبق الغزو الإسباني ، وكان في الأصل نمطاً من أنماط الفن الأزتكي . ويتم تصنيع الـ پاپيل پيكادو من قبل حرفيين مهرة يعملون نماذجاً أو صوراً أو مشاهد معقدة إلى ما يصل من 50 ورقة من ورق المناديل في المرة الواحدة. ويُستخدم في مجموعة متنوعة من الاحتفالات في جميع أنحاء المكسيك مع ألوانها وتصاميمها المُعدّة لتناسب جميع النشاطات المختلفة. وعادةً ما يتضمن الـ پاپيل پيكاد المخصص ليوم الموتى صوراً للأوفريندا ورموزاً دينية وهياكل عظمية ، أو جماجم مُستغلة في أنشطة مختلفة. وتُصنع هذه المناديل الشبيهة بالدانتيل من ورق خفيف الوزن ذي الألوان البراقة ، ويتم رفعها أمام المعروضات بحيث يمكن أن تتأثر بحركة الهواء.
ويُمثَّل الماء والنار حرفياً على موائد الأوفريندا؛ حيث تترك العائلات الماء في أوانٍ مزخرفة لإرواء عطش الأرواح العائدة بعد رحلتها الطويلة. وقد يُضيف المحتفلون الأكثر تديناً الماء المقدس إلى قرابينهم . أما بالنسبة للنار، فتُوقد العائلات شمعة لكل روح تُخلِّدها الأوفريندا. وتُجسِّد الشموع الأمل والإيمان، وتُترك مضاءة طوال الليل على الأوفريندا حتى لا تُترك أيٌّ من أرواح الموتى العائدة في الظلام .

الطعام
يستند إعداد موائد الأوفريندا وخاصة الطعام، إلى الاعتقاد المكسيكي القديم في أن الأرواح تحتاج إلى طعام حتى بعد الموت . ولتلبية هذه الحاجة، تُضمّنت مناسبة يوم الموتى عدداً من الأطعمة المختلفة. وطالما أن حصاد الذرة يصادف في شهر أكتوبر، لذا يتم استخدامها في صنع "التاماليز والگورديتا" ( طبقان يُصنعان من عجينة دقيق الذرة، لكنهما يختلفان في طريقة التحضير والطهي والتقديم. فالتاماليز؛ عجينة محشوة تُطهى بالبخار داخل مغلّف ، بينما الگورديتاس؛ عجينة متماسكة تُصنع منها كعكة مشوية أو مقلية ثم يُضاف اليها الحشوة)، واللذَين غالباً ما يُضافان إلى موائد الأوفريندا مع الخبز والفواكه الموسمية والخضراوات.
يُوَفر لهذه المناسبة خبز خاص يُسمّى "پان دي مويرتوس" (خبز الموتى). ويُحضَّر هذا الخبز المُحلّى المميز عادة بعصير البرتقال وبذور اليانسون وجوزة الطيب، ومن ثم يُرشّ عليه السكر. وعادةً ما يكون على شكل كعكة مستديرة مسطح تُعلوها شريحتان من العجين متقاطعتان كعظمين على شكل صليب أو بهيئة إنسان، أو حيوان، أو على شكل قلب، الذي كان له دورٌ بارزٌ في معتقدات سكان الأزتك في أمريكا الوسطى ما قبل الغزو الإسباني .
من أكثر الأطعمة شهرةً ورمزية في الأوفريندا حلوى الـ "كالاڤيراس دي أزوكار" والتي هي عبارة عن جماجم مصنوعة من السكرالمُحبب ومسحوق المرنگ ( بياض بيض مجفف مضاف إليه النشا ومُحليات ومطيبّات) وتُترك لتتصلب، وغالباً ما تُزين بكريمة ملونة احتفالية ورقائق الألمنيوم والپولک البرّاق (الترتر) . ويُعد هذا الوفر من الطعام أحد الروابط الرئيسية التي يتواصل فيها الأحياء مع الأرواح العائدة من عالم الأموات. ولا يعتقد المكسيكيون أن الطعام المُهيء في الأوفريندا سوف تتناوله أرواح الموتى حرفياً، غير أنه يشير إلى مقدار الصلة بين المتوفين وأولئك الذين يتذكرونهم . وأيضاً بالنسبة للموتى، كما هو الحال بالنسبة للأحياء؛ فإن التحضير له هو عمل يجسد أواصر المحبة وعمق الرابطة بين المتوفي وذويه. وبعد عودة الموتى إلى عالمهم ، يصبح الطعام المقدم تكريماً لهم وليمة للمدعوّين الذين حضروا تلك المناسبة. وبهذه الطريقة، تساعد موائد الطعام على تقوية أرواح الموتى المُتعبة في دعم العلاقات الطيبة بين الأحياء والحفاظ عليها.

الزهور
الزهور هي من بين عديد الأشياء المستخدمة كعنصر احتفالي في يوم الموتى. وترمز أزهار الموتى إلى قُصر الحياة، وتضفي جمالها وعبيرها على المناسبة، وتنتشر بعض أنواع الزهور بشكل خاص خلال هذه الفترة، وأشهرها زهرة الأقحوان . وعُرفت أزهار الأقحوان لدى حضارة الأزتك باسم "سيمپواكسوچيتل "، المشتق من كلمتي " سيمپوسالي " (عشرون)، و" شوچيتل " (زهرة)، وبالتالي يُترجم المصطلح إلى "الزهرة ذات العشرين ورقة" أو "العشرون زهرة". وتشير إليها ماريا هيريرا- سوبيك باسم "زهرة الأربعمائة حياة". ويذكر اعتقاداً لدى شعب الناهوا بأن زهرة الأقحوان كانت هبة من إله الشمس توناتيو لتكريم الموتى .كما يُعتقد شعبياً أن زهور الأقحوان بألوانها الزاهية وعبيرها الزكي؛ تساعد في إرشاد أرواح الموتى الذين يُقال إنهم يتمتعون بحاسة شم قوية، إلى مكان الأوفريندا المُعدّة لوصولهم . وتنثر بعض العائلات أوراقها لتشكل ممشاً داخل منازلهم بين الباب الأمامي وموضع الأوفريندا , وفي القرى الصغيرة، يجعلونها مسارات تؤدي إلى المقابر لمساعدة الموتى في العودة إلى عالم الأموات بعد انتهاء يوم الموتى .
رغم أن زهور الأقحوان هي الأكثر شيوعاً في هذه المناسبة، فإن بعض أنواع زهور الأوركيد من جنس لايليا ، بما في ذلك لايليا الخريفية، ولايليا البيضاء، ولايليا الذهبية؛ موطنها الأصلي المكسيك. وقد استُخدمت في طقوس يوم الموتى لقرون عديدة . وحسب ما جاء من جمعية الأوركيد لحدائق سميثسونيان؛ فقد أدى هذا الدور إلى زراعتها من قبل السكان المحليين، واكتساب أنواع محددة من الـ لايليا أسماء مثل "كالاڤيريت"، وزنبق القديسين، وزهرة الموتى، وزهرة الأرواح أنواع محددة من الـ لايليا .

الهياكل العظمية
تبرز صور وأيقونات الهياكل العظمية بشكل بارز في طقوس المدن بيوم الموتى، على الرغم من أنها أقل ظهوراً في الاحتفالات الريفية المكسيكية. وتُسمى أحيانًا "الكالاكاس" ، حيث تتجلّى الهياكل العظمية التي تتنقل في يوم الموتى في كل شيء، ابتداءً من الأزياء والحلوى إلى الألعاب، وواجهات المحلات، والمطبوعات ، والمتنزهات ، والمركبات . ورغم أنها قد تبدو مروّعة، إلا أنها تُصوَّر بنمط غريب، وبطريقة تُبرز عيوب الوجود البشري وهشاشته في مشاهد أكثر بهجة. وتُذكرنا "الكالاكاس" بأن الموت رحلة لا مفر منها من الحياة، وليس شيئاً يُخشى منه. ومن المرجح أن انتشار الكالاكاس في مناسبة يوم الموتى يعود إلى الفنّان "خوسيه گوادالوپي پوسادا" (عام 1852-1913م)، الذي كان رائداً في رسم مشاهد تخيلية للهياكل العظمية وهي تتحرك في عالم الأموات بطريقة ساخرة وغامضة ، والتي لازالت تلك الطريقة متبعة في يوم الموتى . رغم ذلك، فقد كانت صور الهياكل العظمية شائعة في ثقافات أمريكا الوسطى قبل وصول الإسبان اليها.؛ حيث صُوِّر العديد من آلهة ديانة المايا ، ومعتقدات الزابوتيك ، وديانة الأزتك ، بما في ذلك إله الأزتك ميكتلانتيكوتليوالذي يعني "سيد العالم السفلي" ( ميكتلان ) أو الإله ( تيكوتلي ) ، وذلك على شكل هياكل عظمية متحرّكة ، ولا يُنظر إلى هذه الآلهة بشعور من الرهبة والخوف اللذَين يُصاحبان آلهة العالم السفلي . وحسب الباحثان ماري ميلر وكارل تاوب، فقد رُوِّج عنهم بمزيج من الخوف والسخرية، فقد كانوا قادرين على القسوة والخداع، لكنهم غالباً ما كانوا يُخدَعون أو يُتفوَّق عليهم من قِبل آلهة وبشر آخرين على حد سواء في الأساطير القديمة . وحتى أن ميلر وتاوب قد وصفا ميكتلانتيكوتليو بأنه "غبيٌّ للغاية وعرضةٌ لخداع آلهة أذكى" (ص113). ومن الممكن أن تكون بعض خيوط هذه الحساسية موجودة في الأعمال الفنية الحديثة للشخصيات الهيكلية في مناسبة يوم الموتى ؛غير أن صور الهياكل العظمية لاتهدف الى السخرية من الموتى في يومهم؛ بل من الموت كمفهوم . ومن النادر رؤية الكالاكاس أوغيرها من الأيقونات الفكاهية بالقرب من أولئك الذين يجلسون سهارى أثناء الليل والنهار في هذه المناسبة. وتظهر روح الدعابة في هذه الصور بشكل كبير في الاحتفالات العامة مثل عيد الهالوين التجاري الغربي، وليس في المناسبات المخصصة لإستذكار الأحبة المتوفين.

التحول وتاريخ العيد
أن جهود التحوّل الديني والموروث الإسباني في أمريكا الوسطى كانت معقدة للغاية، إلا أن هناك أدلة على أن بعض مناسبات السكان الأصليين قد أعيد جدولتها عمداً لتتوافق مع الأعياد المسيحية الكاثوليكية بعد وصول فرق التبشير الإسبانية إلى أمريكا الجنوبية. ومن خلال عملية إعادة السياق التقويمي ، فقد أصبحت مناسبة يوم الموتى عرضة للتوفيق بين ثقافتي أمريكا الوسطى والإسبانية المتعددتي الأعراق. ويرد في "مخطوطة فلورنسا" التي كتبها راهب فرنسيسكاني يُدعى "برناردينو دي ساهاگون" في منتصف القرن السادس عشر الميلادي، هناك مناسبتين أزتكيتين، هما ميكايلويتونتلي (عيد الموتى الصغار الموتى) وميكايلويتل (عيد الموتى الكبار)، واللتين كانتا تُعرفان معاً باسم "تلاكسووچيماكو" (تقديم الزهور) أو زوكوتل أويتزي (شلالات الفاكهة). وأقيمت هاتين المناسبتين خلال الشهرين التاسع والعاشر من السنة حسب التقويم الأزتكي ، ومن ثم إعادة جدولتهما ليتزامنا مع الاحتفال المسيحي بعيد الأرواح والقديسين ( الهالوين) .
من المفارقات العجيبة؛ كانت هناك محاولات للكهنة الإسبان لإيجاد أرضية مشتركة واستبدال معتقدات السكان الأصليين بمعتقدات مسيحية ؛ التي ربما لعبت دوراً فعّالاً في الحفاظ على الموروث نفسه. ومع ذلك، فقد كان من المهم الأخذ في الاعتبار أنه من غير الممكن تحديد الأفكار التي جاءت بيوم الموتى وأثرت فيه على مدى هذه الفترة الطويلة بوضوح . كما أدت المعتقدات المتعلقة بالموت والتي كانت منتشرة في ثقافات أمريكا الوسطى قبل الغزو الإسباني إلى إدخال أيديولوجيات مختلفة تماماً، لكنها في بعض الأحيان كانت متوافقة إلى حد كبير، والتي ربما لعبت دوراً أساسياً في تأسيس الاحتفالات في المكسيك في أواخر فصل الخريف .
من بين شعوب أمريكا الوسطى الأصلية، اعتقد البعض أن الإنسان قد يموت ثلاث مرات . الأول هو موت الجسد، والثاني هو موت الروح عندما تعود الحياة بطريقة ما إلى أصولها، مدفونةً في الأرض أو صاعدةً إلى الشمس. أما الموت الثالث والذي كان مصدر خوف حقيقي، هو "موت الروح "؛ أي زوال الروح عندما لا يبقى أحد على قيد الحياة ليتذكرها، أو ليرحب بها في عالم الأحياء. وتُعد طقوس وعادات يوم الموتى وسيلة لتفادي هذا الموت الأخير للسابقين والمتوفين حديثاً على حد سواء..

اليكم هذا الرابط الذي يصّور بعض المشاهد الاحتفالية بيوم الموتى في المكسيك :
https://youtu.be/8FHrhH9k-PY?si=afiJvtHN5tmVf1B-


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ستانلي براندس ـ جماجم للأحياء، خبز للموتى: يوم الموتى في المكسيك وخارجها ـ وايلي بلاكويل للنشر ـ 2007 .
ديڤيد كاراسكو ـ ديانات أمريكا الوسطى ـ ويڤلاند للطباعة ـ 2013 .
شاون هالي & كورت فوكودا ـ يوم الموتى ـ بيرگان للكتب ـ 2004 .
ماريا هيريرا - سوبيك ـ الاحتفال بالموروث اللاتيني ( موسوعة التقاليد الثقافية ) ـ أي بي سي ـ كليو للنشر ـ 2012 .



#عضيد_جواد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغنوصيون الكاثاريون
- حملة الملك الآشوري سرگون الثاني على مملكة أورارتو
- الطائفة الزورڤانية الفارسية
- الملك البابلي نبوخذنصّر الثاني
- أرض الأمريكيين الأصليين وحكاية التلّ الغامض
- روايات قدماء السود الهاربين إلى كندا
- الأديرة البوذية في اليابان
- أرض كنعان التاريخية
- الإله نينورتا في الأساطير السومرية
- اتحاد كييڤ روس
- الأدب في ممالك مصر القديمة
- حضارة وادي السند الغامضة
- الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية
- عبادة الإله مثرا
- التحنيط عند المصريين القدماء
- مذكرات جندي أمريكي عن درب الدموع
- من هم الأمورّيون ؟
- هذا ما كتبه هيرودوت عن بابل القديمة
- شخصية هرقل في الأساطير اليونانية والرومانية
- بطل ملحمة گلگامش بين الحقيقة والأسطورة


المزيد.....




- رايتس ووتش تتهم الدعم السريع باقتراف -فظائع جماعية- والصحة ا ...
- نحو 200 ألف من الحريديم يتظاهرون بالقدس رفضا للتجنيد
- رئيس وزراء السودان يعلن الاستنفار التام بأجهزة الدولة لمجابه ...
- الأمريكيون يتظاهرون بأنهم كنديون لتجنّب الكراهية.. وهذه العل ...
- وادي المَخازن وخلل الموازين / الجزء الثالث
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد ممثل اليونيسف الجديد في دولة فلسطين ...
- الاحتلال الإسرائيلي يمنع فريق الإغاثة التركي من دخول قطاع غز ...
- ما الأسباب التي دفعت -هيومن رايتس ووتش- إلى القلق من تعيين ا ...
- الأمم المتحدة: الدعم السريع تستخدم التجويع سلاحا في الفاشر
- سفيرة فلسطين لدى تركمانستان تشارك في مؤتمر إحياء الذكرى الثم ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عضيد جواد الخميسي - يوم الموتى