عماد الطيب
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 16:21
المحور:
الادب والفن
كأنكِ شمسٌ اقتربتُ منها يومًا حتى احترق ظلّي، وحين عدتِ، لم تعودي نورًا بل لهبًا يعرف اسمي جيدًا. أنا لا أخاف منكِ، أخاف عليّ منكِ. أخاف أن ينهار ما رممته بصبر السنين، أن تعود النار لتفتش في صدري عن هشاشتي القديمة.
قربكِ ليس مسافة تُقاس بالخطوات، بل وجعٌ يُقاس بعدد المرات التي قلتُ فيها: انتهى… ولم ينتهِ. حين تقتربين، يصحو الجرح من نومه الطويل، يفتح عينيه ببطء، ويتذكر كيف كان ينزف دون صوت. كنتُ أظنه نسي، خبأته بين الذكريات، غطيته بأيامٍ عادية، لكنكِ عدتِ وسمّيته باسمه الحقيقي.
قربكِ يُربكني…
لأنكِ تأتين محمّلة بكل ما لم يحدث، بكل الاحتمالات الضائعة، بكل الأحاديث التي علّقناها في الهواء ولم نُكملها. أراكِ فأفقد ترتيب قلبي، تختلط البداية بالنهاية، ويصير الفراق دائرة لا مخرج لها.
لا تقتربي أكثر…
ليس لأنني لا أريدكِ، بل لأنني أردتكِ أكثر مما يليق بي. أردتكِ حتى تعبتُ من نفسي، حتى صرتُ أعتذر لقلبي كل مساء لأنني صدّقتُ حلمًا كان أكبر من قدرتي على الاحتمال. قربكِ يعيدني إلى ذلك الرجل الذي كان يفتح صدره بلا درع، ويظن أن الحب لا يجرح.
دعيني أعيش على الذكريات.
الذكريات فقط لا تؤذيني حدّ الموت، تؤلمني حدّ البكاء الصامت. فيها أنتِ صورة لا تتحرك، صوت لا يطالب، ظلّ لا يمد يده لي. الذكريات لا تخون، أما الحنين فيفعل. الحنين يدفعني خطوةً نحوكِ، ثم يتركني وحيدًا في منتصف النار.
لا أريد كلامًا،
لأن الكلمات جسور، وأنا أخاف العبور. لا أريد حنينًا، لأن الحنين بداية انهيار بطيء. أريد فقط هذا الصمت المثقل بالآهات، هذا البُعد الذي يشبه صلاة أخيرة كي أبقى.
أنا لا أكرهكِ…
ولو كرهتكِ لنجوتُ أسرع. أنا فقط أحببتكِ بطريقة جعلت قربكِ يؤذيني أكثر من غيابكِ. أحببتكِ حتى صار الفراق شكلاً من أشكال الرحمة.
إن عدتِ، فعودي بعيدة.
بعيدة كذكرى، كحلمٍ قديم، كوجعٍ تعلم أن لا يكبر. اتركيني هنا، أتعلم كيف أتنفس دونكِ، كيف أرمم قلبي دون أن ألمسه. بعض القرب احتراق، وبعض البعد نجاة.
قربكِ يؤذيني…
وأنا أخيرًا، أختار أن لا أحترق . وابتعد عنك مسافات ضوئية من وهجك الحارق . من نارك التي تربك كل شيء فيّ . انت النار والثلج . انت علامات الاستفهام وعلامات التعجب . انت اللغة العربية كلها .
#عماد_الطيب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟