عماد الطيب
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 09:35
المحور:
الادب والفن
كنتُ أبحث… وما زلتُ أبحث… عن امرأةٍ لا تخافُ من ارتجاج روحي، لا تهربُ حين يعلو الصوتُ في داخلي، ولا ترتجفُ حين أفتحُ لها باب قلبي المليء بالعواصف. أردتُ امرأةً تعرف أن الجنون ليس خطيئة، بل طريقة أخرى لفهم الحياة… امرأةٌ لا تخشى أن تضع يدها على جُمر قلبي وتقول: هذا دفئي… لا حريقي.
جرّبتُ بعض النساء، وكنتُ كلما كشفتُ لهنّ وجهي الحقيقي—وجه العاشق المجنون، الذي يضحكُ حين يحزن، ويكتبُ حين ينكسر—أداروا ظهورهم وهربوا كما لو أن جنوني وباءٌ معدٍ. لم يفهمن أن المطر لا يخيف السماء، وأن النار لا تخاف من شرارة.
وحين تعبتُ من ركضٍ لا يصل، جلستُ وحدي وصنعتُ امرأةً من خيالي… امرأةً من لهبٍ ولين، من نورٍ وظل، من فوضى تشبه فوضاي، ومن حنانٍ يشبه يدي حين ألمسُ جرحًا أحبّه. ركّبتُ عليها كل جنوني: هواجسي التي تطرق رأسي ليلًا، شغفي الذي يشعل فصولي الأربعة، فوضى القلب حين يشتعل بلا سبب… وقلتُ لها: “كوني لي… كما أنا لكِ.”
تخيّلتُها تقف أمامي، لا تتراجع، لا تخاف، لا تسألني أن أهدأ، لا تطفئ نيران الكلمات حين تنفجر من قلبي. امرأةٌ لا تلعن عاطفتي حين تتدفق، بل تفتح لي صدرها وتقول: زدني… فأنا خُلقتُ لأحتمل حرارتك.
تخيّلتُها تضحكُ حين أجنّ، وتجنّ حين أضحك… امرأةٌ تعرف أن العاشق الحقيقي ليس رجلًا هادئًا، بل إعصارًا يبحث عمن يلتف حول عنقه دون خوف.
امرأةٌ لا تحتاج أن تفهم كل شيء… يكفيها أن تشعر، أن تصغي لنبضي المرتبك، أن ترى جنوني لا كعاهة، بل كوسامٍ على صدر رجلٍ أرهقته الحياة ولم تُنهكه النار.
وهكذا… خلقتُ امرأةً لا تهرب، لا تختبئ، لا ترفع راية الهزيمة. امرأةٌ تشبهني في قسوتي ورقتي، في اندفاعي وصمتي، في احتراقي وانطفائي.
لكن الحقيقة .. ما زلتُ أبحث عنها في الواقع… ما زلتُ أفتّش في عيون النساء عن بقايا تلك المرأة التي نسجها خيالي. ربما تكون موجودة، ربما تسير الآن بين الناس دون أن تدري أنها خُلقت أصلاً لتحتضن جنوني.
حتى ذلك الحين… سأظل أكتب عنها، وأصنعها من الكلمات، وأمنحها من روحي ما يكفي لتظل حيّة… تنتظرني كما أنتظرها، امرأةٌ ساحقة… لا تُسحق.
#عماد_الطيب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟