أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - أصعب اشتياق














المزيد.....

أصعب اشتياق


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 06:37
المحور: الادب والفن
    


أصعبُ اشتياقٍ ليس ذاك الذي يولده الغياب، بل الذي يصنعه القرب المستحيل. أن تشتاق لقطعةٍ من قلبك وهي موجودة في مكانٍ ما على هذه الأرض، تتنفس الهواء ذاته، وربما تنظر إلى السماء نفسها، لكن بينكما مسافة لا تُقاس بالكيلومترات، بل بالعجز.
هو اشتياقٌ بلا سفر، بلا حقائب، بلا محطات وداع. اشتياقٌ تقف فيه عند حدودك الداخلية، تمد يدك فلا تلامس سوى الفراغ، وتنادي فلا يعود الصوت إلا صدىً منك إليك. كأن قلبك انقسم ذات يوم، وها هو نصفه يعيش حياة أخرى، يضحك هناك، وربما يحزن هناك، بينما النصف المتروك هنا يتقن فن الانتظار حتى الإعياء.
في هذا النوع من الشوق، لا تنفع الرسائل، لأن الكلمات مهما كانت دافئة تبقى باردة أمام رغبة واحدة: أن تضع رأسك قرب ذلك القلب الغائب وتسمع نبضه. ولا تنفع الصور، لأنها تذكير قاسٍ بأن ما تراه لا تستطيع لمسه. حتى الذكريات تصبح سيفًا ذا حدين؛ تمنحك لحظة دفء، ثم تتركك عاريًا أمام واقعك.
تشتاق وأنت تعلم أن من تشتاق إليه ليس بعيدًا عن العالم، بل بعيدٌ عنك أنت. موجود، لكن ليس لك. قريب، لكن لا سبيل للوصول إليه. وكأن القدر تعمّد أن يكون ساخرًا، فوضع أغلى ما تملك في متناول الحياة، لا في متناول يدك.
هذا الاشتياق لا يصرخ، بل يتآكل بصمت. يسكن التفاصيل الصغيرة: في فنجان قهوة كان سيعجبه طعمه، في أغنية كنت سترسلها له، في جملة تبدأها ثم تبتلعها لأن لا أحد ينتظر سماعها. هو شوقٌ يتقن التخفي خلف ابتسامة، ويظهر فجأة حين تخلو بنفسك.
والمؤلم أكثر أنك لا تستطيع كره هذا الاشتياق، لأنه دليل حب، ولا تستطيع إسكاته، لأنه جزء منك. تحمله كما يحمل المرء ندبة جميلة: تؤلمه، لكنه يخشى زوالها لأنها آخر ما يربطه بمن أحب.
أصعب اشتياق هو أن تعرف أن قلبك ليس كاملًا هنا، وأن القطعة الناقصة ليست ضائعة، بل محفوظة في مكان آخر، عند شخص ربما لا يدرك أن حياته تسير بنصف قلبك. ومع ذلك، تستمر في الحب، لأنك أدركت أن بعض القلوب خُلقت لتشتاق أكثر مما خُلقت لتلتقي، وأن في هذا الألم رومانسية خفية… تُبقيك حيًا، حتى وأنت تشتاق.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصدقاء مرّوا… فصاروا وطناً
- حب يفيض على صدر يخشى الندى
- المرأة الأخرى
- الإنسان الأخير في زمن الخراب الناعم
- الاعلام الحربي الناعم
- عبث العطاء في عالم بلا جذور
- وهم المكانة وحقيقة الآخر
- عراقٌ مُعَطَّل
- حين تمطر… يغرق الوطن في قطرة
- لستُ بخير
- مسافات الآمان
- شيوخٌ تقتل النخوة
- حين يبلغ الرجل ستينه… يسقط القناع الأخير
- الحرية في جناح عصفور
- اعترافات القلب… وانسحابات الروح
- إعلانات ساذجة في زمن الفوضى الرقمية
- الكوكايين السلوكي: كيف نحمي جيلنا من الهاوية الرقمية؟-
- كل الغياب يعود الا انت
- دعينا نلتقي
- انتم الخراب الذي يمشي على قدمين


المزيد.....




- من كاميرات دار الأوبرا.. محمد صبحي يشارك توضيحًا بشأن فيديو ...
- رفضت -بي بي سي- عرضه.. فيلم عن أطباء غزة يفوز بجائزة الصحافة ...
- فيلم -غزة: أطباء تحت الهجوم- يفوز بجائزة الصحافة الأجنبية بع ...
- بالصورة..كاريكاتير عن نتنياهو وغزة يهز أوروبا!
- هولندي يفوز بجائرة أفضل كاريكاتير عن رسم يفضح الإبادة الإسرا ...
- أول عيد ميلاد بدون ديان كيتون.. صنّاع فيلم -The Family Stone ...
- احتفالية في عمان بمناسبة اليوم العالمي لعائلة اللغة التركية ...
- فنان هولندي يفوز بجائزة الكاريكاتير الأوروبي عن رسم يعبر عن ...
- هولندي يتوّج بجائزة الكاريكاتير الأوروبي عن رسم يفضح الإبادة ...
- وفاة الممثل الأميركي بيتر غرين.. العثور على نجم أدوار الشر م ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - أصعب اشتياق