أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد الطيب - انتم الخراب الذي يمشي على قدمين














المزيد.....

انتم الخراب الذي يمشي على قدمين


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8546 - 2025 / 12 / 4 - 19:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إلى كل من يتصدّر مقعدًا في دولة كان ينبغي أن تكون وطناً لا مزرعة: لقد خرقتُم كل المواثيق الإنسانية، ودنّستُم كل المبادئ الأخلاقية، ومزّقتم حتى آخر خيط من الثقة بينكم وبين شعبٍ صبر عليكم حتى تَحوَّل صبره إلى لعناتٍ تُلقى كل صباح. إن الفساد الذي تفشّى في مؤسسات الدولة على أيديكم لم يعد مجرد خلل إداري، بل أصبح منظومة جشع متكاملة، دولة ظلّ تتحكم بالدولة الأصلية، وأخطبوط يمتص دم العراقي حتى آخر قطرة.
يا من تتشدقون بالشعارات الوطنية، كيف تنامون في بيوتكم المكيّفة وأنين الفقراء يهزّ جدران العراق؟ كيف تبتسمون أمام عدسات الكاميرات وأنتم تعلمون أن ملايين الناس يعيشون تحت خط الفقر، بينما حساباتكم تنتفخ كأنها تبتلع عمر هذا البلد؟ إن ما فعلتموه بالعراق لم يفعله غزو ولا حروب. أنتم أكبر خسارة في تاريخنا الحديث، لأن الخسارة حين تأتي من الداخل تكون أقسى وأعمق وأشدّ مرارة.
لقد حوّلتم المناصب إلى ملكيات خاصة، والمشاريع إلى حصّالات شخصية، والمناقصات إلى بورصة للرشوة، والقوانين إلى مطايا تُلجم وتُحلّ وفق مصالحكم. المواطن عندكم ليس إنساناً بل رقمًا يُعدّ عند الانتخابات، وصوتًا يُشترى، وجثة تُترك على قارعة الإهمال. وكلّما ازداد صراخ الشارع، زاد صممكم، وكأنكم اخترعتم لأنفسكم نوعًا جديدًا من الطغيان: الطغيان الهادئ الذي يقتل بلا رصاص ويهدم بلا تفجير.
يا سادة السلطة، هل تدركون أنكم صنعتم جيلاً كاملاً لا يحلم بوظيفة أو بيت أو مستقبل، بل يحلم بالهروب؟ هل تدركون أنكم جعلتم العراقي يشعر بالغربة داخل وطنه، وأن كل طفل يولد اليوم يولد مثقلاً بالديون التي راكمتموها لنهبكم لا لبناء البلد؟ أي وصمة هذه التي ألصقتموها بتاريخ العراق؟ أي عار هذا الذي سيسجّله الزمن عليكم؟
جعلتم العراق مسرحًا للمهزلة: وزارات تُباع وتشترى، ميزانيات تُنهب جهارًا، عقود تُكتب بالدم، ولصوص يرتقون المناصب، بينما الشرفاء يُداسون لأنهم لا يعرفون الرشوة ولا يتقنون لغة النفاق. تهدمون مدارس وتتركون مستشفيات تتعفّن، ثم تتفاخرون بإنجازات لا يراها إلا من سكن الخضراء. لو كان فيكم حياء لنظرتم في عيون الأمهات اللواتي دفنّ أبناءهن بسبب فسادكم، وفي عيون المرضى الذين يموتون بسبب تردّي الخدمات، وفي عيون العاطلين الذين جفّت أحلامهم وأنتم تتصارعون على الكراسي.
البلد الذي أعطاكم كل شيء، لم تعطوه شيئًا. العراق الذي احتضنكم وأنجبكم، خنقتموه بطمعكم. والناس التي انتخبتكم، خذلتموها حتى صارت تحتقر اللحظة التي صدقتكم فيها. لن يرحمكم التاريخ، ولن تنفعكم قصوركم ولا حماياتكم ولا تصريحاتكم المعسولة. الفساد الذي بنيتموه سيهدمكم قبل أن يهدم البلد، لأن كل عروش الظلم نهايتها السقوط، وكل خراب بدأ بكم سينتهي عليكم.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفض تاريخي آخر: لماذا تبتعد المرجعية عن لعبة الكراسي؟
- ماض لن يعود .. كوجه جميل غادره الضوء
- أحملك بقلبي وأدفنك بصمتي
- جمال الموت
- أجمل المحطات
- دروع الإبداع… حين صار الوهم أعلى من الحقيقة
- جريح الثقة لا يُشفى
- لا تمنح الحقيقة كاملة .. انهم لن يفهموك !!
- بين الثائر والطاغي شعرة
- لقد كانت معركة عظيمة كلفتني قلبًا بأكمله
- ظل الآخر
- قلب مسافر عاشق
- رحيل في منتصف الطريق
- السيادة.. ليست علماً يرفرف ولا نشيداً يصدح
- خرابٌ تحت قبّة الجامعة: حين يتحوّل الجهل إلى لقبٍ أكاديمي
- عندما تتحوّل الكتابة إلى مطرقة لا ترحم
- الكتابة واشكالية المتلقي
- في المسافة بين إنسانيتهم… و ( انسانيتنا )
- حين يفقد الوطن كرامته
- من قال إن الزمن يشفي؟


المزيد.....




- حياة الفهد تتعرض لـ-أزمة صحية حادة- بينما تواصل العلاج بلندن ...
- قائد سابق في سلاح الجو الإسرائيلي يحذّر: -إما غزو إيران أو ا ...
- خمسون عاماً على رحيل حنة آرنت: المفكرة التي أرادت إنقاذ التف ...
- العراق يصحح قائمة تجميد أموال بعد إدراج حزب الله اللبناني وا ...
- مقتل ياسر أبو شباب المتعاون مع الجيش الإسرائيلي بغزة
- النشطاء وأصحاب الرأي في الناصرية يواجهون خطراً متصاعداً
- كاتب أميركي: الولايات الحمراء تنقلب على نظام ترامب للترحيل ا ...
- اتهامات إثيوبية لمصر تثير جدلا واسعا على المنصات
- -من -إكس- إلى -غروك-.. كيف يغير -كولوسس- قواعد اللعبة؟
- الرئيس الرواندي: الاتفاق مع الكونغو الديمقراطية أنهى الصراع ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد الطيب - انتم الخراب الذي يمشي على قدمين