عماد الطيب
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 09:43
المحور:
الادب والفن
هكذا نحن أحيانًا. . نروي قلوبًا بلا جذور، نمنح حنانًا لمن لا يزهرون مهما حاولت، نسكب أعمارنا فوق أناسٍ صُمِّموا للزينة فقط، يبدون رائعين من بعيد، لكنّك إن اقتربت أكثر تكتشف أنّ دفئك لا ينفذ إليهم، وأنّ ما تمنحه لا يتغلغل فيهم، وأنّك مهما حاولت لن تصنع بهم حياة.
تشبه تلك الزهرة التي تضعها على الطاولة؛ تظنها حقيقية لوهلة، حتى إذا سقيتها، أدركت الحقيقة القاسية: الماء لا يغيّر من لا يملك بذرة حياة في داخله.
كم من مرةٍ كنت أنت المطر؟ تأتي محمّلًا بالعطف، تحاول أن تُنبت شيئًا في قلب أحدهم، تُصلح شرخًا، تُنعش علاقة ذابلة، تردم جفافًا امتد طويلاً… ومع ذلك، يعود إليك الصمت، يعود إليك الجمود، تعود إليك نفس الملامح التي لا تتحرك ولا تنبض، كما لو أنك لم تفعل شيئًا. وتجلس وحيدًا، تسأل نفسك: هل كنت خطأً حين منحت ماءك بكل تلك السخاء؟ هل كنت ساذجًا لأنّك آمنت بأنّ الورد يزهر إن أحببته بما يكفي؟ لكن الحقيقة مؤلمة يا صديقي: ليس كلّ ما يشبه الورد يستحق السقي. وليس كلّ من يشبه البشر قادرًا على الشعور.
والأصعب من كل هذا أنّك تظل تُلام على عطائك، يُعاتبك الآخر لأنك "أسرفت" بالماء، وكأنّ المطر خُلق ليحتفظ بنفسه، لا ليمنح.
في النهاية ستتعلم الدرس، وإن كان بدمعةٍ ساخنة: أن هناك قلوبًا مزيّفة مهما بلّلتها بالعطف، ستبقى جافة، ممسكة بدورها كتحفةٍ على رفّ بعيد. وأن قلبك، هذا الذي يسقي الآخرين، يستحق أن يصبّ ماءه في تربةٍ حقيقية، في روحٍ تعرف كيف تزهر، في إنسانٍ يشعر بك حين تهطل.
وحينها فقط… لن يبكيك المطر، بل سيغسلك من خيبةٍ طويلة، ويقودك إلى زهرةٍ واحدة… حقيقية… يكفي أن تلمسها، حتى ترجع الحياة إلى صدرك من جديد.
#عماد_الطيب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟