أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عماد الطيب - الوعي كألمٍ ناعم














المزيد.....

الوعي كألمٍ ناعم


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8563 - 2025 / 12 / 21 - 11:28
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لها ميزاتٌ لا تُرى بالعين فقط، بل تُحَسّ كما يُحَسّ الضوء حين يمرّ في الروح دون أن يترك ظلاً. صفاء قلبها ليس ادعاءً، ولا قناعًا اجتماعيًا، بل حالة داخلية مستقرة، كأنها وُلدت وهي تعرف أن الطمأنينة موقف، وأن الصدق مع النفس أعلى مراتب الشجاعة. تحب نفسها بهدوء، وتفهمها دون قسوة، لذلك تمنح الآخرين فرصة أن يكونوا حقيقيين أمامها.
نيتها الجميلة لا تبحث عن مقابل، والتسامح عندها ليس ضعفًا ولا استسلامًا، بل اختيار واعٍ. هي تسامح لأنها أقوى من الأذى، ولأنها تعرف أن الحقد عبء ثقيل لا يصلح لحياة تريد أن تمضي خفيفة. تترك الباب مواربًا للقلوب التي تعثرت، وتمنح الأعذار بكرم من لا يخشى الخسارة، لكنها في العمق لا تنسى الدروس، ولا تخلط بين الصفح والسذاجة.
هي لا تتغافل، وهذه أجمل مفارقاتها. ترى التفاصيل الصغيرة، تلتقط النبرة الخاطئة، وتشعر بالالتواء قبل أن يُنطق. تدرك متى ينحرف الحديث، ومتى يتحول الصدق إلى مراوغة. لا تواجه بعنف، ولا تفضح بسخرية، لكنها تضع حدودها بصمت، كمن يرسم خطًا رفيعًا لا يُرى، لكنه لا يُتجاوز.
إن سرتَ معها بصورة طبيعية، فعليك أن تعبر مطبات الحديث بحذر الواعين لا بخفة المستهينين. الحديث معها ليس ساحة استعراض، بل مساحة اختبار للنيات. الكلمات عندها تُوزن، والمواقف تُقرأ بين السطور، والصدق يُكتشف في أبسط الجمل. لا تحب المبالغات، ولا تطمئن للخطابات اللامعة، بل تنصت لما خلف الكلام، لما لم يُقل.
وجودها يعلّمك أن الصفاء لا يعني الغفلة، وأن القلب النقي قد يكون أكثر القلوب يقظة. هي امرأة لا ترفع صوتها لتثبت قوتها، ولا تُشهِر قسوتها لتدافع عن نفسها. قوتها في وعيها، وفي قدرتها على أن تكون طيبة دون أن تُستباح، ومتسامحة دون أن تُخدع، وصادقة دون أن تجرح نفسها.
هي ببساطة: قلبٌ أبيض يعرف الطريق، وعقلٌ حاضر لا ينام. ومن يحسن السير معها، سيكتشف أن الجمال الحقيقي ليس فيما تمنحه لك، بل فيما تُجبِرك أن تكونه وأنت بقربها.
من صفاتها المبالغة في الحذر، لا لأنه خوف، بل لأنه وعيٌ مكتمل.هي لا تبتلع الكلام كما يُقدَّم، تمضغه ببطء، تتذوق معانيه، وتفصل بين نبرته ومقصده. لا تهضم الكلمات بسهولة، لكنّها حين تقتنع، تفعل ذلك بسرعة مدهشة، كأن القناعة لديها قرار سيادي لا يحتمل التأجيل.
حين تصغي لحديثك، تشعر أنك في حضرة ملكة. ليس لأن العرش حاضر، بل لأن الهيبة تسكن الإصغاء ذاته. عيناها لا تقاطعان، وصمتها ليس فراغًا، بل امتلاءً بالانتباه. تصغي كما لو أن الكلمات وثائق رسمية، وكل جملة تحتاج ختمًا داخليًا قبل أن تُعتمد. في حضورها، تتعلم أن الكلام مسؤولية، وأن كل حرف يحمل وزنه من الصدق أو الخفة.
وحين تتحدث، تتبدل الكلمات كما تتبدل الفصول.
تارة تهمس بالكلمات، فتقترب المعاني منك دون أن تشعرك بالهجوم، وتارة تقذف بالكلمات كمن يلقي خطابًا، لا لتفرض رأيًا، بل لتعلن موقفًا. تعرف متى تكون ناعمة كظل فكرة، ومتى تكون حادة كحدّ الحقيقة.
هي لا تجادل كثيرًا، لكنها تفهم بعمق.
ولا تمنح الثقة بسهولة، لكنها حين تمنحها، تفعل ذلك بكامل حضورها. حذرها ليس جدارًا، بل بوابة، من عرف كيف يطرقها دخل، ومن استعجل الولوج بقي في الخارج يسيء الفهم.
في ملامحها هدوء لا يعني الاستسلام، وفي كلماتها صرامة لا تعني القسوة. هي توازن نادر بين القلب والعقل، بين الإصغاء والحكم، بين الهمس والخطاب.
هي امرأة إذا حضرت علّمتك أن الحذر فضيلة، وأن الكلام لا يكون جميلًا إلا حين يُقال في وقته وبقدره. ومعها تدرك أن بعض الناس لا يحتاجون أن يرفعوا صوتهم… يكفي أن يصغوا، ليصبحوا ملوك اللحظة.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الطيبة والانفعال: سقوط الصورة الجميلة
- تعلموا النسيان .. وتركوا لنا الذنب كاملاً
- عدتِ متأخرة… فوجدتِ الخراب منظّماً
- عودة الشخص الآخر… عودة الحياة بطعم العتاب
- إمرأة من خيال
- همسة تصل… فتُزهر الروح
- الإنسان بعد انتهاء صلاحيته: قراءة في عنف التصنيف
- منحة المثقفين في ميزان التسليع: حين تُقاس الثقافة بفتات المو ...
- الشتيمة كفشل ثقافي: لماذا نُهين الصبر والوفاء؟
- صورة واحدة تكشف صدق الحوارات
- الهاتف… اليد الثالثة التي أطاحت بشخصية الشباب
- ابن الحضارة لا يُهزم
- أصعب اشتياق
- أصدقاء مرّوا… فصاروا وطناً
- حب يفيض على صدر يخشى الندى
- المرأة الأخرى
- الإنسان الأخير في زمن الخراب الناعم
- الاعلام الحربي الناعم
- عبث العطاء في عالم بلا جذور
- وهم المكانة وحقيقة الآخر


المزيد.....




- اغتصاب مدعوم بالذكاء الاصطناعي!
- امرأة أميركية تجني 200 ألف دولار من هواية تربية الدمى فائقة ...
- -لا أتشبّه بالكفار-.. فيديو لطالبات قاصرات حول الاحتفال بعي ...
- أين انتهى المطاف بسليل الأسرة العثمانية، وكيف يُنظر إليه في ...
- صحافي روسي يطلب الزواج من صديقته خلال المؤتمر الصحافي لبوتين ...
- محاكمة هزت ألمانيا.. رجل يُدان بتخدير واغتصاب زوجته وتصويرها ...
- عمل النساء من المنزل راحة أم عزلة؟
- الرجال أم النساء.. من يواجه صعوبة أكبر في التعافي بعد السكتة ...
- سوريا: وزارة العدل تمنع وصاية الأم على أبنائها/بناتها!
- القبض على زوج اعتدى على زوجته بآلة حادة في الفيوم


المزيد.....

- الحقو ق و المساواة و تمكين النساء و الفتيات في العرا ق / نادية محمود
- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عماد الطيب - الوعي كألمٍ ناعم