حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 21:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في المنعطفات التاريخية الكبرى، يميل البعض إلى الاصطفاف مع التيار السائد، أو الاقتراب من دوائر النفوذ المنتصرة ، اعتقاداً منهم بأن هذا الخيار يمنحهم حصانة وأماناً، أو سيجلب لهم نفوذا وعلوا فى الأرض، لكن التاريخ والواقع يثبتان مراراً وتكراراً أن هذه الحصانة ليست إلا وهماً مؤقتاً، خاصة إذا بدا أن هؤلاء لا ينصاعون بالكامل ،
إن الصمت عن الظلم الذي يطال الآخرين، و دعم لحظة تبدو "رابحة"، لا يبني جدار حماية دائم لأحد. فالاستثناءات التي تُقبل اليوم كضرورة، قد تتحول غداً إلى قاعدة تطال الجميع، وحينها يصبح من راهن عليها هو الضحية التالية التى ستقبع في فخ مفاجئ لم يكن في حسبانها.
ومن الجدير بالذكر أن الصمت المقصود هنا،لايقتصر فقط على مجرد غياب للكلمةوحدها، لإنه في كثير من الأحيان يعبر عن مواقف متعمدة مدروسة، تغلّف بمبررات تبدو منطقية مثل: "الوقت غير مناسب" أو "درءاً للفوضى" أو "الاختيار الشعبى لم يكن صائبا" أو "الأمر مؤقت "
و تلك المبررات بالطبع، غالباً ما تكون قناعاً يخفي تراجعاً عمليا عن المبادئ والقيم البديهية و الأساسية.
المقلق في الأمر أن هذه الظاهرة تتجاوز كونها خيارات فردية، لتكشف عن خلل في الوعي العام؛ وعيٌ قَبول بفكرة أن المبادئ يمكن أن تتجزأ، وأن التمسك بالصواب قد يصبح ترفاً لا ضرورة.
إن الخطأ كل الخطأ يكمن في أن الاستثناءات تقنع صانعيها وداعميها، بأنهم سيظلون إلى الأبد في مأمن منها، حتى يجدوا أنفسهم فجأة في قلب العاصفة التي صمتوا عنها.
ففي السياسة، كما في الحياة، قد يؤجل الصمت المواجهة، لكنه حتماً لا يلغيها.
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟