أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - حسن مدبولى - أبطال نسيهم التاريخ














المزيد.....

أبطال نسيهم التاريخ


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 00:18
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


أرجو ألا يتصور أحد أنني أهرب إلى الماضي بحثًا عن "قضايا آمنة" أو نماذج جاهزة، فالحاضر يفيض بضحايا جدد يحتاجون إلى متابعة وانحياز ودفاع، وقد أشرنا من قبل للبعض منهم، وسيحين الوقت حتما بإذن الله تعالى لإعادة الحديث عن غيرهم ،

لكن قبل أن نفتش في حاضرنا الملتهب، ثمة مآسٍ قديمة لا يجوز أن تُترك للنسيان، تتعلق بأسماء مُهمَّشة لم تجد من يعيد سرد حكايتها، ويكشف عن مأساتها، خاصة ونحن نعيش أجواء تجارب انتخابية معاصرة،حاول البعض خلالها تخليق بطولات مزيفة وفرضها على إهتمامات المقاطعين بالفطرة !!

ومن بين تلك الأسماء المهمشة التى تستحق الخلود فى الذاكرة المصرية ، تأتي سيرة السيدة الصعيدية الشجاعة المرحومة نعمات حسن، التي حاولت أن تبدأ رحلة التغيير بثبات وأمل ،فانتهت حياتها قبل أن تخطو خطواتها الأولى.

كانت نعمات حسن امرأة بسيطة من الوجه القبلي، لكنها كانت ممتلئة بطموح كبير، تنشد أن تصبح أول سيدة تصل إلى البرلمان عبر منافسات حقيقية غير مصطنعة،أو تعيينات سلطوية منحازة، وقد خاضت الانتخابات على قوائم حزب العمل الاشتراكي في عام 1984، في لحظة سياسية خاصة؛ إذ جاءت هذه الانتخابات بعد تولي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الحكم بعامين، وفي وقت ظن فيه كثيرون أن الحياة السياسية قد تشهد انفتاحًا نسبيًا وتنافسًا أوسع مما سبق، خاصة بعد إغتيال سلفه محمد أنور السادات،

كان الحزب الوطني الحاكم بعائلاته وعشائره وسلطويته، لا يزال القوة المهيمنة آنذاك، لكن مناخ السنوات الأولى لحكم مبارك دفع شريحة من النخبة والعامة إلى الاعتقاد بأن "اللعبة السياسية" قد تكون ممكنة، وأن الحوار والمنافسة القانونية يمكن أن يفتحا بابًا للتغيير. لذلك شاركت أحزاب المعارضة - ومنها حزب العمل - بحماس شديد، وشجعت تلك الأجواءالكثيرين من خارج الأحزاب، على خوض الانتخابات لأول مرة، ومن بينهم السيدة نعمات حسن، مرشحة الدائرة الأولى في محافظة قنا.

كانت مشاركتها في حد ذاتها حدثًا غير مألوف لامرأة من جنوب الصعيد. كما إنها لم تكتفِ باللافتات والدعاية التقليدية، بل جابت القرى والنجوع بنفسها، تسير على قدميها تخاطب الناس وجهًا لوجه، وتدعوهم إلى المشاركة في تحريرالقرار العام، وكانت شجاعتها واضحة، خاصة وهي تتحرك في بيئة انتخابية يغلب عليها النفوذ العائلي والقبلي،وتقودها الأعراف والعادات المحافظة، غير المعتادة على نشاط سياسى أنثوى مستقل ،،

وفي يوم 27 مايو 1984، أثناء زيارتها لنجع بدران - أحد نجوع مدينة الكرنك آنذاك - استقبلها الأهالي العاديون غير الموجهين بترحاب كبير، وبدا وكأن هؤلاء يميلون إلى منح أصواتهم لامرأة جاءت من خارج العائلات التقليدية لتخوض منافسة نظيفة، غير أن هذه اللحظة المضيئة لم تكتمل؛ فخلال مغادرتها النجع، وبينما كانت تودع مؤيديها، تعرضت لإطلاق نار غادر أنهى حياتها على الفور.

لم يكن هناك خلاف عائلي، ولا دافع شخصي معروف، ولا توجد حتى الآن رواية قضائية منشورة تشرح ما جرى أو توضح المسؤول عن إغتيالها، كل ما عرفه الناس وقتها أن امرأة مصرية دفعَت حياتها ثمنًا لمشاركتها السياسية، ولمحاولتها خوض تجربة ديمقراطية بجرأة غير مألوفة.

أثارت الواقعة صدى واسعًا في أيامها الأولى، وكتب عنها مثقفون ونشطاء مثل نوال السعداوي ومصطفى أمين، بالإضافة إلى صحف المعارضة كـ"الشعب" و"الأهالي" و"الوفد". لكن سرعان ما هدأ كل شيء، وتلاشى اسمها من الذاكرة العامة. فلم يخلدها موقع رسمي أو أهلي، ولم تُدرج قصتها في تاريخ الحركة النسائية أو الحياة السياسية، ولم تذكر الهيئات المعنية بتمكين المرأة أي معلومات عنها لاحقًا،

رحلت نعمات حسن وبقيت قصتها معلقة: بلا تحقيق منشور، ولا توثيق، ولا اعتراف يليق بحجم شجاعتها.
لذا فأقل تقدير لها، أن نعيد طرح سيرتها العطرة، وأن نذكر الناس بما جرى لامرأة حاولت أن تفتح نافذة صغيرة للديمقراطية من قلب الصعيد... فدُفعت قسرا خارج الحياة نفسها.

رحمها الله رحمة واسعة.



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرج، وسيدة القرن !
- ست البلاد ، الدكتورة نعمات أحمد فؤاد
- أربعة مبدعين ،،،
- أربعة شعراء،انحنوا جميعا،إلا واحد!؟
- دولة التلاوة، وضياع الهوية !؟
- من الديانات الإبراهيمية ،،،
- المقاومة والزمالك ،،
- إزدواجية معايير الدعم الإنسانى !!
- المدارس متعددة، والمعزوفة واحدة!!
- إنتخبوا الرجل الشيك !؟
- الإستنارة الإنتقائية !!
- التحول الذى يثير الحزن !؟
- التصنيف وفقا للرغبة أو الطلب،،
- إنتهاك براءة الطفولة( مأساة جان جينيه)
- كيف نجت بعض الملفات من المحاسبة عقب ثورة 25 يناير 2011
- شر البلية !!
- بوصلة الأهلى والزمالك !!
- تصريحات إستهلاكية !!
- الدعم المؤلم المرير،،
- للقذارة لون واحد !


المزيد.....




- النظام المخزني: الديمقراطية الشكلية وسبل التغيير الديمقراطي ...
- م.م.ن.ص// ذلك الشتاء من عام 1977
- The Next Wars Were Always Here — How Post 9/11 Law and the M ...
- بيان حزب النهج الديمقراطي العمالي بجهة أوروبا الغربية
- حزب التقدم والاشتراكية يُحذِّر من التراجعات الحقوقية في عهد ...
- كلمة الأستاذة نهلة موهاج كريمة الشهيد موهاج علال، باسم أبناء ...
- إستراتيجية أمريكية جديدة تثير قلق أوروبا وتغازل اليمين المتط ...
- Converging Crises: Capitalism, Poverty, and the Failure of G ...
- We Need to Know How Corporate Democrats Made President Trump ...
- Iraq’s Sovereignty Cannot Grow While U.S. Power Only Changes ...


المزيد.....

- [كراسات شيوعية]اغتيال أندريه نين: أسبابه، ومن الجناة :تأليف ... / عبدالرؤوف بطيخ
- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - حسن مدبولى - أبطال نسيهم التاريخ