حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 8532 - 2025 / 11 / 20 - 18:59
المحور:
الادارة و الاقتصاد
إن القول بأن تقليص الدعم كان “دواءًا مرًّا لا بد منه” يتجاهل قاعدة اقتصادية بديهية مضمونها أنه لا يمكن لأي إصلاح مالي أن ينجح ما لم يُبنَ على إدارة رشيدة للموارد، ورؤية إنتاجية واضحة، وهيكل مؤسسي يضم كفاءات مستقلة قادرة على اتخاذ القرار بعيدًا عن الاعتبارات الهامشية قصيرة النظر.
وعلى مدار السنوات الماضية، لم يكن الدعم هو العبء الحقيقي على الموازنة، فالعبء الفعلي تمثّل في الاقتراض المتسارع لتمويل مشروعات ضخمة غيبت عنها دراسات الجدوى المستقلة، وافتقرت إلى معايير الأولوية والعائد، وهو ما أدى إلى قفزات غير مسبوقة في حجم الدين العام وخدمته، ودفع المواطن إلى تحمّل فاتورة ضخمة لسياسات لم يكن شريكًا فيها.
ومن ثم، فإن الحديث عن تقليص الدعم – أياً كانت الصياغة التي يُقدَّم بها – يفقد معناه الاقتصادي ما دام يجري بالتوازي مع:
- توسع في الاقتراض يفوق قدرة الاقتصاد على السداد من موارد إنتاجية حقيقية.
- إنفاق رأسمالي وبذخ حكومي في مشروعات لا تحقق عائدًا سريعًا ولا تعالج مشكلات الناس اليومية.
- غياب أولويات واضحة تمنح التعليم والصحة والصناعة المحلية ما يليق بأدوارها في خلق النمو.
- تراجع دور الخبرات الاقتصادية المستقلة لصالح مقاربات أمنية لا تمتلك أدوات التخطيط الاقتصادي ولا منطق تقييم المخاطر.
فالمبادئ الأساسية التي تقوم عليها الاقتصادات الحديثة ليست معقدة، بل يعرفها المبتدئون:
1. تعظيم الإيرادات عبر الإنتاج والتصدير، لا عبر التوسع في الجباية والرسوم والغرامات، ولا عبر الاعتماد المفرط على تحويلات العاملين بالخارج والسياحة وإيرادات المرافق والممرات المائية ،
2. اختيار مشروعات ذات جدوى فعلية بدلًا من المشروعات الاستعراضية التي تستهلك موارد نادرة وتضاعف الديون دون خلق قدرة إنتاجية.
3. تحقيق توازن دقيق بين ضبط الإنفاق وحماية الفئات الأكثر هشاشة لضمان الاستقرار الاجتماعي.
4. إدارة مهنية للموارد البشرية، تعتمد على الكفاءة لا على الولاء.
أما الاستمرار في تحميل المجتمع كلفة قرارات خاطئة ثم تقديم ذلك بوصفه “علاجًا مؤلمًا”، فهذه ليست وصفة إصلاح، بل وصفة لإعادة إنتاج الفقر وتوسيعه، وإبقاء الاقتصاد في دائرة لا يمكن كسرها دون تغيير جذري في طريقة التفكير وإدارة الدولة لاقتصادها،
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟