أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حسن مدبولى - روسيا والصين، قطبان بلا روح














المزيد.....

روسيا والصين، قطبان بلا روح


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8511 - 2025 / 10 / 30 - 08:36
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


ليست غريبة ولا مفاجئة تلك المواقف الإنشائية الهزيلة التي اتخذتها الغالبية العظمى من الدول العربية ردًا على ما جرى في غزة من هدم وتدمير وإبادة جماعية ضد الأطفال والنساء والمدنيين العزّل.
لقد صار الصمت العربي الرسمي مشهدًا مألوفًا، بل وصار الحياد نفسه يبدو أكثر شرفًا منه، في وقتٍ عبّرت فيه دول من أمريكا اللاتينية، مثل كولومبيا وبوليفيا وتشيلي وفنزويلا والبرازيل، ومعهم جنوب إفريقيا ، عن مواقف أكثر احترامًا وإنسانية، إذ لم تتردد تلك الدول في إدانة العدوان بشكل علني واضح أتبعه، قطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني العنصري، ورفع القضايا الدولية ضده ،
أما مواقف دول الغرب "العريقة" — من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا إلى كندا وأستراليا وإيطاليا والولايات المتحدة — فليست سوى التعبير الأوضح عن منظومتها القيمية والسياسية المتجذّرة في نزعتها الاستعمارية. تلك المنظومة التي غيّرت لغتها وشعاراتها، لكنها لم تتخلَّ يومًا عن عنصريتها الموروثة.

لكن ما يثير الدهشة حقًا ليس الغرب، بل الشرق.
فالموقف الأكثر التباسًا جاء من موسكو وبكين معًا؛ قوتان تمتلكان النفوذ والسلاح والقدرة على قلب الموازين، لكنهما اختارتا الصمت المتواطئ تحت غطاء "الحياد" و"القلق العميق".
لم تستغل روسيا ولا الصين هذه اللحظة التاريخية لفضح الغرب في جرائمه الموثقة بغزة، ولم تحاولا تقديم نفسيهما كقطب إنساني بديل أو كصوتٍ للعدالة في عالمٍ يغرق في النفاق.
ففي مواجهة المجازر، اكتفت موسكو بالتصريحات الغامضة، لأنها لا تريد أن تغضب إسرائيل، ولا أن تُظهر انحيازًا إلى صفٍّ عربي لا ترى فيه مصلحة مباشرة.
أما بكين، فكانت أكثر برودًا وحسابًا، تقيس كلماتها بميزان التجارة لا بميزان القيم، وتتحاشى كل ما قد يعرقل علاقتها بالغرب أو أسواقه.

وربما يمكن — ببعض التسامح — إيجاد مبرر لموسكو، فهي غارقة في حربٍ طويلة باهظة في أوكرانيا، تدفع ثمنها دمًا واقتصادًا وعزلة. لكنها حتى في تلك الحرب تُمارس "رقّةً عجيبة" مع خصومها الغربيين: لا تستهدف القوافل التي تمدّ كييف بالسلاح علنًا، ولا تردّ بالمثل على مَن يموّلون الحرب ضدها،
روسيا التي سوّت حلب وحمص بالأرض، تتعامل مع كييف اليوم بحذرٍ مبالغ فيه، وكأنها تحاول أن تُقنع العالم بأنها "حضارية" حتى في الحرب، وأنها تخلّت عن وحشيتها القديمة تحت ضغط الملاحقة القضائية الدولية.

أما الصين، فحالتها أكثر إثارة للشفقة.
فهي لا تخوض حربًا، ولا تواجه خطرًا وجوديًا، لكنها تنسحب من كل ساحة يمكن أن تضعها في مواجهة مباشرة مع واشنطن أو حلفائها.
لم نرَ منها موقفًا حازمًا إزاء الجرائم الأمريكية في العراق أو سوريا أو اليمن، ولا حتى تجاه الاعتداءات المتكررة التى تمت ضد إيران، شريكتها الاقتصادية المفترضة.
بل أن الصين تلك، تحوّلت في بعض الملفات إلى أداة ضغط بالنيابة عن واشنطن، إذ هددت الحوثيين وخوفتهم من مغبة استهداف السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية!

لقد تنازلت بكين عن تاريخها الثوري، وخلعت ثوبها الماركسي القديم، واختارت أن تلعب دور "الشرطي التجاري الهادئ" الذي يساوم على المبادئ مقابل الاستقرار المالي.

وهكذا تتضح الصورة:
روسيا غارقة في مأزقها الأوكرانى الذاتي، والصين أسيرة حسابات السوق والربح، وكلاهما لا يرى في غزة سوى ملفٍ صغير لا يستحق المغامرة.
أما الحديث عن "نظام دولي متعدد الأقطاب"، فليس سوى أسطورة جديدة.
فالعالم لم يتحول إلى منظومة أكثر عدلًا، بل إلى منافسة بين إمبرياليتين: غربية وشرقية، تختلفان في اللغة والزيّ، وتتفقان في الجوهر.
القطب الشرقي ليس بديلًا أخلاقيًا عن الغربي، بل هو نسخة معدّلة من ذات المنطق القديم: القوة فوق العدالة، والمصلحة فوق الإنسان.

لذلك، فإن التعويل على موسكو أو بكين بوصفهما نصيرتين للقضايا العربية أو حليفًا للقيم الإنسانية، ليس إلا وهماً جديدًا يُضاف إلى سلسلة أوهامنا الطويلة.
فالعالم اليوم لا ينقسم إلى شرقٍ وغرب، بل إلى شعوبٍ تبحث عن الحرية والكرامة، وأنظمةٍ شرقية وغربية ، تتاجر بالدماء والأحزان، من أجل النفوذ والسلطة.
وما لم تُدرك الشعوب هذه الحقيقة، ستظل تدور في الحلقة ذاتها: من استعمارٍ إلى آخر، ومن خيبةٍ إلى خيبة، مع تغيّر الأعلام فقط لا المنطق الذي يحكم العالم.



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطرف بمحافظة المنيا ،،
- كرامة المصريين فى الخليج !!
- المجالس العرفية !!
- مع من نتعاطف فى السودان!؟
- الخلل فى التعاطف الطائفى !!
- مش قوى كده!
- ساركوزى ونتانياهو،والإسطورة المصرية !؟
- رأس الذئب الطائر !!
- العقد الماضى، قراءة شديدة الحياد،والتحسب،،
- ذكرى الإطاحة بالقذافى !!
- يومكم قادم لامحالة ،،
- عقيدة القتل والارهاب !!
- رسالة أحمد حسن الزيات
- مصر تكتب الوصية ،،
- عماد الدين أديب ،وأفرايم الزيات
- عمران خان، وباكستان ،،،
- العدالة الإنتقائية من الدوحة إلى أبوظبي
- وإنت مال أمك !؟
- من دروس غزة المستفادة !!
- كيف خان الفلسطينيون غزة؟


المزيد.....




- يشتري الجريدة ويستقلّ التاكسي.. صورٌ نادرة تكشف الجانب -الخا ...
- تحليل تعابير وجه الرئيس الصيني وما التقطه الميكروفون من حديث ...
- قرية إيطالية خلابة تقدّم 23000 دولار للراغبين بالانتقال إليه ...
- -جائحة الوحدة-: لماذا نشعر بالعزلة في عالمٍ فائق التواصل؟
- ترامب يقول -وقف إطلاق النار ليس في خطر- بعد مقتل أكثر من مئة ...
- تدمير معسكرين لتهريب المخدرات بفنزويلا و4 قتلى بضربة أميركية ...
- إدانات لجرائم الدعم السريع بالفاشر ودعوات بأميركا لتصنيفها - ...
- دراسة علمية: ارتفاع درجات الحرارة عالميا يقتل شخصا كل دقيقة ...
- غوتيريش: العالم فشل في كبح الاحتباس الحراري والعواقب باتت -و ...
- لجنة الهدنة القنصلية عام 1948.. محاولة دولية فاشلة لوقف القت ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حسن مدبولى - روسيا والصين، قطبان بلا روح