أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن مدبولى - مع من نتعاطف فى السودان!؟














المزيد.....

مع من نتعاطف فى السودان!؟


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8509 - 2025 / 10 / 28 - 12:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بصراحة، لا أجد نفسي متعاطفًا حاليًا مع مجمل مكونات الشعب السوداني، رغم هول ما يعيشونه من دمار ومآسٍ إنسانية. ليس لأن المأساة أقل فداحة من غزة مثلا ، بل لأن جذورها داخلية، وصُنّاعها سودانيون قبل أن يكونوا ضحاياها. فالدماء التي تسيل هناك ليست بفعل غزوٍ خارجي، بل بأيدي أبناء الوطن الواحد. من يقتلون اليوم كانوا شركاء الأمس في السلطة، والعنف المشتعل في الخرطوم ودارفور وكردفان لا تقوده جيوش غريبة، بل ميليشيات خرجت من صميم الجسد السوداني ذاته.

ثم إن الموقف الرسمي السوداني في السنوات الأخيرة لم يكن شريفًا ولا متزنًا، حين اختار التواطؤ مع إثيوبيا في قضية سد النهضة، مساندًا خصمًا يسعى لحرمان مصر من شريان حياتها، وكأن النيل لم يكن يومًا رابطًا للمصير بين الشعبين. أما الموقف الشعبي والنخبوي فكان أشد قسوة، حين انطلقت الحناجر تبرّر التطبيع مع الكيان الصهيوني بحجة “مصالح السودان فوق الجميع”، وكأن خيانة الأمة يمكن أن تتحول إلى مصلحة وطنية مشروعة.

لكن كل هذه المواقف لم تأتِ من فراغ، بل هي امتدادٌ مباشرٌ لبنية سياسية مشوّهة أنتجت هذا الخراب. فالقوى التي تتناحر اليوم هي ذاتها التي أطاحت بعمر البشير في أبريل 2019، حين شعرت أن الثورة الشعبية تقترب من الانتصار. لم تخلعه حبًا في التغيير، بل حرصًا على البقاء في السلطة. أُزيح وزير الدفاع ابن عوف، وصعد عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى قمة المشهد، ليتقاسما الحكم تحت راية “المرحلة الانتقالية”، ويواصلا سياسات النظام ذاته بوجوهٍ جديدة.

وفي الثالث من يونيو 2019، نفّذت قواتهما مجزرة فضّ اعتصام القيادة العامة، فقتلت العشرات من المعتصمين السلميين، وأُلقي ببعض الجثث في النيل بعد أن قُيدت بالسلاسل. طالب الشارع بلجنة تحقيق مستقلة، لكن العسكر ردوا بطرد المبعوث القطري من المطار، بينما استقبلوا وفدًا إماراتيًا برئاسة محمد دحلان، في إشارةٍ فاضحةٍ إلى موقع القرار الحقيقي.

ومع الوقت تمدد التحالف بين العسكر وبعض القوى المدنية، فشارك حزبى الأمة والبعث ،والشيوعيون والناصريون وتجمع المهنيين في المشهد، وتحول الصراع إلى خليط من المصالح والانقسامات.بينما أُقصي الإسلاميون تمامًا، حتى أولئك الذين لم يكونوا جزءًا من النظام السابق، بل تم شيطنة الدين الاسلامى نفسه وسط صمت شعبي مريب، بينما انشغل من يسمون أنفسهم “بالثوار المدنيين” بعداءٍ مَرَضي ضد ما يسمونه “التيار الإسلاموي”، وكأن العدو الحقيقي في الخرطوم هو الإسلام لا الاستبداد.

وفي أغسطس 2019 تولّى عبد الله حمدوك رئاسة الحكومة الانتقالية بدعم يساري ومدني، بينما احتفظ العسكر بالقرار الحقيقي. وفي أكتوبر 2020 أعلنت السلطة إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني دون أن يصدر من الثوار اعتراض يُذكر. ثم أطاح البرهان وحميدتي بحكومة حمدوك في أكتوبر 2021، وأعادوها جزئيًا تحت الضغط الدولي، قبل أن ينهوا وجودها تمامًا عام 2022.

وفي أبريل 2023 انفجرت الحرب بين البرهان وحميدتي بعد تحالفٍ طويل. تبدلت خلاله التحالفات الخارجية؛ فانحازت الإمارات إلى حميدتي لأنه الأقرب لأجندتها الانفصالية، بينما اضطر البرهان إلى العودة للتنسيق مع مصر بعد أن كان قد تحالف مع إثيوبيا والإمارات في ملف سد النهضة ضدها. وهكذا غرق السودان في حربٍ أهليةٍ عبثية، وقودها شبابه، ومسرحها مدنه، وضحاياها الأبرياء.

إن الذين يستحقون التعاطف حقًا هم الأطفال والنساء والمستضعفون، أولئك الذين لا صوت لهم ولا سلاح بأيديهم. أما من صنعوا المأساة أو تواطأوا معها أو برّروا الفوضى تحت شعاراتٍ جوفاء، فلا أجد في نفسي تعاطفًا نحوهم، فهم جميعا قتلة شعبهم ومطبعون مع العدو، و السودان حقيقة اليوم ليس فى حاجة لدموع المتفرجين، بل إلى هَبّة وطنية شاملة حقيقية تُطهر الأرض من أمراء الحرب وتعيد الوطن لأهله. وحتى يحدث ذلك، سأكبت تعاطفي، مهما تعددت الدعوات الممنهجة التي تحاول صناعة عطفٍ زائف مصطنع مع هذا الطرف، أو ذاك،

#حسن_مدبولى



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلل فى التعاطف الطائفى !!
- مش قوى كده!
- ساركوزى ونتانياهو،والإسطورة المصرية !؟
- رأس الذئب الطائر !!
- العقد الماضى، قراءة شديدة الحياد،والتحسب،،
- ذكرى الإطاحة بالقذافى !!
- يومكم قادم لامحالة ،،
- عقيدة القتل والارهاب !!
- رسالة أحمد حسن الزيات
- مصر تكتب الوصية ،،
- عماد الدين أديب ،وأفرايم الزيات
- عمران خان، وباكستان ،،،
- العدالة الإنتقائية من الدوحة إلى أبوظبي
- وإنت مال أمك !؟
- من دروس غزة المستفادة !!
- كيف خان الفلسطينيون غزة؟
- الجنرال المصرى المتفرنس!؟
- من كتالونيا الى السويداء،،
- التطبيع القسرى !!
- الجنرال النحيف !!


المزيد.....




- مصري يكشف تجربة الطيران فوق الساحل الشمالي
- منى زكي تتألق بفستان زهير مراد في هوليوود
- كلاريسا وارد مراسلة CNN تواجه الجنرال السوري السابق الذي احت ...
- الجزائر.. حملة غرس مليون شجرة تلقى تفاعلا على المنصات
- كيف يمكن قراءة تصريحات ترامب من اليابان؟
- قطاع غزة: من يحكم القطاع؟
- بحضور قادة المال والأعمال... السعودية تطلق منتدى -مبادرة مست ...
- إدانة أممية وأوروبية لاستهداف إسرائيل قوات اليونيفيل جنوبي ل ...
- إسرائيل تنسف مباني شرقي غزة انتهاكا لوقف إطلاق النار
- بلدية غزة: لم نصل للحد الأدنى من الخدمات ولا نزال في مرحلة ا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن مدبولى - مع من نتعاطف فى السودان!؟