حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 8504 - 2025 / 10 / 23 - 15:01
المحور:
كتابات ساخرة
يُروى أن الأسد، ملك الغابة وسيدها المطاع، دعا يومًا كلاً من الثعلب والذئب لزيارته ، وكانا يتنافسان بشراسة على نيل رضاه والتقرب من عرشه، فقبلا الدعوة وسارعا بالحضور، وفى الموعد المحدد
استأذن الاثنان بالدخول، فاستقبلهما الأسد بترحابٍ متحفّز، فدخلا مطأطئي الرأس، ترتجف أوصالهما من الهيبة، ووجدا أمام الأسد وليمة فاخرة غير مقسمة، فسالت لعابهما وشرعا في تقديم فاصلٍ من النفاق الممجوج، كلٌّ يتفنن في مدح الملك والتغنّي بعدله وحكمته،
ابتسم الأسد ابتسامةً خفيّة، ونظر إلى الذئب بصوته الجهوري قائلاً:
"أيها الذئب، أنظر إلى تلك الوليمة العامرة، وتفضل بقسمتها بيننا بعدلٍ ورضا، فإني أراك أهلًا لذلك!"
انتفش الذئب مختالًا، وتظاهر بالحرص على العدل قائلاً بثقةٍ زائفة:
"مولاي، أشكر لك ثقتك العظيمة، وأدعو الله أن أكون عند حسن ظنك. أرى أن تُقسم الفريسة ( الوليمة) نصفين غير متساويين: نصفها الأكبر لك، والنصف الآخر لنا ولباقي العشيرة."
لم يكد الذئب يُتمّم كلماته حتى هوى الأسد عليه بضربةٍ خاطفةٍ مروّعة، أطاحت برأسه بعيدًا في الهواء، فارتفعت كأنها كرةٌ ضالةٌ بائسة، واستقرت في صمتٍ ثقيلٍ دوّى في أرجاء الغابة!
سكنت الأنفاس، وتجمد المشهد للحظات ثقيلة ،ثم التفت الأسد إلى الثعلب وقال بصوتٍ صارمٍ نافذ:
"وأنت أيها الثعلب، ما رأيك أنت؟ كيف ترى قسمة اليوم؟ أسرع، فقد تأخرنا كثيرًا!"
أسرع الثعلب منحنياً، متصنعًا الخشوع والرهبة، ثم قال بحكمةٍ ودهاء:
"مولاي، أرى أن نقسم تلك الوليمة إلى ثلاثة أقسام:
الثلث الأول لإفطارك،
والثاني لغدائك،
والثالث لعشائك!"
فتهلل وجه الأسد، وارتسمت على ملامحه علامات الرضا والسرور، وقال ضاحكًا بإعجابٍ ظاهر:
"ما أعدلك أيها الثعلب! هذه قسمة تنمّ عن ذكاءٍ نادر، وإخلاصٍ لا يُضاهى! أخبرني، بصدق، من علّمك كل هذه الحكمة البالغة ؟"
ابتسم الثعلب بخبثٍ هادئ، وأجاب بانحناءةٍ صغيرة:
"علّمتني إياها، يا مولاي، رأسُ الذئب الطائر. !!"
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟