حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 8486 - 2025 / 10 / 5 - 10:34
المحور:
قضايا ثقافية
الدوجماتية – أو اليقينية الجزمية – ليست مجرد قناعة راسخة أو تمسك بالفكرة، لكنها حالة من الجمود العقلي والانغلاق النفسي، يعجز صاحبها عن رؤية ما وراء أسوار معتقده أو فكرته أو انتمائه.
فالدوجماتي لا يؤمن بالحوار، ولا يطيق الشك، ولا يعترف بإمكانية الخطأ، وحتى حين تلوح أمامه الأدلة التي تدحض يقينه، يرفضها بعناد أعمى، كأنها مؤامرة تستهدف ذاته لا فكرته.
إنه يقاتل من أجل رأيه كما لو كان دينًا منزّلًا،أو حقيقة مطلقة، لا تقبل المراجعة أو التأويل.
وتتجلى الدوجماتية في صورٍ شتى: مابين سياسي يرى تياره السياسى ورموزه وحزبه مقدسات معصومة من الزلل، ومتدين يختزل الإيمان في عقيدته أو مذهبه وحده، ومشجع يعبد ناديه كأنه إله بديل ،
وفي كل هذه الحالات، يتحول العقل إلى تابع، والضمير إلى خادم، والفكر إلى ترديدٍ أعمى لما قيل دون فحصٍ أو سؤال،،
إن الدوجماتية أخطر أشكال التطرف الهادئ، لأنها لا ترفع السلاح، لكنها تُخدّر الوعي وتشلّ الإرادة وتغلق أبواب الحوار.
وللأسف، يبدو أن هذا الداء تسلل إلى ملايين من المصريين – نخبًا وعوامًا – فتراهم يتعصبون لأفكارهم السياسية أو الدينية أو حتى الكروية، بنفس الحِدّة والغلظة، وكإن التنوع أو اختلاف الرأي خيانة أو كفرا أو جريمة.
إن الدوجماتية ليست مجرد خلل أو تطرف في الفكر، بل هى مرض خبيث يتملك العقل ويسيطر على مقدراته ويسير توجهاته، لكن مع ذلك فعلاجه غير معقد، ويتحقق ببساطة،وذلك حين يمتلك الإنسان شجاعة الاعتراف بأنه يمكن أن يخطئ، وأن لا أحد يمتلك أو يحتكر الحقيقة !؟
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟