أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن مدبولى - الواقع والكرامة والإذعان !














المزيد.....

الواقع والكرامة والإذعان !


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 10:19
المحور: القضية الفلسطينية
    


حين يصدر رئيس دولة عظمى تهديدًا صريحًا بالمحو أو بـ«الجحيم النهائي» إن لم تُلبَّ حماس شروطه خلال أيّام معدودة، وتجد فصائل المقاومة نفسها مضطرة إلى الرد بالإذعان جزئيًا أو كليًا، حفظًا للأرواح أو تحت ضغط دولي مباشر، فنحن أمام لحظة مفصلية تكشف حقيقة التوازنات: فالمسألة ليست نزاعًا عابرًا بين دولتين أو قوتين متكافئتين، بل صراعا محموما على بقايا الكرامة والهوية المهدرة.

إن تلك التهديدات التي وصلت حدّ تحديد مهلة نهائية وإملاء شروط تشمل تسليم إدارة القطاع وتسليم الأسرى، تعكس فرضًا قسريًا لإرادة قوية على شعب صغير أعزل. كما تكشف حضورًا دوليًا متواطئًا يتعامل مع قضية وجودية كما لو كانت ملفًا جنائيًا أو عملية اختطاف، لا نضالًا تحرريًا. وإلى جانب ذلك تظهر خنوعا إقليميا جبانا يتصرف وكأنه لا علاقة له بالمسألة، أو في أفضل الأحوال كوسيط محايد، باستثناء جهود وتضحيات محور المقاومة.

وما جرى في الساعات الأخيرة يعمّق المفارقة: إذ أعلنت حماس قبولها لأجزاء من المقترح الأميركي، بما في ذلك الاستعداد للإفراج عن الأسرى (الرهائن) وفق شروط محددة، لكنها وضعت بدورها بنودًا للتفاوض حول تفاصيل التسليم والانسحاب والضمانات الأمنية والسياسية. هذا القبول الجزئي لا يلغي الطابع القهري للمشهد، لكنه ينقل الصراع من طور المواجهة العسكرية المباشرة إلى طور تفاوضي يخضع لآلية ضغط دولية وإقليمية قاسية، ويضع الشعب الفلسطيني أمام شكل جديد من القهر: فهل ستُعامل كرامته كبضاعة تُستبدل بمقاييس سياسية منحازة؟ وهل سيُغدر به كالعادة؟

في مثل هذه اللحظات، تتبدى أولويات الشرفاء في الدفاع عن الكرامة والوجود. وهي أولويات لا تعني بالضرورة رفض كل مبادرة إنقاذ بدعوى المبدئية، لكنها تقتضي رؤية واعية لا تفرّط في شروط الوجود مقابل تخفيف آلام مؤقتة.

إن قرار المقاومة—مهما اختلفنا أو اتفقنا معه—يتعامل مع واقع مرير دفع فيه آلاف الأشخاص أثمانا باهظًة، ومن ثم لا يجوز أن يسقط الشأن العام في فخّ التجزئة الداخلية،وينزلق إلى مناكفات مذهبية أو أيديولوجية أو سلطوية، أو حملات شيطنة مغرضة تُسقط المسئولية وتُلوّح فقط بآلام الضحايا.

والتاريخ يعلمنا أن الهزائم ليست الكلمة الأخيرة؛ إنها لحظات لالتقاط الأنفاس وإعادة بناء الرؤية وتسليم الراية إلى الأجيال المقبلة. وإذا كان جيل الألفية قد تعثر في تجارب الربيع العربي، وجيل Z يحاول ترتيب فوضى الواقع المحلي، فقد تكون المسؤولية القومية والتحرر من ربق التغول الأجنبي، من نصيب جيل «ألفا» القادم: الجيل الذي يولد ويترعرع وسط صور الدم والدمار والخيبة، ويحمل وعيًا مختلفًا و لا يكتفي بالشعارات النظرية، بل يقيس الخسائر ويحصي الإهانات والفقد.

من هنا قد تنشأ قوة جديدة تعيد تعريف المطالب بواقعية مكافئة، وتبني استراتيجية طويلة الأمد للتحرير. فالرهان الحقيقي اليوم يجب أن يكون على بناء قاعدة وطنية جامعة تُنقذ الكرامة قبل أن تتحول إلى ورقة تفاوض ضائعة. وهذا لا يعني التخلي عن المقاومة، بل تحويل طاقة السخط إلى مشروع ثقافي وسياسي طويل النفس: تعليم فعّال، إعداد قيادات جديدة، وخلق مؤسسات قادرة على تحمّل العبء الوطني.

فكلما اشتد العدوان، ازداد احتمال ولادة جيل أكثر صلابة. لكن هذا الجيل لن ينهض إلا إذا وُفرت له إمكانات حقيقية وفرصة عملية ذكية لتغيير هذا الواقع المرير.



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطهير القادم !؟
- المغرب على حافة الهاوية
- أستنساخ النزع !!
- إحتلال العقل المصرى!؟
- جدلية غزة والزمالك ،،
- ذكرى المشير طنطاوى
- من الأولى بالعداء !؟
- الفلسفة والبوابين !!
- حلفاء اسرائيل بالمنطقة!؟
- الحساسيات المصرية !!
- محور الهزيمة الماسخ ،،
- الحرب على ايران مرة أخرى!
- الإعتراف بدولة فلسطين !؟
- ماقبل الطوفان ،،
- فى ذكرى تفجيرات البيجر،،
- الناصريون فى مصر،،
- إعتذار إبراهيم عيسى للمسيحيين العرب!!
- الأمن القومى ،من يحميه؟
- ليست كل الثورات مقدسة،،
- كمال خليل ، الإشتراكى الزاهد ،،


المزيد.....




- رغم أمر ترامب.. الجيش الإسرائيلي: شمال غزة لا يزال -منطقة قت ...
- تحليل: ما وافقت عليه حماس في خطة ترامب وما لم توافق عليه
- استفحال التسرب من المدارس الألمانية : حجم -ملعب كرة قدم-
- إيران وإسرائيل ومؤشرات مواجهة جديدة محتملة
- فصائل المقاومة الفلسطينية تعلن تأييدها لرد حماس على مقترح تر ...
- موقع إسرائيلي: خطة ترامب أطاحت -بقائمة أمنيات- حكومة نتنياهو ...
- أبرز المظاهرات التي دعا إليها -جيل زد- عبر العالم
- حرب النجوم.. من مشروع ضد الاتحاد السوفياتي إلى وكالة للدفاع ...
- مياه تبتلع المنازل.. غرق أراضي -طرح النهر- يثير جدلا في مصر ...
- خطة غزة.. حديث عن مؤتمر للفصائل و-محادثات العريش-


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن مدبولى - الواقع والكرامة والإذعان !