أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حسن مدبولى - الأم المصرية ، وولدها














المزيد.....

الأم المصرية ، وولدها


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 22:37
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في سجل الذاكرة المصرية، لا تُخلَّد الأسماء وحدها، بل تُخلَّد الأمهات اللواتي حملن الغياب على أكتافهن ومشين به في العلن، بلا صخب، من بين هؤلاء، تقف والدة الشهيد يوسف جمال—أحد شهداء الزمالك العشرين—بوصفها شاهدًا إنسانيًا على مأساةٍ لم تُغلق، وجرحٍ ظل مفتوحًا لأن العدالة لم تُغلق صفحته بعد.

وقعت مأساة شهداء الزمالك حين تحوّل الذهاب إلى مباراة كرة قدم إلى رحلة بلا عودة، وسقط عشرون شابًا في واقعةٍ هزّت الضمير العام، لا بسبب عدد الضحايا فقط، بل لأن الضحايا كانوا أبناء لحظة عادية لاتطاحن فيها ولا تعصب أو تطرف أو تربص ووعيد ، حلمهم كان بسيطا، وعودتهم كانت مفترضة وطبيعية للغاية، ومنذ ذلك اليوم، لم تعد القضية خبرًا موسميًا بل صارت اختبارًا دائمًا لذاكرة المجتمع، وقدرته على مقاومة النسيان.

في قلب هذا الاختبار، حضرت الأم. لم تكن خطيبة مفوهة ، ولا ناشطة بالمعنى التنظيمي، لكنها كانت ضميرًا يمشي على قدمين،كل عام، تعود حاملة صورة ابنها، مُصرّة على الموعد ذاته، والطقس ذاته، والصمت ذاته. حضورها لم يكن احتجاجًا صاخبًا، بل تذكيرًا هادئًا بأن الشهداء لهم أمهات، وأن الفقد لا يشيخ.

أما القميص الملطخ بالدم—الذي اعتادت وضعه على رأسها—فلم يكن تفصيلًا عابرًا. كان أثرًا ماديًا ليومٍ لا ينتهي، ورمزًا قاسيًا لعدالةٍ معلّقة. لم ترفعه لتُدهش أحد ، بل لتُذكّر الجميع أن الدم لا يجف حين لا تُغلق الأسئلة. وبهذا القميص، حوّلت هذه الأم العظيمة حزنها الخاص إلى ذاكرة عامة، دون أن تنطق باتهام، ودون أن تساوم على وجعها.

رحيلها اليوم إلى خالقها العادل لا يُنهي الحكاية؛ بل يُحمّل تلك الحكاية الدامية مسؤولية جديدة، فالأم التي عاشت على الذكرى لحقت بابنها، تركت لنا الاختيار كاملًا: هل ستبقي أسماء الشهداء الأبرياء حيّةفى ذاكرة المصريين ، أم سيكتفي الجميع بصورةٍ تهتزّ وتخفت ثم تُطوى؟
هل سيذكر التاريخ الشهداء بكل قصصهم كرقمٍ في أرشيف، أم كأبناءٍ كانت لهم أمهات ينتظرن عودتهم ؟

إن تخليد ذكرى تلك السيدة لا يكون بمرثية عابرة، بل بأن تُذكر قصتها كلما ذُكرت تلك الليلة، وأن يُقال بوضوح إن العدالة المتأخرة لا تُداوي، وإن الذاكرة حين تُهمَل تتحوّل إلى شراكة في النسيان. هذه الأم لم تطلب سوى ألا يُنسى ابنها. أقلّ الوفاء أن نُبقي الوعد حيًّا: ألا ننسى شهداء الزمالك العشرون أو غيرهم ، وألا ننسى أمٌّ عظيمة حَرَست الذكرى وحرصت على بقائها حتى آخر العمر.



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبراهيم يسرى ، القابض على جمر الوطن
- أزمة الإسطورة محمد صلاح وقميص عثمان !!
- أبطال نسيهم التاريخ
- المخرج، وسيدة القرن !
- ست البلاد ، الدكتورة نعمات أحمد فؤاد
- أربعة مبدعين ،،،
- أربعة شعراء،انحنوا جميعا،إلا واحد!؟
- دولة التلاوة، وضياع الهوية !؟
- من الديانات الإبراهيمية ،،،
- المقاومة والزمالك ،،
- إزدواجية معايير الدعم الإنسانى !!
- المدارس متعددة، والمعزوفة واحدة!!
- إنتخبوا الرجل الشيك !؟
- الإستنارة الإنتقائية !!
- التحول الذى يثير الحزن !؟
- التصنيف وفقا للرغبة أو الطلب،،
- إنتهاك براءة الطفولة( مأساة جان جينيه)
- كيف نجت بعض الملفات من المحاسبة عقب ثورة 25 يناير 2011
- شر البلية !!
- بوصلة الأهلى والزمالك !!


المزيد.....




- صحفي فلسطيني يكشف تفاصيل مروعة عن تعرضه للاغتصاب في سجون الا ...
- القلق الاجتماعي، يعني إيه؟
- صحفي فلسطيني يقدم شهادة مروعة حول تعرضه للاغتصاب في سجون الا ...
- البرلمان العربي يشارك في ورشة عمل إقليمية حول تطوير قوانين ا ...
- وزيرة الصحة الألمانية: الأمراض النسائية لم تحظ بما يكفي من ا ...
- “مــاما جابت نونو” تردد قناة طيور الجنة 2025 على نايل سات وع ...
- كيف يهدد تشويه صورة الرجل الأسرة؟
- 7 خطوات نحو عام أهدأ.. كيف تعيد المرأة شحن ذاتها مع بداية ال ...
- في ذكرى الزهراء( ع ).. المرأة اللبنانية ترفع راية المقاومة ...
- -أحد معبدي الشمس المعروفين في مصر القديمة-.. اكتشاف بقايا مع ...


المزيد.....

- الحقو ق و المساواة و تمكين النساء و الفتيات في العرا ق / نادية محمود
- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حسن مدبولى - الأم المصرية ، وولدها