أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور رفاعي اوغلو - لماذا يعشق بعض العرب حكّامهم الديكتاتوريين؟














المزيد.....

لماذا يعشق بعض العرب حكّامهم الديكتاتوريين؟


منصور رفاعي اوغلو

الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 06:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو للوهلة الأولى أن العلاقة بين الشعوب العربية والحكام الديكتاتوريين علاقة تناقض: فكيف يمكن لشعوب تعاني القمع وغياب الحريات أن تُظهر أحيانًا تعاطفًا أو حتى إعجابًا بحكام مستبدين؟ غير أن هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه ببساطة، إذ تتداخل فيه عوامل تاريخية ونفسية وثقافية وسياسية معقدة.

أولًا، يلعب الخوف وعدم الاستقرار دورًا محوريًا. فقد عاشت كثير من الدول العربية تجارب عنيفة من حروب أهلية أو تدخلات خارجية أو فوضى سياسية. في مثل هذا السياق، يتحول الحاكم الديكتاتوري في نظر بعض الناس إلى رمز لـ«الأمن» و«الاستقرار»، حتى وإن كان هذا الاستقرار قائمًا على القمع. فالبعض يفضّل سلطة قاسية واضحة على مستقبل مجهول مليء بالمخاطر.

ثانيًا، هناك إرث تاريخي وثقافي طويل يمجّد «الحاكم القوي». ففي الوعي الجمعي العربي، كثيرًا ما ارتبطت صورة القائد المثالي بالحزم والبطش والقدرة على فرض النظام. وقد عززت المناهج التعليمية والخطاب الإعلامي الرسمي هذه الصورة، مقدّمة الحاكم بوصفه «الأب» أو «المنقذ» أو «الزعيم الخالد»، لا بوصفه موظفًا عامًا خاضعًا للمساءلة.

ثالثًا، تلعب الدعاية السياسية والإعلام الموجَّه دورًا أساسيًا في صناعة هذا “العشق”. فالأنظمة الديكتاتورية تستثمر بكثافة في تمجيد الحاكم، وتربط بين شخصه وبين الوطن والدولة والاستقرار. ومع غياب إعلام حر وتعددية حقيقية، يصبح من الصعب على المواطن العادي الوصول إلى رواية بديلة أو تخيّل نظام مختلف.

رابعًا، لا يمكن إغفال ضعف البدائل السياسية. ففي كثير من الحالات، فشلت المعارضة في تقديم مشروع مقنع أو قيادة موحِّدة، أو ارتبطت في أذهان الناس بالفوضى أو التطرف أو الارتهان للخارج. وعندما يكون الخيار المطروح هو بين ديكتاتور معروف ومعارضة غير موثوقة، يختار بعض الناس ما يعتبرونه «أخف الضررين».

خامسًا، هناك عامل التكيف النفسي. فالمواطن الذي يعيش طويلًا تحت حكم استبدادي قد يطوّر آليات دفاع نفسية، مثل تبرير الواقع أو التماهي مع القوي، لأن الاعتراف بظلم الحاكم دون القدرة على تغييره يولّد إحباطًا قاسيًا. ومع الوقت، يتحول هذا التبرير إلى نوع من القبول، وربما الإعجاب الظاهري.

مع ذلك، من المهم التأكيد أن الحديث عن “عشق العرب للديكتاتورية” تعميم مضلل. فالتاريخ العربي الحديث مليء بالثورات والانتفاضات وحركات الاحتجاج التي دفعت أثمانًا باهظة في سبيل الحرية والكرامة. ما يبدو حبًا للحاكم هو في كثير من الأحيان نتاج خوف، أو يأس، أو غياب أفق سياسي واضح، لا قناعة حقيقية بالاستبداد.

في الختام، فإن فهم هذه الظاهرة يتطلب الابتعاد عن الأحكام الأخلاقية السطحية، والنظر بعمق إلى البُنى السياسية والاجتماعية التي تنتج الاستبداد وتعيد إنتاجه. فالعلاج لا يكمن في لوم الشعوب، بل في بناء وعي سياسي، ومؤسسات عادلة، وبدائل ديمقراطية حقيقية تجعل الحرية خيارًا واقعيًا لا مغامرة مجهولة.



#منصور_رفاعي_اوغلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هو النموذج الاقتصادي الأفضل للدولة السورية الجديدة؟
- الأشعرية والسلفية في سوريا: من سينتصر؟ وما هي تكلفة الصراع ب ...
- القس الأمريكي وبداية انهيار الاقتصاد التركي… هل دفع الشعب ثم ...
- لماذا ينهار التدين التركي أمام النزعة القومية؟
- السلفية الجهادية في سوريا: هل هي ظاهرة طارئة أم أصيلة في الم ...
- كيف ترى سوريا والعراق أن تركيا تسرق حصتهما من مياه دجلة والف ...
- صراع الهوية في تركيا: هل يشبه الأتراك شعوب المنطقة؟
- لماذا تتبنّى بعض الحركات السلفية الجهادية خطابًا يحضّ على قت ...
- اكراد تركيا ... متى سيحصلون على حقوقهم
- لواء إسكندرون… الأرض السورية التي ابتلعها الجيران
- انهيار الدولة التركية… هل هو حلم أوروبا أم كابوسها؟
- الدولة العميقة في تركيا… خطر يهدد المنطقة
- القضاء التركي أعمى عندما يتعلق الأمر بالسوريين
- سوريا بين مطرقة تركيا وسندان اسرائيل
- الدولة العثمانية… لعنة أصابت العالم لسبعمئة عام
- هل يقبل الأتراك برئيس كردي يأتي عبر صناديق الاقتراع؟
- وزارة الخارجية التركية تسرق السوريين باسم الفيزا
- هل فتح الله غولن ارهابي ،، ام رجل دين ،، ام كلاهما
- لماذا لا احد يحب تركيا؟ كيف تحولت سياسة صفر مشاكل الى صفر اص ...
- صراع الدين والعلمانية في تركيا .... هل انهزم الاثنان؟


المزيد.....




- -وسط حصار لفنزويلا-.. ضربة أمريكية على قارب مزعوم لتهريب الم ...
- واحدة من أكبر صفقات الأسلحة بتاريخهما.. إليكم تفاصيل ما أُبر ...
- عثرات بالبحث عن مطلق النار بجامعة براون تؤدي للقبض على الشخص ...
- -العربية- منذ الصغر، مبادرة إماراتية ورحلة هوية وانتماء
- استطلاع: غالبية الألمان تؤيد استخدام أصول روسية لصالح أوكران ...
- تواصل المواجهات بين كمبوديا وتايلاند وبنوم بنه تتهم بانكوك ب ...
- جدعون ليفي: أنى لمجزرة بوندي أن تحجب كل مجازر غزة!
- صحف عالمية: الخط الأصفر يشبه حدودا قاتلة للفلسطينيين في غزة ...
- مجزرة -بطن الهوى-.. إخلاء مزيد من بيوت المقدسيين لصالح المست ...
- ماذا تأكل عند الإصابة بالإنفلونزا؟


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور رفاعي اوغلو - لماذا يعشق بعض العرب حكّامهم الديكتاتوريين؟