أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - منتخب فلسطين… كرةٌ تركل الظلام وتنهض من تحت الركام














المزيد.....

منتخب فلسطين… كرةٌ تركل الظلام وتنهض من تحت الركام


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8554 - 2025 / 12 / 12 - 22:14
المحور: القضية الفلسطينية
    


كلّ التحية لمنتخب فلسطين، ذاك الفريق الذي دخل ملاعب الدوحة لا بوصفه منتخباً لكرة القدم فحسب، بل بصفته صوتاً لشعبٍ كاملٍ يرزح تحت النار، ويتشبّث بالحياة بما تبقّى له من قدرة على التنفّس. لعب الفلسطينيون بكرامة، وبشموخ، وبروحٍ لا تُهزم، وقدّموا أداءً سيبقى محفوراً في الذاكرة؛ لا لأنهم فازوا أو خسروا، بل لأنهم لعبوا وهم يحملون على أكتافهم وطناً ينزف.

هذا المنتخب ليس مجرد أحد عشر لاعباً، إنّه منتخب شعبٍ فقد مئات الرياضيين: نجوماً كباراً وأبطالاً صاعدين، رحلوا في حرب الإبادة على غزة، ومعهم عائلاتهم، وملاعب طفولتهم، وأحلامهم الصغيرة التي أُطفئت قبل أن تكبر.

في كل خطوةٍ يركضها اللاعبون فوق العشب، يركض معهم ظلّ الشهيد محمد أبو دياب، لاعب نادي اتحاد الشجاعية، الذي كان يحلم بأن يقود فريقه إلى منصّات التتويج قبل أن يغتاله القصف.
وفي كل تمريرةٍ قصيرة، نسمع أنفاس الشهيد محمود وادي الصغير، شقيق النجم الفلسطيني المعروف، الذي لم يحظَ بفرصةٍ ليكبر ويجد مكانه في الملاعب.
وحين يقف المنتخب ليستمع إلى النشيد الوطني، تصعد إلى الذاكرة صورة الشهيد محمد البنا، حارس المرمى الشاب الذي كان يقول دائماً: "صدّ الكرات أسهل من صدّ الموت"، لكنّ الموت سبقه هذه المرة.
وفي كل احتفالٍ بهدف، نتذكّر ابتسامة الشهيد علي الحداد، لاعب ناشئي غزة الرياضي، الذي كانت الكرة صديقته الأولى ونافذته الأخيرة إلى العالم.

ولا يمكن الحديث عن خسارة الرياضة الفلسطينية من دون الوقوف أمام رحيل أحد رموزها الكبار: الشهيد سليمان العبيد، "بيليه الفلسطيني"، ذاك اللاعب الساحر الذي حمل الكرة كما يحمل الطفل لعبته الأولى، وأعطاها من روحه ما جعل الجماهير تهتف باسمه جيلاً بعد جيل. رحل العبيد كما رحل كثيرون، لكنّ بريقه بقي يضيء تاريخ اللعبة في غزة، كأنّه يهمس للأحياء: العبوا… فالحياة تستحق أن تُقاوَم حتى اللحظة الأخيرة.

وقائمة الشهداء لا تنتهي…
هناك المدرّب هاني المصري الذي قضى مع عائلته تحت الأنقاض، واللاعب خليل النجار الذي كان يستعدّ لموسمٍ جديد قبل أن يُمحى النادي والحيّ بأكمله من الخريطة.
وهناك أولئك الذين أُبيدت عائلاتهم بالكامل؛ أطفالٌ كانوا يحلمون بأن يصبحوا لاعبين كباراً، فتحوّلت ملاعبهم إلى ساحات رماد، وحقائب الرياضة إلى شواهد صامتة على غيابهم.

لقد فقدت غزة من الرياضيين ما لم تفقده ساحة رياضية في العالم في زمنٍ واحد: حكّام، ومدرّبون، ورؤساء أندية، وأبطال ألعاب قوى، ولاعبو كرة قدم، وكرة طائرة، وكاراتيه، وسباحة… أسماءٌ كثيرة انتقلت من جداول المباريات إلى سجلّ الشهداء.

ومع هذا الخراب كلّه، خرج منتخب فلسطين من كأس العرب مرفوع الرأس. خرج لا يحمل خيبة، بل يقدّم للعالم درساً في معنى الإرادة، ومعنى أن تلعب بينما بيتك مهدّم، وأن تركض بينما مدينتك احترقت بالكامل، وأن تبتسم لأنك تحمل رسالة شعبٍ لم ينكسر يوماً.

إنّ تحية الحب والاحترام لهذا المنتخب ليست تحية رياضةٍ فقط، بل تحية وطنٍ يعيش على الحافة، لكنه يعرف كيف يصنع حياةً من بين الركام.
هي تحية لشبابٍ حملوا قميص فلسطين كما لو أنه درعٌ يحمي أرواح الذين غابوا، وكأنّ كل مباراة كانت جنازةً يرفض فيها الفلسطيني أن ينحني.

تحية لكم، يا من صرتم عنوان الإرادة الفلسطينية التي لا تنكسر.
تحية لكم، وأنتم تواصلون اللعب في وجه الموت، وترفعون اسم الوطن في زمنٍ يسقط فيه كل شيء إلا الكرامة.

محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يُنزلون العلم… ولا يستطيعون إنزال الحقيقة
- باسل الأعرج… حين تصنعُ الأُمُّ بوصلة المُقاومةِ الأُولى
- من جنين إلى الأمتين العربية والإسلامية… فصلٌ جديدٌ من النذال ...
- ترابُ فلسطين لا يحتضنُ الخونة!
- أُم غازي… آخرُ زهرةٍ من بلد الشّيخ
- رجالٌ يحملون الشمس على أكتافهم… حكايةُ نخوةِ رجالٍ من غزّة!
- حين غابت زهرة البيلسان… واشتدّ الحزن في صدورنا!
- على كتفيّ ذبل الضوء… وودّعت زهرة البيلسان العالم!
- باسل الأعرج: الحاضر الذي لا يغيب!
- كيف فقدنا زهرة البيلسان…؟ تساؤلات على رصيف الغياب!
- غزة تصرخ… والعرب والمسلمون يغرقون في صمت العار!
- القيادة التي لا تمثل أحداً: لماذا حان وقت الثورة على مؤسسات ...
- حين يجمعُنا الدَّهرُ صُدفةً… لِيُفرِّقنا الفراقُ إلى الأَبد!
- غزة… صلاةٌ فوق الركام وحياةٌ لا تنطفئ!
- انهيارات في جيش الاحتلال بعد 7 أكتوبر: سقوط الأسطورة أمام ال ...
- سماح إدريس… ذاكرة لقاء، ومرارة الغياب
- وفاء بهاني: ابنة الشهيد التي حوّلت الإعلام إلى معركة فلسطين
- صرخة لم تُدفن: ماذا يعني أن تكون نزار بنات؟
- حوار الطرشان في فلسطين… وغزة وحدها تقول الحقيقة!
- جورج حبش… سيرةُ قائدٍ عصاميٍّ في زمنٍ يزدحمُ بالمُرتزقةِ!


المزيد.....




- هل ستصادر أمريكا المزيد من أصول النفط الفنزويلية؟.. ترامب ير ...
- بيانات ملاحية تكشف تحركات عسكرية.. ما الذي يجري قبالة الساحل ...
- ظهور ترامب وكلينتون وغيتس في مجموعة جديدة من صور إبستين
- مصادر لرويترز: أميركا حجبت معلومات مخابرات عن إسرائيل خلال ع ...
- أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن
- عون: تطور العلاقات مع سوريا -بطيء-.. وجاهزون لترسيم الحدود
- اليمن.. القوات المسلحة الجنوبية تطلق -عملية الحسم- في أبين
- ترامب: غزو أوكرانيا -يشبه- فوز أمريكا في مباراة الهوكي -معجز ...
- ماذا قال ترامب عن ظهوره في صور جيفري إبستين؟
- إسرائيل تواصل خنق غزة بمنع المساعدات


المزيد.....

- قراءة في وثائق وقف الحرب في قطاع غزة / معتصم حمادة
- مقتطفات من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني / غازي الصوراني
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - منتخب فلسطين… كرةٌ تركل الظلام وتنهض من تحت الركام