أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور رفاعي اوغلو - السلفية الجهادية في سوريا: هل هي ظاهرة طارئة أم أصيلة في المجتمع السوري؟














المزيد.....

السلفية الجهادية في سوريا: هل هي ظاهرة طارئة أم أصيلة في المجتمع السوري؟


منصور رفاعي اوغلو

الحوار المتمدن-العدد: 8553 - 2025 / 12 / 11 - 07:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شهدت الساحة السورية منذ عام 2011 بروز جماعات مسلّحة ذات فكر “سلفي جهادي” على نحو لافت، ما أثار سؤالاً محورياً: هل تمثل هذه الجماعات امتداداً أصيلاً للمجتمع السوري، أم أنها ظاهرة وافدة فرضتها ظروف الحرب؟
للإجابة، لا بد من تحليل جذور المجتمع السوري، وبنية التدين فيه، والعوامل التي ساهمت في نشوء هذا التيار.


---

أولاً: التدين السوري تاريخياً… بين الاعتدال والتنوع

تميز المجتمع السوري لقرون بـتدين تقليدي متنوع:

طرق صوفية (القادرية، النقشبندية، الشاذلية).

مدارس فقهية سنية معتدلة (الشافعية والحنفية).

حضور ديني مديني غير متشدد في دمشق وحلب وحمص.

ثقافة اجتماعية تقوم على التعايش بين الطوائف.


هذه البيئة العامة لا تنسجم مع الفكر السلفي الجهادي، الذي يقوم على القطعيات، والتكفير السياسي، والصدام المسلح مع الدولة والمجتمع.

بكلمات أخرى: الهوية الدينية السورية الأصلية لم تكن حاضنة للسلفية الجهادية.


---

ثانياً: جذور السلفية في سوريا قبل الحرب

وصول الفكر السلفي إلى سوريا سبق أحداث 2011، لكنه بقي محدوداً وهامشياً، وتمثل في:

1. سلفية دعوية متأثرة بدول الخليج، خصوصاً في الأرياف والمناطق الفقيرة.


2. مجموعات صغيرة تأثرت بالتيار الجهادي العالمي (أفغانستان، العراق)، لكن حضورها كان سرياً ومراقباً من الدولة.



مع ذلك، لم تكن السلفية – بجناحيها الدعوي أو الجهادي – تياراً واسعاً أو مؤثراً على المستوى الاجتماعي، وظلت محصورة في نطاق ضيق.


---

ثالثاً: الحرب كعامل انفجار… من الهامش إلى الصدارة

مع اندلاع الحرب السورية حدثت تحولات بنيوية:

1. انهيار مؤسسات الدولة في بعض المناطق

ففتح ذلك المجال لظهور جماعات مسلحة ملأت الفراغ الأمني.

2. تدفق مقاتلين من الخارج

أدخلوا أفكاراً جهادية منظّمة جاءت من تجارب أخرى مثل العراق وأفغانستان.

3. التمويل الخارجي

بعض الجهات الإقليمية موّلت جماعات ذات توجه سلفي لأهداف سياسية أو جيوسياسية، ما منح هذه الظاهرة قوة أكبر من حجمها المحلي.

4. اليأس المجتمعي وت radicalization

الحرب، والقمع، والدمار وفقدان الأمل دفعت بعض الشباب إلى تبنّي أفكار متشددة كطريقة لتفسير الواقع أو الردّ عليه.

وهكذا أصبح التيار الجهادي لاعباً رئيسياً بسبب الظروف الاستثنائية وليس بسبب جذور اجتماعية قوية.


---

رابعاً: هل تمثل السلفية الجهادية “ثقافة سورية”؟

الجواب الأقرب للواقع: لا.

الأسباب:

لا تمتلك السلفية الجهادية تراثاً عميقاً في المجتمع السوري.

لا تنسجم مع التقاليد الدينية السائدة تاريخياً.

الفكر الجهادي جاء عبر الهجرة، السجون، الحرب، والفراغ الأمني.

أغلبية الشعب السوري، بمختلف أطيافه، لم تتبنَّ هذا الفكر، بل عانت منه.


بالتالي، ظهورها ليس تعبيراً عن “أصالة” اجتماعية، بل عن تحول اضطراري في زمن الفوضى.


خامساً: لماذا تبدو السلفية الجهادية وكأنها “انتشرت”؟

لأن السلاح والإعلام يعطيان انطباعاً بالانتشار، بينما:

القواعد الشعبية للجماعات الجهادية بقيت محدودة.

المجتمعات المحلية كثيراً ما تعاملت مع هذه الجماعات كـ"سلطات أمر واقع" لا كاختيار ديني.

تراجع قوة الدولة وغياب البدائل المدنية عزز حضورها مؤقتاً.

إذن القوة الظاهرة ليست نابعة من قبول اجتماعي، بل من الظرف العسكري والسياسي.


سادساً: مستقبل السلفية الجهادية في سوريا

من غير المرجح أن تبقى هذه الظاهرة جزءاً أصيلاً من الحياة السورية بعد انتهاء الصراع، لأن:

المجتمع السوري يميل إلى الاعتدال.

الفكر الجهادي يعتمد على وجود حرب مستمرة ليبقى حياً.

القوى الدولية والإقليمية لن تسمح باستقرار جماعات جهادية واسعة النفوذ بعد انتهاء النزاع.

إعادة الإعمار والعودة إلى الحياة المدنية ستُعيد التوازن الديني التقليدي.

الجماعات الجهادية عادة تضعف حين تستعيد الدولة أو المجتمعات المحلية قدرتها على التنظيم وإدارة شؤونها.


السلفية الجهادية في سوريا ليست ظاهرة أصيلة في المجتمع السوري، بل هي نتاج ظرفي للحرب والانهيار وغياب الدولة وتدخل القوى الخارجية.
ورغم حضورها القوي خلال سنوات الصراع، إلا أن جذورها الاجتماعية ضعيفة، وتناقض تاريخ التدين السوري القائم على الاعتدال والتنوع.

إنها ظاهرة طارئة، وقد تنكمش مع انحسار الحرب وعودة البُنى الاجتماعية التقليدية.



#منصور_رفاعي_اوغلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ترى سوريا والعراق أن تركيا تسرق حصتهما من مياه دجلة والف ...
- صراع الهوية في تركيا: هل يشبه الأتراك شعوب المنطقة؟
- لماذا تتبنّى بعض الحركات السلفية الجهادية خطابًا يحضّ على قت ...
- اكراد تركيا ... متى سيحصلون على حقوقهم
- لواء إسكندرون… الأرض السورية التي ابتلعها الجيران
- انهيار الدولة التركية… هل هو حلم أوروبا أم كابوسها؟
- الدولة العميقة في تركيا… خطر يهدد المنطقة
- القضاء التركي أعمى عندما يتعلق الأمر بالسوريين
- سوريا بين مطرقة تركيا وسندان اسرائيل
- الدولة العثمانية… لعنة أصابت العالم لسبعمئة عام
- هل يقبل الأتراك برئيس كردي يأتي عبر صناديق الاقتراع؟
- وزارة الخارجية التركية تسرق السوريين باسم الفيزا
- هل فتح الله غولن ارهابي ،، ام رجل دين ،، ام كلاهما
- لماذا لا احد يحب تركيا؟ كيف تحولت سياسة صفر مشاكل الى صفر اص ...
- صراع الدين والعلمانية في تركيا .... هل انهزم الاثنان؟
- تركيا والاتحاد الأوروبي: حب من طرف واحد
- المسلمون في أوروبا: جعجعة بلا طحين
- انهيار الليرة التركية: هل أفقر أردوغان الأتراك لعشرين سنة قا ...
- الحزب القومي التركي والذئاب الرمادية: الوجه الخفي للارهاب ال ...
- هل انتهت داعش أم أنها باقية ببقاء الإسلام السلفي؟ سوريا نموذ ...


المزيد.....




- تطبيع المغرب وإسرائيل: الإسلاميون بين المرجعية الأخلاقية ومت ...
- السلطات السورية تمنح الضوء الأخضر لاستعادة ممتلكات يهودية صا ...
- إيهود أولمرت: جرائم حرب إسرائيلية يومية في الضفة.. ولن أسكت ...
- قائد الثورة: الشعب الإيراني أحبط مساعي العدو لتغيير هويته ال ...
- مراسم ذكرى ولادة السيّدة فاطمة الزهراء (ع) بحضور قائد الثورة ...
- فلوريدا وتكساس تصنفان الإخوان المسلمين و-كير- منظمتين إرهابي ...
- حاخامين -إسرائيليين- يفتتحان أول معبد ومدرسة يهودية في حلب! ...
- السلطات السورية تمنح ترخيصا لمنظمة تعمل على استعادة ممتلكات ...
- تأسيس أول جمعية يهودية في سوريا لحماية التراث
- السلطات السورية ترخّص منظمة ستعمل على استعادة ممتلكات اليهود ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور رفاعي اوغلو - السلفية الجهادية في سوريا: هل هي ظاهرة طارئة أم أصيلة في المجتمع السوري؟