أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - الانقاذ فعل مقاومة روحية..قراءة نقدية














المزيد.....

الانقاذ فعل مقاومة روحية..قراءة نقدية


كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي


الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


( يأتي النص كاعتراف حميم بين الإنسان والطبيعة، بين غصن ياسمين محطّم وإنسان يبحث عن أثر طريّ وسط صحراء الإسمنت.
هو نص يبوح به الأستاذ كاظم حسن سعيد عن الجمال حين يموت في المساحات العمياء، وعن تلك الرغبة الغريزية في إنقاذ شيء ناعم من طاحونة القسوة اليومية.
هنا لا يتكلم الغصن بوصفه نباتا، بل بوصفه استعارة للروح:
روح تُلقى على الرصيف وتُدهس… وتظل مع ذلك تحاول أن تفوح.

يفتتحه بلقطة درامية صادمة:
قوله "رموه على الرصيف قرب قمامة
داسته الأقدام… في انتظار قطيع ماعز يقضمه"
إنها سردية السقوط:
غصن ياسمين رمز الطهر والرائحة والبياض يُلقى بين بقايا العالم.
هنا يشتغل الكاتب على مفارقة حادّة بين:

الجمال الطري

البيئة العمياء


وكأن الياسمين لم يسقط صدفة، بل لأن العالم لم يعد قادرًا على الاحتفال بالجمال
ثم يرسم المشهد الحضري كفضاء للخوية العاطفية:
في: الشارع "مقفر" "صدعتني الشمس" "مدينتي حجر بلا حدائق"
هذا رسم لمدينة لا مكان فيها لشيء حيّ، مدينة مكوّنة من:

حجر

حرّ

صمت

رتابة معدنية


هذا يذكرنا بعبارة سارتر: "المدينة التي لا ترى الأشجار، تُصاب أرواح ساكنيها بالتجفيف البطيء". كن النص لا يصرّح، بل يترك الصورة ذاتها تشرح الجفاف.

عندما يقول الكاتب:أنقذته من التهميش وفقد الأم والعريشة" فهو لا ينقذ الياسمين فحسب؛ إنه يحاول إنقاذ نفسه من الإحساس باليأس.
الإنقاذ هنا ليس فعلا ماديا فقط، بل فعل مقاومة روحية، كأنه يقول: "أريد أن أؤمن أن شيئًا يمكن إنقاذه" هذا يتناغم مع ما نقوله دائما:
"النص الجميل يبحث عن مساحات العزاء داخل الخراب"
ثم بانسيابية جميلة جعل الكاتب أ.كاظم خاتمة النص قلبه النابض ، يقول: "لو تركتني احتضر… لأن الجمال لا يتأقلم مع العمى، والأرواح التي لا تكنز العطور" هذه الجملة ليست مجرد تشخيص شاعر للطبيعة؛ إنها صرخة فلسفية عن:

هشاشة الجمال

عجز العالم عن رؤيته

موت الأرواح التي لا تلتقط العطر


هنا يصبح الياسمين مجازا للإنسان الذي لا ينسجم مع الابتذال.
تمامًا كما قال محمود درويش:
"الجمال جريمة في المدن الرمادية

الرؤية الوجودية للنص، صنعها الجمال ككيان لا يحتمل القبح فالياسمين يموت ببطء لأنه:

خارج عريشته

خارج سياقه

خارج المكان الذي يسمح لروحه بأن تنبض

وكأن النص يعيد إنتاج فكرة كامو:
"ما لا يجد مكانه في العالم… يتلاشى"

الجمال هنا ليس قيمة أخلاقية، بل حالة وجودية تحتاج إلى بيئة تتنفس فيها.

ثم نقف أمام إنسان يرى ما لا يراه الآخرون، فالسارد هو الوحيد الذي توقّف عند الغصن.
الآخرون مرّوا.
لم يروا.
لم يهتموا.

هنا يستدعي النص مفهوما وجوديا عميقا:

ليس كل الناس يمتلكون حسّ الالتقاط

وليس كل الأرواح “تكنز العطور”

بعضهم عميان حتى لو كانت زهرة بيضاء تلمس أقدامهم

نأتي إلى اللغة ذلك القالب الذي يدهشنا به دائما وجمالياتها مع كاظم حسن سعيد الكاتب العراقي، الذي اعتمدها اقتصادية مشحونة

فالجملة قصيرة لكنها عالية الكثافة:

"مدينتي حجر بلا حدائق"

"بحثته لأتعرف عليه"

"قال لي…"

كل جملة في لوحته طعنة ناعمة في قلب المدينة.
كمزيج بين اللغة المحكية والصورة الشعرية:

"شمس الباقلاء" مثال ممتع على لغة صادقة من البيئة،
تعمل في النص بوصفها:

ملمسا محليا

واقعية تشدّ الصورة إلى الأرض
في مقابل:

الياسمين

العطور

الأم والعريشة


هذا المزج بين "التراب" و"الرائحة" يجعل النص أكثر تجذرا وقوة.

ثم قدرته على التوليف بين المشهد الواقعي والدلالة الفلسفية.

في لغة مكثفة بلا ادّعاء، صافية وبسيطة وعميقة

صورة الياسمين التي تتحوّل من نبات إلى "كائن متألم".

البناء الهادئ الذي يقود إلى الخاتمة بوصفها انفجارًا دلاليا.

حضور الحسّ الإنساني الرقيق خلف السرد، كلها نقاط قوة دعمت المشهدية في نصه وجمال اللغة فيه

ليس النص عن غصن ياسمين
بل عن الروح حين تجد نفسها بيضاء في عالم رمادي.
إنه نصّ يضع القارئ أمام سؤال وجودي مؤلم:
هل يبقى الجمال حيًا إذا كانت الأرواح لا ترى… ولا تشم… ولا تحس؟
أم أن مصيره أن يموت قرب القمامة مهما حاول أحد إنقاذه؟

هذه الوقفة السريعة ليست إلا إضاءة خافتة، لأن النصّ نفسه يفوح بما يكفي من العطر كي يكتب عنه أكثر.)
لامية عويسات



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خسائر حنظلية كتاب كامل
- غصن الياسمين قصيدة
- حروب المستقبل ومشهدان رؤى نقدية عميقة
- لحظتان ، سحر العابر والبحث عن السعادة المفقودة
- لحظتان قصيدة
- مصيدة الوجوم كتاب كامل
- حروب المستقبل قصيدة
- المشانق والذاكرة
- خطوات الى المدرسة قصيدة
- لوحات لمشانق قصيدة
- في محل الحلاقة قصيدة
- قراءة نقدية للدكتور عادل جودة
- اغتيال بستان قصيدة
- ابو مسلم الخرساني قصيدة
- ازهار فوق تل جماجم كتاب كامل
- صانع الاختام قصيدة
- الفلاح
- انسحاقات قصيدة
- قراءتان لنص مشاهد
- جنازة قصيدة


المزيد.....




- يسرا في مراكش.. وحديث عن تجربة فنية ناهزت 5 عقود
- هكذا أطلّت الممثلات العالميات في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...
- أول متحف عربي مكرّس لتخليد إرث الفنان مقبول فدا حسين
- المسرحيون يعلنون القطيعة: عصيان مفتوح في وجه دولة خانت ثقافت ...
- فيلم -أحلام قطار-.. صوت الصمت في مواجهة الزمن
- مهرجان مراكش: الممثلة جودي فوستر تعتبر السينما العربية غائبة ...
- مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة يصدر دليل المخرجات السينمائي ...
- مهرجان فجر السينمائي:لقاءالإبداع العالمي على أرض إيران
- المغربية ليلى العلمي.. -أميركية أخرى- تمزج الإنجليزية بالعرب ...
- ثقافة المقاومة: كيف نبني روح الصمود في مواجهة التحديات؟


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - الانقاذ فعل مقاومة روحية..قراءة نقدية