كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 00:26
المحور:
الادب والفن
اغتيال بستان ) 3
اهذا ما تبقى من بستانك النضر ؟!!
شجيرات شوكية ونخلات متيبسة واشجار مبتورة وسدرة غير مطعمة
تنحني حزينة لخارج البستان المسوّر بالسعف والاسلاك الرديئة.
حتى الصغار لا يلتفتون اليها
فهي محملة بحبيبات حصى اخضر...
كانت الكروم تمتد على طول مئات من الامتار، واللوبياء سعيدة على ضفاف الانهار، وعطر الريحان يجذبك من بعيد.
كنت ترمي صنارتك وفي نصف تصطاد من السمك ما يكفيك حيث يشوى بعناية في تنور الطين. ..
تنام عميقا لا يقلقك الغد.
ولا وقت للضجر...
اهذا كل ما تبقى من بستانك
موقد صديء كان غنيا بصنع الشاي الذي يصفّي الجمجمة
واجزاء مقطعة من مراودك ومنجل مكسور.
كانت الجلسات عصرا في الربيع هنا رحلة في عالم مزدهر
حيث تنطلق الحكايا عن العشيقات،وتطوير حرفة الزراعة ، وشيء من الانباء عن رداءة الحكام او بعض شكوى من الزوجات
امام هذا الموقد السحيق.
تمر منحني الظهر : منجل في الحزام لجز حشائش للبقرات ،تجتاز الاشواك وحفر الجرذان ،والقصب المتيبس كما السعفات..
بلا جليس ، بلا نشوة بعد ملامستها، بلا انتظار للمد لتسقي،بلا فزاعة للطيور،بلا دفاترك المدرسية الاولى.
فكل الاشياء غادرتك وغادرته،مذ احتلت البيوت الحجرية ثلثي البستان :
الزوجة التي تمتص روعك...
والصغار وعبثهم قبل ان تسرقهم الزوجات..
والاصدقاء قبل رحلتهم الاخيرة...
والذكريات المبهجة قبل قبضة النسيان...
والاحلام قبل الاستستلام لموتها..
كانت الارض والانهار لحظة الكري تئن من قسوة مسحاتك ومجرفتك.
وحين زجوك في الجبهات كنت تحلم بالفيضان الذي ينضّج الارض قبل الربيع اكثر من حلمك بزبد ساقيها،
كنت تحرسه ، فتبات جوار شجر الرمان موسم نضوج الرطب خشية السراق
بانتظار قدوم الزوارق التي تقلها.
اطرق عليك الباب ،تتاخر،ثم تدب على عصا ، محتفلا بقدومي، وتشكرني لاني اتيت : ( فضل ان تفقّدك بهذا الزمن انسان)، تقول بحزن عميق...
فمذ نحروا بستانك وطمرت الترع، لم تعد تنتظر احدا ولا احد يزورك.
2025
العراق/ البصرة
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟