أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - قراءة في نص لسعات متكررة














المزيد.....

قراءة في نص لسعات متكررة


كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي


الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 01:13
المحور: الادب والفن
    


قراءة معمقة وحيادية للنص (لسعات متكررة) انجزتها الكاتبة الفلسطينية رانية مرجية

لسعات متكرّرة: قراءة في وهم الصوت وصرخة الكائن

بقلم: رانية مرجية



مدخل: الشعر بوصفه منطقة اهتزاز

في نصّه «لسعات متكرّرة»، يكتب الشاعر كاظم حسن سعيد من حافة الحواس، حيث يتقاطع الواقعي بالهذياني، والليلي بالذاتي، في تجربة لغوية تتغذّى من الاضطراب أكثر مما تتغذّى من النظام.
النص ليس مشهدًا فحسب، بل اهتزاز داخلي لكائنٍ يسمع أكثر مما يرى.
هنا لا يوجد “حدث” بقدر ما يوجد وعيٌ يتفكّك تحت وطأة الأصوات.

كاظم لا يكتب عن الفأر والجرادة، بل عن الإنسان حين يتحوّل إلى صدى نفسه.
إنه يُقيم داخل منطقة ضبابية، حيث الوهم يصبح أداة معرفة، والصوت يتحوّل إلى مرايا للذات.



الوهم السمعي كمرآة للوعي المنهك

“فيما كان الليل مكتمل السكون / صوت فأر يقرض…”

هذه البداية لا تصف لحظة عادية؛ إنها بوابة الدخول إلى اللاواقع.
فالصوت الذي يقرض لا يقرض خشبًا بل يقرض وعي القارئ نفسه.
الشاعر هنا يضعنا أمام اختبارٍ معرفيّ:
هل ما نسمعه حقًا صوت فأر؟ أم هو هذياننا الداخلي؟

بهذا التلاعب الإدراكي، يُعيد كاظم تشكيل العلاقة بين المحسوس والذهني.
الصوت يتحرك، يختفي، يعود… وكأننا داخل حلمٍ يسمع نفسه.



بين الكتاب والماء: رمزية المعرفة السائلة

“تناول قليلا من الماء وقرأ: إن تغاضيت عن الحقيقة فستواجهك…”

لحظة القراءة هنا طقسٌ من طقوس الوعي المتنازع بين النور والعطش.
الماء في النص ليس شرابًا، بل رمز لصفاءٍ مؤجل،
والكتاب ليس مصدرًا للمعرفة، بل فخٌّ لليقظة.

تتحوّل الجملة داخل الكتاب إلى نبوءة:

“إن تغاضيت عن الحقيقة فستواجهك…”

وهنا تنقلب المعادلة: الحقيقة لم تعد هدفًا للبحث،
بل كائنًا هلاميًا يتربّص بالإنسان حتى يفتح عينيه في الظلام.
كأن الشاعر يقول: الحقيقة تلسعك حين تحاول تجاهلها.



تعدد الأصوات: فوضى الداخل في زمن مكتظ

حين يقول:

“عليك اجتياز مئات الأصوات المستفزة قبل أن تبلغ وسادتك…”

فهو يصف جغرافيا الضجيج الداخلي للقرن الحادي والعشرين.
الأصوات ليست أصوات الشوارع فقط،
بل هي تلك التي تصرخ داخل الرأس: جدل، نصائح، إعلانات، وصخب هويّات ضائعة.

النص في جوهره لا يتحدث عن “فأر” ولا عن “جرادة”؛
بل عن إنسانٍ يحاول النوم داخل دماغه المزدحم.
الوسادة هنا ليست مكان الراحة، بل خط النهاية في سباقٍ ضد الضوضاء.



الجرادة: وهم الضوء وافتراس الحقيقة

“كانت جرادة تحوم حول المصباح المتدلي، تفترس الحشرات.”

في المشهد الأخير، تتجلّى عبقرية كاظم في تحويل تفصيلٍ بيولوجي بسيط إلى مشهد كوني ميتافيزيقي.
الجرادة التي تفترس تحت الضوء ليست سوى صورة الإنسان الحديث،
ذلك الذي ينجذب إلى الأضواء الاصطناعية للحقيقة،
لكنه لا يدرك أنه يلتهم ما تبقّى من براءته.

بين “الفأر القارض” في البداية و”الجرادة المفترسة” في النهاية،
يتحوّل النص إلى دائرة مغلقة من الأصوات التي تلتهم نفسها.
الإنسان كائن ينهشه الصوت،
يبحث عن الصمت،
ثم يكتشف أن الصمت هو الصدى الأكثر رعبًا.



اللغة: بين الحفيف والعدم

لغة كاظم في «لسعات متكرّرة» لغة تقف على الحافة بين النثر والشعر،
بين الجملة العادية والمجاز العميق.
هي لغة تحذف أكثر مما تقول،
تُراهن على المسافة بين الكلمة وصداها.

هذه اللغة لا تريد أن تُدهش، بل أن تُقلق.
إنها ليست جمالًا زائفًا، بل تجريبٌ في هشاشة التعبير الإنساني نفسه.
كأن الشاعر يقول: لا شيء حقيقي إلا الترددات.



خاتمة: من الواقعي إلى الوهمي

نص «لسعات متكرّرة» ليس قصيدة عن ضجيج الليل،
بل عن الليل الداخلي للكائن الذي يسمع العالم وهو يتهشّم ببطء داخله.
كاظم حسن سعيد يُعيد الشعر إلى وظيفته الأولى:
أن يكون مرآةً للارتباك الوجودي، لا للتفسير.

في هذا النص، الوهم ليس نقيض الحقيقة، بل طريقها الوحيد.
الصوت الذي بدأ كفأرٍ واقعي ينتهي كصدى أبديّ في الرأس،
وهنا تكمن عبقرية الشاعر:
أنه جعلنا نسمع ما لا يُسمع، ونرتجف من لسعاتٍ لم تلمس الجسد بعد.



#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيت الاثرياء قصيدة
- تحليل سينمائي ل شبح مقهى
- ديوان العقارب السوطية كتاب كامل
- شبح مقهى قصيدة
- سرديات متعددة الطبقات
- نقد سينمائي لقصيدة مشهدان
- لسعات متكررة قصيدة
- مشهدان
- قراءة في قصيدة شرار في نظرة
- شرار في نظرة قصيدة
- كورونا قصيدة
- مشهد لكبار السن قصيدة
- خارج مسطرة الشعر كتاب كامل
- مدرسة الاصرار قصيدة
- محاضرة في مركز المخطوطات بالبصرة
- جينات الحكام المتقين قصيدة
- لعبة النرد قصيدة
- ليلة مقتل الامين قصيدة
- ليلة مقتل الامين
- المشط الخشبي


المزيد.....




- مهرجان الفيلم بمراكش يكشف عن أفلام دورته
- ماذا نعرف عن -الديموقراطية التمثيلية- التي أسقطها ممداني؟
- -الخارجية- ترحب باعتماد اليونسكو 4 قرارات لصالح فلسطين: انتص ...
- الفنان المصري ياسر جلال يعتذر عن تصريحاته بشأن دور الجزائر ب ...
- ياسر جلال: رواية -غير مثبتة- عن دور للجيش الجزائري في القاهر ...
- مهرجان فلفل إسبيليت الأحمر: طعام وموسيقى وآلاف الزوار
- فيلم وثائقي يعرض الانهيار الأخلاقي للجنود الإسرائيليين في حر ...
- من -سايكو- إلى -هالوين-.. لماذا تخيفنا موسيقى أفلام الرعب؟
- رام الله أيتها الصديقة..!
- ياسر جلال يعتذر عن معلومة -خاطئة- قالها بمهرجان وهران للفيلم ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم حسن سعيد - قراءة في نص لسعات متكررة