أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - التسوية أم الاستسلام؟ القضية الكردية بين المساومات السياسية وغياب الاعتراف














المزيد.....

التسوية أم الاستسلام؟ القضية الكردية بين المساومات السياسية وغياب الاعتراف


حجي قادو
كاتب وباحث

(Haji Qado)


الحوار المتمدن-العدد: 8540 - 2025 / 11 / 28 - 13:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الصعب وصف ما يجري اليوم في تركيا على أنه «تسوية» للقضية الكردية؛ فالتسوية الحقيقية تفترض الاعتراف بالحقوق، بينما ما يُطرح حاليًا لا يتجاوز محاولة لانتزاع الاستسلام مجانًا دون أي مقابل سياسي أو قانوني. فحتى الآن لا وجود لاعتراف رسمي باللغة الكردية، ولا بالهوية الكردية، ولا بأي شكل من أشكال الحكم الذاتي أو الفيدرالية أو حتى الإدارة المحلية في المناطق ذات الغالبية الكردية.

والحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن الشعب الكردي يمتد بجذوره عميقًا في التاريخ قبل وصول الأتراك بآلاف السنين. وكل ما شهده تاريخ تركيا المعاصر من كفاح مسلح بدأه حزب العمال الكردستاني انطلق من خلفية سياسية واضحة، وكان يجب ولا يزال يجب أن يُعالَج سياسيًا. لكن ما يحدث اليوم أقرب إلى مساومة بين شخص معتقل هو عبد الله أوجلان، ورئيس دولة يجيد المناورة السياسية مثل رجب طيب أردوغان، تحت عناوين براقة من قبيل «الاندماج الديمقراطي»، بينما يجري في الواقع تهميش القضية الكردية وتفريغها من مضمونها.

إن الحديث عن «حل» لا يمكن أن يكون ذا معنى في ظل استمرار تجاهل حقيقة أن ثلاثين مليون كردي يعيشون على أرضهم التاريخية دون اعتراف بهويتهم، ودون أي اعتذار رسمي عن المجازر والانتهاكات التي تعرّض لها المدنيون الأكراد منذ تسعينيات القرن الماضي: تهجير قسري، تدمير أكثر من أربعة آلاف قرية كردية، وتصفيات جسدية بحق النشطاء والسياسيين.

ومن الناحية القانونية، فإن المقاومة حق مشروع لأي مكوّن عرقي مقموع ومحروم من حقوقه، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي. وبالتالي لا يمكن اختزال القضية الكردية في معادلة أمنية أو القضاء عليها بقرارات عسكرية أو عبر صفقات فوقية لا تمثل الشعب.

ولا بد هنا من الإشارة إلى أنّ احتمال ظهور انتفاضات أو حركات احتجاجية جديدة داخل تركيا ليس أمرًا مستبعدًا أبدًا، في ظل غياب أي إصلاح سياسي جاد يتعلق بالقضية الكردية. فخلال عملية السلام، اتخذت الحركة الكردية ثلاث خطوات جريئة: إلقاء السلاح، حلّ بنيتها العسكرية في الداخل، وخروج عناصر حزب العمال الكردستاني من كردستان تركيا. لكن في المقابل لم تتخذ الدولة التركية أي خطوة ذات دلالة سياسية أو رمزية لبناء الثقة، ولا حتى خطوة واحدة تُظهر حسن النية.

فلا اعتراف بالهوية، ولا إطلاق سراح للمعتقلين السياسيين، ولا إلغاء للمحاكمات الاستثنائية، ولا ضمان للغة والثقافة والتعليم، ولا حتى قانون عفو يشمل من لم تتلطخ أيديهم بالدماء من عناصر حزب العمال الكردستاني، بينما ما زال المئات من الصحفيين والطلاب ورؤساء البلديات والنشطاء الكرد يقبعون في السجون.

إن الحديث عن «سلام» لا معنى له دون اعتراف بالحقوق. والحوار لا يتحول إلى «عملية سياسية» ما لم يشمل الشعب، لا الأشخاص. والوعود لا تبني الثقة ما لم تتجسد في إصلاحات ملموسة.

وهكذا تبقى الحقيقة واضحة:
القضية الكردية لن تُحل بالمقايضات ولا بتغيير الخطاب الإعلامي، بل بالاعتراف المتبادل، وبناء دولة مواطنة، وإقامة نموذج ديمقراطي يليق بشعب قدّم الكثير وتعرّض للكثير.



#حجي_قادو (هاشتاغ)       Haji_Qado#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين خطاب التهدئة وواقع الإقصاء… قراءة في رسالة الشرع إلى أبن ...
- رسالة إمرالي… بين الواقع السياسي وكرامة التضحيات
- سوريا بين التفكّك والإنقاذ… لا حلّ دون 2254
- حين تتحول الثورة إلى نقيض شعاراتها… قراءة نقدية في التجربة ا ...
- بيان لجنة إيمرالي… ومفارقات اتفاق 10 آذار في سوريا
- تصريح محمد إسماعيل رئيس المجلس الوطني الكوردي… تساؤلات مفتوح ...
- قبل توجيه الاتهامات… فلننظر في المرآة أولًا
- رسالة عبد الله أوجلان… سلامٌ بلا هوية أم سياسةٌ بلا وضوح؟
- لقاء غير مُفهوم… بين الجلاد والضحية
- اتفاق 10 آذار بين الشرع والجنرال مظلوم… إنقاذ للبلاد أم مجام ...
- من الاحتلال التركي إلى التوغل الإسرائيلي، وتغييب القضية الكر ...
- ظهور مظلوم عبدي في ملتقى ميبس في دهوك… رسالة سياسية تتجاوز ح ...
- تبرئة المجرمين بالذكاء الاصطناعي في سوريا ،وتمهيد الطريق للف ...
- محاكمة على الورق… وإفلاتٌ من العقاب: مسرحية “التحقيق” في جرا ...
- من بندقية الصيد إلى هزيمة داعش: كيف تشكّلت قوة لا يُستهان به ...
- سوريا بين هيمنة الفتوى وضياع الدولة
- احمد الشرع من معاداة “بيت الطاعة” إلى التباهي بزيارته
- عن الحوار والكرامة الوطنية
- نحو لحظة فارقة في التاريخ التركي: أوجلان والكلمة المنتظرة في ...
- نحو وحدة الهوية الكردستانية


المزيد.....




- من الأميرة ديانا إلى كيت ميدلتون..نقشة -رجل الدجاجة- تعود إل ...
- فيديو يظهر كيف التهم حريق هونغ كونغ الأبراج السكنية في غضون ...
- فندق في مدينة بالتيمور يرصد مشهدًا -مرعبًا- عبر كاميرات المر ...
- كيف توازن الإمارات بين الابتكار والحوكمة في عصر الذكاء الاصط ...
- تصعيد إسرائيلي في سوريا مع استمرار العمليات في الضفة الغربية ...
- موكب عيد الشكر في نيويورك.. دمى وشخصيات كرتونية تحلق في سماء ...
- البابا والملفّ اللبناني.. هل تشكّل زيارته حاجزًا أمام التصعي ...
- تونس: محكمة استئناف تقضي بسجن قادة من المعارضة لفترات بين 5 ...
- تونس: محكمة الاستئناف تصدر أحكاما بالسجن تصل إلى 45 عاما بحق ...
- هكذا ظهرت النجمات العربيات على السجادة الحمراء بمهرجان -ضياف ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - التسوية أم الاستسلام؟ القضية الكردية بين المساومات السياسية وغياب الاعتراف