أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حجي قادو - حين تتحول الثورة إلى نقيض شعاراتها… قراءة نقدية في التجربة السورية














المزيد.....

حين تتحول الثورة إلى نقيض شعاراتها… قراءة نقدية في التجربة السورية


حجي قادو
كاتب وباحث

(Haji Qado)


الحوار المتمدن-العدد: 8537 - 2025 / 11 / 25 - 15:57
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


فليشهد التاريخ من دون تجميل أو تزوير أن التجربة السورية التي انطلقت عام 2011 لم تتحوّل إلى ما حلم به السوريون، بل أصبحت في كثير من مراحلها واحدة من أكثر التجارب السياسية والإنسانية تشوّهًا عبر العصور المعاصرة.
فشل الأخلاق قبل فشل السياسة، وفشل الوعي قبل فشل السلاح.

من الثورة إلى النقيض

كان يفترض أن ترفع الثورة راية الكرامة والحرية والعدالة، لكن ما حدث على الأرض إعلاميًا وأخلاقيًا وسلوكيًا كان أبعد ما يكون عن تلك القيم.
ولم نشهد طوال سنوات الصراع شيخًا علويًا أو درزيًا، ولا رجل دين مسيحيًا، يدعو العالم إلى “الجهاد” ضد جيرانه وشركائه في الوطن.
بينما ظهر في المقابل خطاب ديني متشدد داخل صفوف الحركات السنية المسلحة، يدعو إلى الاقتتال المذهبي والفرز الطائفي، حتى وصل الأمر إلى دعوات “جهاد النكاح” التي شكّلت سقوطًا أخلاقيًا واجتماعيًا مدويًا شوه صورة الثورة وقضيتها.

دولة بلا قانون… وسلطة بلا أخلاق

خلال الفترة الممتدة من بداية الثورة إلى إسقاط النظام السابق في بعض المناطق، لم ترتكب الفصائل غير السنية مجازر بحق العرب السنّة أو الدروز أو المسيحيين.
لكن ما إن سقطت المؤسسات الرسمية وتغيّر ميزان السلطة، حتى تحوّلت مناطق واسعة إلى غابة بلا قانون، وبرز شعار: من يحرّر يقرّر.
فتحوّل “تحرير المدن” إلى فرصة للثأر والانتقام والنهب والخطف وجباية الفديات، وأصبح استهداف المدنيين وابتزازهم ممارسة يومية لدى مجموعات إسلامية مسلحة متشددة، رفعت شعار “الثورة” بينما قمعت الشعب نفسه.
ولم يكن الانحراف العسكري وحده هو الكارثة؛ فقد أصبح الفاسد والمجرم وتاجر الدماء فوق المحاسبة، بينما حُورب الفقراء والمظلومون ومن لا سند لهم.

ثورة أم مشروع حرب؟

بدل أن تكون الثورة مشروع تحرر وطني، تحوّلت عبر التنظيمات الجهادية العابرة للحدود إلى بوابة لاستجلاب كل أشكال التطرف العابر للقارات تحت شعار “الجهاد”، فكان الشعب السوري أول ضحايا هذه الموجة، بالقتل والتهجير والترهيب.
ثمّ بلغ الانحراف مداه عندما رُفعت رايات القتال ضد:
*الكرد في شمال وشرق سوريا
*الدروز في السويداء
*العلويين في الساحل، ليس بمفهوم “قتال النظام”، بل بمفهوم استئصال المكوّن، ما كشف عقلية إقصائية تكفيرية لا تقبل وجود الآخر شريكًا في الوطن.

من سرقة الثورة إلى خطف الدولة

لم تمضِ شهور حتى أصبح المتطرفون السلفيون والجهاديون لا المدنيون ولا الديمقراطيون هم من يتصدر المشهد في دمشق والمناطق الخاضعة لسلطتهم، بينما غُيّب أصحاب الدم الحقيقي والشهداء الذين خرجوا من أجل كرامة الشعب.

في الختام :
لن يُنصف التاريخ التجارب إذا كُتبت بالرغبات لا بالوقائع.
الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها اليوم أن الثورة السورية كما تجسدت على الأرض وليس كما خُلقت في الخيال، أصبحت ثورة الثروة والثرثرة والفوضى والنهب والانقسام المجتمعي والأخلاقي.
كان السوريون يحلمون بثورة تُعيد للناس كرامتهم.
لكن الواقع قادهم إلى حربٍ دمّرت الكرامة والإنسان معًا.
التاريخ سيسجل مهما حاولت القوى تلميعه أن مشروعًا وُلد باسم الحرية، لكن التطرف والمتاجرة بالدين والسلطة والدم خطفته من يد الشعب
وأعاد سوريا إلى جراحٍ أعمق من تلك التي خرج الناس هربًا منها.



#حجي_قادو (هاشتاغ)       Haji_Qado#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان لجنة إيمرالي… ومفارقات اتفاق 10 آذار في سوريا
- تصريح محمد إسماعيل رئيس المجلس الوطني الكوردي… تساؤلات مفتوح ...
- قبل توجيه الاتهامات… فلننظر في المرآة أولًا
- رسالة عبد الله أوجلان… سلامٌ بلا هوية أم سياسةٌ بلا وضوح؟
- لقاء غير مُفهوم… بين الجلاد والضحية
- اتفاق 10 آذار بين الشرع والجنرال مظلوم… إنقاذ للبلاد أم مجام ...
- من الاحتلال التركي إلى التوغل الإسرائيلي، وتغييب القضية الكر ...
- ظهور مظلوم عبدي في ملتقى ميبس في دهوك… رسالة سياسية تتجاوز ح ...
- تبرئة المجرمين بالذكاء الاصطناعي في سوريا ،وتمهيد الطريق للف ...
- محاكمة على الورق… وإفلاتٌ من العقاب: مسرحية “التحقيق” في جرا ...
- من بندقية الصيد إلى هزيمة داعش: كيف تشكّلت قوة لا يُستهان به ...
- سوريا بين هيمنة الفتوى وضياع الدولة
- احمد الشرع من معاداة “بيت الطاعة” إلى التباهي بزيارته
- عن الحوار والكرامة الوطنية
- نحو لحظة فارقة في التاريخ التركي: أوجلان والكلمة المنتظرة في ...
- نحو وحدة الهوية الكردستانية
- معركة كبرى تلوح في الأفق السوري
- من هو الإرهابي يا سيد مهند أوغلو؟ يا من لا تملك ذرة من الوطن ...
- لمحة تاريخية عن الكُرد
- زيارة احمد الشرع إلى البيت الابيض بين الواقعية السياسية ومخا ...


المزيد.....




- مجلس الأمن الدولي يفرض معاهدة ترامبية غير مقبولة على غزة: نق ...
- محاكمة كبرى لسبعة متهمين بالانتماء لجماعة يسارية متطرفة في أ ...
- لجنة برلمانية تركية تزور أوجلان في سجنه
- رسالة من المناضل المعتقل السياسي الأستاذ محمد جلول (نوفمبر 2 ...
- وفد تركي يجري محادثات سلام نادرة مع الزعيم الكردي المسجون عب ...
- كتاب: عندما كان لسان يسمى فرناندو؛ حياة مناضل أممي مغربي في ...
- Trump’s 28 Pt. Ukraine War Plan
- The Audacity of Hope, Denied
- Energy Affordability+, Not Energy Dominance
- The Ontological Disintegration of Capitalist Modernity and t ...


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حجي قادو - حين تتحول الثورة إلى نقيض شعاراتها… قراءة نقدية في التجربة السورية