حجي قادو
كاتب وباحث
(Haji Qado)
الحوار المتمدن-العدد: 8531 - 2025 / 11 / 19 - 02:52
المحور:
كتابات ساخرة
إذا كان البعض يحاول أن يسوّق للرأي القائل بأن الجرائم الوحشية التي ارتُكبت بحق الأبرياء في الساحل والسويداء ليست سوى “مخلّفات الذكاء الاصطناعي”، وأن ما جرى في الجلسة العلنية للمحاكمة من تبرئةٍ للمجرمين تمّ بدعوى أنّ الأدلة مشاهد مُفبركة أو صور مُصطنعة، فإن المنطق ذاته يقود إلى نتيجة حتمية . فهل سيكون وفق هذا المنطق الأعوج ، تحرير سوريا وإسقاط نظام الأسد، ثم تولّي أبو محمد الجولاني حكمًا مؤقتًا دون انتخابٍ شعبي، أيضًا من “مخلّفات الذكاء الاصطناعي”؟
إنّ استخدام الذكاء الاصطناعي كذريعة للتنصّل من الجرائم وتزوير الحقائق ليس سوى محاولة يائسة للفرار من المساءلة، وتشويه الوعي العام، وتبييض صفحة القتلة. فالجريمة لا تختفي بتبديل الرواية، ولا تُطمس بالتقنيات الحديثة، ولا تُمحى بالخطابات الدعائية. فهي تبقى وصمة تُلاحق مرتكبيها مهما تبدّلت الظروف ومهما طال الزمن.
وحين يغيب القانون وتُغيَّب العدالة، يغيب معها كل ما تبقّى من معنى الإنسانية. عندها تتحوّل الرشوة إلى “ذكاء”، ويصبح الفساد “مهارة”، ويتحوّل القاضي بدل أن يكون حارسًا للحق إلى سمسارٍ للباطل. وعندها أيضًا تصبح المحسوبية أقوى من الحقيقة، فينقلب الباطل حقًا والحق باطلاً بلا وازع ضمير ولا رادع أخلاقي.
وعندما تتبدّل المعايير إلى هذا الحدّ المروّع، يصبح الضحية جلادًا في سجلّ الحكم، ويُعاد تدوين الجلاد ضحيةً في ذاكرة المحاكم. وهنا لا يكون المجتمع أمام أزمة سياسية أو قضائية فحسب، بل أمام انهيارٍ شامل للقيم، يهدّد معنى العدالة وكرامة الإنسان وحقّ الحياة ذاته.
إنّ التاريخ لا يُكتب بأوهام الذكاء الاصطناعي، بل بالوقائع التي لا تلغيها الأكاذيب. والمستقبل لن يُبنى على تزويرٍ ممنهج، بل على عدالة حقيقية تقول للجلاد: أنت مجرم… وللضحية: أنت مظلوم.
#حجي_قادو (هاشتاغ)
Haji_Qado#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟