حجي قادو
كاتب وباحث
(Haji Qado)
الحوار المتمدن-العدد: 8514 - 2025 / 11 / 2 - 00:57
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في الأول من تشرين الثاني عام 2014، أعلن العالم تضامنه مع مدينة كوباني في معركتها المصيرية ضد تنظيم "داعش"، الذي كان قد سيطر آنذاك على نحو ثلثي مساحة المدينة، بعد أن احتلّ كامل ريفها من الجهات الثلاث، بل وحتى الجهة الشمالية التي تحولت إلى ممرٍّ مفتوح للمقاتلين القادمين من الأراضي التركية، في مشهدٍ جرى أمام أنظار الجيش التركي دون أي تحركٍ منه.
كانت كوباني في تلك اللحظات التاريخية قلعةً للصمود والإرادة، تواجه واحدةً من أعتى قوى الإرهاب التي أُعدّت في مطابخ بعض الدول الإقليمية، في محاولةٍ لإخماد أصوات الشعوب الحرة الساعية إلى العدالة والكرامة.
غير أن إرادة الحياة لدى أبناء وبنات كوباني، ووقوف العالم الحر إلى جانب الشعب الكردي، شكّلا معًا لحظةً فارقة في مسار النضال ضد قوى الظلام والهمجية، وأعادت كوباني إلى الواجهة بوصفها ميدانًا لتحطيم أسطورة "داعش" على تخومها الصامدة.
لقد أثبتت كوباني أن طريق الحرية والعدالة أقوى من رياح الجهل والتخلف، وأن الشعوب التي تؤمن بحقها في الوجود لا يمكن أن تُهزم، مهما اشتدّ الحصار واشتعلت الحرب.
ومن بين الركام، نهضت كوباني لتقول للعالم أجمع إن إرادة الشعوب لا تُقهر، وإن نجم الحرية ما زال يضيء سماء الإنسانية، يرشد الأحرار نحو مستقبلٍ يسوده السلام والكرامة والمساواة. وكما قال الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي: إذا الشعبُ يومًا أرادَ الحياةَ فلا بدَّ أن يستجيبَ القدر، ولا بدَّ لليلِ أن ينجلي، ولا بدَّ للقيدِ أن ينكسر.
وبفضل إرادة وإيمان أبناء كوباني بقضيتهم القومية، وتكاتف بنات وأبناء كُردستان، ومساندة قوات البيشمركة والتحالف الدولي، كُتبت ملحمة الانتصار، وتحررت كوباني من دنس "أنصاف البشر" الذين حاولوا طمس هويتها واغتيال روحها.
إن كوباني لم تكن مجرد مدينةٍ تدافع عن وجودها، بل كانت رمزًا إنسانيًا عالميًا للمقاومة ضد الفناء، وصوتًا للحرية يتردد في وجدان كل مناضلٍ ومقهورٍ يسعى إلى العدالة.
لقد تجاوزت كوباني حدود الجغرافيا لتُصبح رمزًا أمميًا للإصرار على الحياة، ومرآةً تعكس نبل الإنسان في مواجهة وحشية الإرهاب.
#حجي_قادو (هاشتاغ)
Haji_Qado#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟