أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى المنوزي - الحكم الذاتي بين رهانات الأمن المنتج للثقة وإصلاح العقيدة السياسية أو نحو تجديد التعاقد الوطني أفقيا وعموديا














المزيد.....

الحكم الذاتي بين رهانات الأمن المنتج للثقة وإصلاح العقيدة السياسية أو نحو تجديد التعاقد الوطني أفقيا وعموديا


مصطفى المنوزي

الحوار المتمدن-العدد: 8535 - 2025 / 11 / 23 - 20:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(فلسفة الحكم ونقد عقيدة السلطة. من وحي اليوم العالمي للفلسفة )

تفرض اللحظة الوطنية الراهنة العودة إلى تجديد النقاش حول موقفي كما تم بسطه سابقًا، وذلك لضرورته في تفكيك الشروط السياسية والدستورية والأمنية التي ينبغي توفرها لإنجاح مشروع الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية. فتنزيل هذا الورش الاستراتيجي لا يُختزل في هندسة ترابية أو ترتيب مؤسساتي، بل يستدعي إعادة قراءة منسوب الثقة بين الدولة والمجتمع، وتقييم قدرة البنيات المركزية والجهوية على استقبال نموذج متقدم في التدبير الذاتي يقوم على المشاركة والشفافية والفعالية. ومن ثَمّ، فإن استحضار تلك الخلفيات النظرية والعملية يصبح مدخلًا أساسيًا لإعادة تعريف وظيفة الدولة، وضبط التوازن بين السلط، وتعزيز الأمن القانوني والمؤسساتي، بما يؤهل البلاد لاحتضان صيغة حكم ذاتي منسجمة مع المشروع الوطني وتحصينًا لخيار السيادة والوحدة الترابية.
في دولة تقليدانية الجوهر، محكومة بتراكمات تاريخية وبسياق نشأتها واستمرارية وجودها، تتجاور بنيات وأنماط إنتاج متباينة، بعضها مترسخ وهيمنته رمزية، وبعضها فتِيّ أو جنيني يُستعمل في الواجهة ضمن سيميائية الأهواء؛ من قبيل الانفتاح الشكلي على الحداثة السياسية والاستهلاكية دون تحديث ثقافي عميق أو إرادة دستورية حقيقية لتغيير البنية. وقد أظهرت بدايات العهود المتعاقبة هذا المنحى من خلال تضخم خطاب “المشروع المجتمعي الحداثي والديمقراطي” القائم على وعود متكررة بالانتقال الديمقراطي والعدالة الانتقالية.
ومنذ دستور 2011، الذي تباهت به الدولة باعتباره قطيعة مبدئية مع تماهي رئاسة الدولة مع إمارة المؤمنين كما كان منصوصًا عليه في الفصل 19 من دستور 1962، أصبح التمييز بين السلطتين الدينية والسياسية أكثر وضوحًا عبر الفصلين 41 و42. غير أن مشروعية المجالات المحفوظة للملك ما تزال مؤطرة بمنطق عقد البيعة التاريخي، الذي يلزم أمير المؤمنين بضمان حماية الملة والدين والثغور وحوزة الوطن، مقابل مبايعة الأمة عبر مؤسساتها التقليدية؛ وهذا التعاقد التاريخي يجعل مسؤولية الدولة، في شخص رئيسها الدستوري، قائمة على ضمان الحق في الأمن ضد الخوف والأمن ضد الحاجة، وعلى توفير شروط حياة كريمة ومتحررة من التبعية والإلحاقية في صياغة القرار الوطني والسياسة العامة والسياسات العمومية، وفق مقتضيات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان ؛ وفي هذا السياق، يبرّر بعض المحللين خيارات الدولة—وخاصة العقل الأمني فيها—في رسم استراتيجيات التحالفات والتعاقدات الدولية، معتبرين أن المغرب لم يبرح موقعه داخل نفس الاصطفاف العالمي والإيديولوجي والاقتصادي والأمني منذ عقود. فهذه التحالفات ليست طارئة، بل شكلت امتدادًا لعلاقات تبادل المصالح والخدمات والدفاع المشترك، ما يجعل المصالح والمصائر متشابكة. ويترتب عن ذلك أن الخريطة السياسية الداخلية تُهندس في ضوء هذه التعاقدات؛ من تشكيل الأغلبية والمعارضة، إلى سنّ القوانين، وتقسيم الدوائر الانتخابية، وضبط إيقاع المؤسسات ؛ غير أن التحولات السياسية العميقة كانت تستدعي إصلاحًا دستوريًا يُنهي مظاهر الاستبداد وينقل البلاد من حكم فردي متمركز إلى ديمقراطية فعلية. لكن الطبيعة الوراثية للنظام الملكي، كما ترى بعض القراءات النقدية، لا تجد في الديمقراطية سوى وسيلة مشروطة بموازين القوة. ولهذا ظل التغيير الممكن رهينًا بالتسويات، وبات مطلب الملكية البرلمانية شبه مستحيل في ظل هشاشة المشهد الحزبي التقدمي وتصاعد المد المحافظ الذي لا يعترف بالديمقراطية كغاية، إضافة إلى ضعف آليات المساءلة رغم نزع القداسة عن النظام.
ومع ذلك، يظل فريق من المحللين يتشبث بالأمل في “الدولة الآمنة والقوية” بدل الدولة الأمنية المخيفة، مؤكدين أن مواجهة مظاهر الدولة الرخوة لا تكون بتهديم الدولة أو بالتبشير باللادولة، بل بتجديد تعاقدها مع المجتمع. فآن الأوان—وفق هذه القراءة—لانتقال قيمي وأمني على مستوى عقيدة النظام السياسي، يوازي قدراته على الاستقرار والدفاع، ويستحضر ضرورة “صناعة المواطن” عبر تقوية التربية الوطنية، وتحصين الهوية التعددية، وترسيخ التنوير، وإرساء قواعد الديمقراطية المعرفية.
إن التحالفات والتعاقدات في سياق التوترات الإقليمية وفلول الإرث الاستعماري تحكمها منطق المصالح، لكنها تمنح للدولة في العهد الجديد فرصة لتكريس الندية والتكافؤ في القوة والمصلحة والمعنى. ونحن، كوطنيين، لا نسعى إلا لتثمين كل الإرادات الإصلاحية الغيورة التي تعمل على القطع مع فظائع الماضي ومع الأعطاب المتوارثة، وهو مسار لا يمكن أن يتحقق دون إطلاق جيل جديد من الإصلاحات يهدف إلى دمقرطة صناعة القرار الأمني والمالي والتشريعي، وتعزيز مأسسة استقلال السلطة القضائية، وتكريس فصلها الفعلي عن بقية السلط الدستورية والمالية والإعلامية.
وختاما وجب التأكيد على أن ورش الحكم الذاتي يبرز الحاجة إلى تقييم موضوعي لدور الدولة وقدرتها على تحويل الأمن إلى فضاء منتج للثقة، بدل الاكتفاء بمنطق الضبط والاحتواء. ويقتضي هذا المسار مراجعة هادئة لعقيدة الحكم، بما يسمح بترسيخ مؤسسات مستقلة ومسؤولة، وتوسيع دائرة المشاركة المواطنة في اتخاذ القرار لأن المقاربة التوقعية هنا ليست ترفًا فكريًا، بل أداة ضرورية لاستشراف مخاطر إعادة إنتاج الأعطاب القديمة في سياق جديد ؛ فالحكم الذاتي لن يُكتب له النجاح إلا في إطار تعاقد وطني يُوازن بين السيادة، والنجاعة، والعدالة، ويمنح للدولة قوة تستمد مشروعيتها من ثقة مواطنيها ومن ذاكرة المشترك التحرري ؛ لا من أدواتها.
--------------------------------------
رئيس المركز المغربي للديموقراطية والأمن
ومنسق دينامية ضمير الذاكرة وحوكمة السرديات الأمنية



#مصطفى_المنوزي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحظة الحسم في الصحراء: من احتكار الدولة إلى التشاور الوطني
- الحق الذي يراد به باطل: ذرائع إقصاء الحوار والنقد داخل الأحز ...
- في تفاعل الحرية والهوية، ومن أجل توليف منتج بين الصمود والار ...
- جيل زد والفكرة الإتحادية : من نفي النفي إلى الخلاص التوقعي
- جيل زد 212 بين خيار التسييس العفوي وبرنامج وطني للشباب
- التيه السياسي بين الفيزياء والكيمياء: الدولة كمطبخ أم كمختبر ...
- بين أسلمة الدولة وتسليع الحقوق: المعضلة المغربية عشية التحول ...
- اغتراب النخبة داخل الأطر الحزبية والمؤسساتية وظاهرة الانفصال ...
- من أجل تجنيب الوطن معوقات البناء الديموقراطي
- في نقد علاقة السياسة بالدين وعلاقة النقد بالسياسة
- المجتمع يواجه السيبة بالتسيب والدولة تبرر الوضع ب « الجمهور ...
- دعوة إلى تنظيم حملة دولية من أجل الحق في معرفة الحقيقة واحتر ...
- تضامنا مع فاضحي الفساد أناشد نزاهة القضاء وعقلانية التعبير .
- مامفاكينش مع الحق في معرفة الحقيقة ( خاطرة على هامش زيارة فر ...
- التقدمية بين التراخي الثقافي وفوبيا الانقراض
- بين خيار التحديث وخيار الدمقرطة
- موسم الهجرة التنموية المضادة
- كفى عبثا واستهتارا ولنتسلح بمزيد من اليقظة والعزيمة لمقاومة ...
- من له مصلحة في إجهاض مطلب الدولة الوطنية الديموقراطية ؟
- همهمات عشق لوطن ينعم بالاستقلال الثاني


المزيد.....




- بعد خطته للسلام.. ترامب يهاجم القيادة الأوكرانية بشدة: لم تب ...
- كيرن هايسود.. كيان مالي أسهم في تنفيذ المشروع الصهيوني بفلسط ...
- هجرة العقول تتفاقم في إسرائيل بعد طوفان الأقصى
- تحقيقات تكشف مشارح مكتظة ومقابر سرية في تنزانيا
- -الحمل الوحشي-.. حركة بديلة تتحول إلى تجارة بالملايين واتهام ...
- قدّرت الخسائر بـ 1,5 مليون دولار.. حريق يلتهم ديكورات المسلس ...
- -إنهم ليسوا هنا-.. رئيس جنوب إفريقيا يعلق -مازحا- على غياب أ ...
- إسرائيل تعلن استهداف رئيس أركان حزب الله بأول ضربة في قلب بي ...
- طهران تختنق بالدخان.. جودة الهواء تتلوث إلى مستويات خطيرة في ...
- انتخابات مبكرة على وقع أزمة سياسية.. صرب البوسنة ينتخبون رئي ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى المنوزي - الحكم الذاتي بين رهانات الأمن المنتج للثقة وإصلاح العقيدة السياسية أو نحو تجديد التعاقد الوطني أفقيا وعموديا