مصطفى المنوزي
الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 15 - 16:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النبرة المحافظة ، ضمن المسودة الجنائية ، المتخفية وراء الدفاع عن القيم « الدينية » من شأنها أن تخلق نزعة « نظام الحسبة » الذي يشرعن عمليا لجريمة انتحال صفة ضابط شرطة قضائية أو مدعي عام ، يضبط جنح الفساد و ازدراء الأديان بذريعة النهي عن المنكر ، مخفيا حقيقة الرغبة في الانتقام وتصفية الحساب ، والحال أننا لم نستطع توفير حتى شرطة إدارية لضبط مخالفات منع التدخين والتبول في الفضاء العمومي ، ولنتذكر التجاوزات التي يضطلع بها بعض حراس الأمن الخاصين الذين يتقمصون أدوار المفتش ميغري ، فحذار من القفز على المكتسبات القانونية الوضعية التي تهتم أساسا بالعقاب الدنيوي ، تاركة جزاء الوعد والوعيد للخالق القهار .
من جهة ثانية هناك نبرة « شعبوية » موازية تعتري سلوك بعضنا ، عندما ننظم وقفات احتجاجية أمام المحاكم ، فيتحول التضامن إلى وسيلة للضغط على الهيأة القضائية بشعارات تضمر نفحة أخلاقية أو حقوقية ، كما حصل في بعض المدن ، وهو سلوك يجرمه القانون الجنائي بعبارة تحقير مقررات قضائية . ونفس الدور السلبي يلعبه الإعلام .
أما من جهة ثالثة نلمس تمادي بعض الهيئات المدنية في تقديم شكايات ضد مؤسسات أو أشخاص بدعوى مخالفة النظام العام ، والحال أن صفة التشكي ينبغي ان تكون مقرونة بالتعرض لضرر ، وهذا ما يعني شرط المصلحة القانونية المشروعة ، ناهيك عن عدم توفر تلك الجمعيات على صفة المنفعة العمومية ، كشرط لتملك الحق في مقاضاة المتسببين في الضرر .
هي فعلا أخطاء شائعة تبرر عادة بعدم وجود نظام ديموقراطي أو قضاء نزيه ، الشيء الذي يدفع المواطنين إلى إضفاء صفة الشرعية على تصرفاتهم ويشجعهم على انتحال صفة ضباط الشرطة القضائية والقضاة . وهذا يقتضي من الفعل الحقوقي نشر وتعميم ثقافة حقوق الإنسان إلى جانب التوعية بثقافة الواجب كشق يعزز مطلب المواطنة .
ومن جهة رابعة تتم معاينة حياد السلطة العمومية تجاه حدوث الجريمة وتراكمها ، انطلاقا من مخالفات السير إلى جرائم المس بالحياة والكرامة وانتهاك الحقوق الاجتماعية والثقافية ، إلى جرائم الانتخابات واختلاسات المال العمومي والممتلكات ، ولأن القانون الجنائي لا يستثني أحدا ، فقد حان الوقت لإعادة النظر في منظومة الحصانات ، لأن استراتيجية عدم الإفلات من العقاب تحتاج إلى تدرج في مناهضة ثقافة التسامح السلبي واللاعدالة وكل ما يرتبط بها من تمثلات ، ولتكن البداية بضرورة فصل ممارسة السياسة عن امتهان الإقصاد و مراكمة المال وعن الدين وكل أشكال ممارسة المعتقدات ذات الصلة بالطقوس والعبادات ، فالخلط ينتج ليس فقط الفساد والتمييز والوصم والعنصرية والكراهية ولكن يؤبد التسلط والاستبداد .
#مصطفى_المنوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟