|
ليس الريع مستقلا عن الفساد كمظهر للاستبداد
مصطفى المنوزي
الحوار المتمدن-العدد: 5024 - 2015 / 12 / 25 - 15:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا أحد يمكنه أن يقف في صف المدافعين عن الريع في امتداداته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية حتى ولا في خندق المبررين له ولو بالقانون، لكن مادامت هناك « صحوة » أو « نهضة » ، لا يهم من وراءها أو أمامها ، بمناسبة مواجهة « تعويضات وتقاعد » البرلمانيين ، ومادام عدد التوقيعات فاق ، حسب الحقيقة الإعلامية عشرات الآلاف ، فلماذا لا يتم توحيد الجهود هنا وهناك ، وتحت إشراف جمعيات وهيئات « حماية المال العام » ، وتنسيق الإمكانيات للمطالبة بترشيد الانفاق العمومي ، بدءا من مواجهة الإكراميات والهبات والمأذونيات وتوزيع الأراضي / الأملاك العمومية أو تفويتها بأثمان رمزية جدا ، ومواجهة التملص الضريبي أو الإعفاءات الجبائية ، ومناهضة الزبونية في منح الصفقات والاستشهارات وتعويضات الهيئات الاستشارية أو الحكماتية و« دعم » الأحزاب السياسية والجرائد الحزبية وغير الحزبية. وحتى يكون الشعار موحدا والمطالب مؤسسة على سند ، ينبغي تحديد من المخاطب في هذه الحملات والمبادرات ، وإلا سيكون من باب العبث « الانشغلال والاهتمام » بمسائل لا تعدو أن تكون صيحات في وادي التنفيس والاستهلاك الإعلامي ، ليدخل ذلك من باب التحضير « المتوافق عليه » بين ذوي المصالح المشتركة ، لتشكيلة مجلس النواب المقبل ، وسؤال المخاطب من الأهمية بما كان ، وقد نتفق على أن التعويضات المبالغ فيها تتحول ، بالتراكم ، إلى رشوات سياسية دائمة ، لأن الخلفية ليست فقط تحفيز على المشاركة السياسية وانما إغراء وترغيب وتقييد وتطويق للإرادات ، ولأن هذه العمليات تتم بمقتضى تشريعات ، وليس فقط تعليمات ، فالتعليمات تشتغل بتفاعل مع « عروض » و « سخاء » الصناديق السوداء ، وفي أحسن الأحوال مع ما يسمى بالحسابات الخصوصية. يبقى السؤال حول المخاطب جديرا بالعناية ، فمن هو صانع التشريع يا ترى ؟ إن الجواب يكمن في الدستور وفي طريقة تفعيله وفي القوانين التنظيمية ، ويكمن في آخر التحليل في « تصريف وتأويل » معنى « مجال القانون » ، في ظل حكومات متعاقبة تحتكر هندسة مشاريع القوانين ، في حين لا يعد البرلمان سوى غرفة للتسجيل والمصادقة على ما يحال على غرفتيه / مجلسيه ، بعد « غربلة » أو نسج المشاريع في المجلس الحكومي ثم مجلس الوزراء ، بدليل العدد الهزيل لمقترحات القوانين ، بغض النظر عن كون القانون يحبك ويسن في اللجان ، ولا يهم عدد من صادق عليه في الجلسة العامة ، مما يستدعي طرح سؤال أكثر انتجاجية ، حول جدوى المؤسسة التشريعية ، أساسا ، في علاقة واضحة مع تسطير السياسات العمومية و سن السياسة الاستراتيجية / المصيرية العامة و الوطنية ، وفي علاقة مع الهندسة الدستورية وما تتيحه من صلاحيات التأهيل والتقييم والتقويم ، ولأن الفساد منظومة تتنافس على ديمومتها بنيات و تؤسس لها ميكانيزمات هيمنة الخيار الانتخابي ، الذي حول الأحزاب الوطنية والديموقراطية إلى مجرد وكالات انتخابية تعيد انتاج نفسها ، عبر تنخيب الأعيان والوجهاء ، وفي ذلك غنى واستغناء عن واجب اعتماد النخبة الواعية ، من بين أطر وخريجي المعاهد والكليات الوطنية. لذلك فمواجهة الريع لن يتم سوى من خلال النضال ضد الفساد كإحدى مظاهر ولبنات الاستبداد ، وهذا من بين أدوار الأحزاب السياسية ، فهل هذه الأخيرة مؤهلة « لكي تغير ما بقوم » دون أن تغير ما بنفسها ؟ وكيف والحالة هاته ستكون المراهنة على تغيير القشور دون الألباب ؟ ولماذا ، بالضبط ، يتم تضخيم انتظارات المواطنين ، عشية المحطات والاستحقاقات ؟ ألا يخشى ، من خلال هذه « المبادرات » الفوقية والحماسية والإعلامية ، التطبيع مع الفساد ، بعزله عزله وفصله عن والدته وبيئته ، أي بنية التسلط والاستبداد ؟ أيننا من مطلب دمقرطة المؤسسات والمبادرات ؟ وما قيمة التضحيات و الكلفة السياسية إذا كان لابد لنا من الانصياع مع معارك ليست من صلب اهتمانا الصميم ولا هي محدد كأولوية في جدول أعمالنا الوطني ؟ أين نحن من الحرب الوجودية التي تخاض ضد صناديق المقاصة والتقاعد والتكافل وكل ضمانات العيش الكريم والمسؤولية الاجتماعية الواجبة والمكتسبات ؟
#مصطفى_المنوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مات المخزن ولم يمت المفهوم والتمثلات
-
البعد الحقوقي والديموقراطي وتحديات مقاومة زمن الإرهاب
-
من أجل أنسنة العلاقة بالاتصال والحوار
-
من أجل ربط الحق في التنمية بالحق في الأمن الإنساني
-
بيان صادر عن سكرتارية شبكة أمان
-
في الحاجة إلى تحيين منهجية النقد الذاتي
-
رسالة إلي كل من يهمهم الأمر
-
الذئبان والثعلب
-
حديث الجمعة 01
-
الآن فقط فهمت
-
تحصين السيادة الحزبية مدخل لدمقرطة التعاقدات السياسية
-
حديث الجمعة
-
لماذا أنا ضد المطالبة بالمنع؟
المزيد.....
-
بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ
...
-
مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
-
شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
-
-عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
-
من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك
...
-
فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو
...
-
نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت
...
-
ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله
...
-
مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا
...
-
حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ الكاتيو
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|