|
لا خيار ثالث دون ثورة فكرية ثالثة
مصطفى المنوزي
الحوار المتمدن-العدد: 5028 - 2015 / 12 / 29 - 16:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد تم انهاك الأحزاب الجادة وأخرى تقادمت مشاريعها المجتمعية بشيخوخة نخبها وحامليها وثالثة لا تنطق إلا عن هوى السلطة العمومية ، والعهد الجديد الذي انطلق بنفس المفهوم الجديد للسلطة لم يواكب وعوده بالتنفيذ لخلل في تفعيل المفهوم الجديد للعدل ، والإنقلاب على شرعية التناوب حال دون استيعاب أهمية الإصلاح وجبر الأضرار التي تسبب فيها العهد البائد ، وأعاق كل محاولات تمثل جدوى طي صفحة الماضي بسلوك تدابير وضمانات عدم التكرار كمعامل مكسب للشرعية الحقوقية التي يفترض أنها ستميز النظام السياسي الفتي عن مدعي تبني الشرعية الدينية والإجتماعية ، ليصير الخلل في عدم تأهيل النخبة وتجديد دمائها و أنفاسها التي أعياها الزمن السياسي البطيء النجاعة والفعالية والمردودية ، وليس التيه الحاصل سوى نزلة برد عابرة تحولت مع التراكم الى مرض عضال ينخر الدولة والمجتمع معا ، وصار معه الحراك السياسي والإجتماعي يمارس بعقلية صراع الديكة ، ولو تمعنا جميعا لوجدنا أن الخاسر الأكبر هو الوطن الذي أمعن الخارج وعملائه من اللوبيات المصالحية في تشويه مصداقيته وإعدام كرامته والنيل من سيادته ، فهل صحيح أن للبيت المغربي رب يحميه ؟ فلنتمعن جيدا المشهد السياسي ، فالحزب الذي أنيط به مهمة امتصاص الغضب الفبرايري ونقمة المجتمع المتراكمة ، تجاوز حدود الدور ، ليس باستعمال المرتجلات ، كما يحصل على الركح المسرحي ، ولكن بالتخطيط الجيد والاستباقي ، فحزبيوها القياديون يحكمون من خارج الحكومة ، باسم الدولة المتماهية مع الدين ، وباستعمال قاعدة الإله الروماني جانوس ( janus) التهكم المتماهي مع السخرية الحادة وكذا التجهم والعنف اللفظي الذي تفرضه مقتضيات سلطة رجال الدين ، فالحقوق والحريات لن تتأتى إلا على يدهم « الطاهرة » ، ولكن الأنكى أن الفكر التقدمي المفترض فيه الاشتغال على هذه الحالة التي يبدو أنها ارهاصات لتكرار تجارب سابقة ، كما جرى في حكومة التاوب وقبلها في حكومة عبد الله ابراهيم ، لا يحاول تجديد التحليل وبالتخلي عن مسلمة « ذكاء » النظام المنتج لفوائض المكر والتسلط والتحكم بحكم طبيعته « المخزنية » المتوارثة ، لذلك نلاحظ انبثاق نزعة سياسوية تختزل السياسة في أهمية الانصياع لمنطق « الخيار الثالث » قياسا على منظومة « العالم الثالث » والتي أظهر الزمان أنها مجرد أكذوبة لتنظيم التنافس وعملية الاستقطاب / التقاطب ، ليس إلا ، من هنا لابد من الوعي أن الخيار المزعوم مفخخ مادام قطبا الصراع المزعوم ، يكمن بين وجهين لعملة واحدة ، فكلا الطرفين أصولي حتى النخاع ، وبالتالي فأحلاهما مر ومضر ، مما يستدعي خوض الصراع اجتماعيا وثقافيا ، وعوض الانضمام إلى قطب ما ، هكذا ، ينبغي فرض الإلحاق والاستقطاب ، فهل تتوفر أحزابنا على نخبة تجدد الفكر الدي ينبغي أن يقود السياسة ؟ وعلى مستوى الممارسة السياسية ، هل تم استنفاذ كل الامكانيات القانونية والدستورية المتاحة للتقييم والمحاسبة والتقويم ؟ وكم من الأحزاب الديموقراطية يؤمن بالنضال من داخل المؤسسات أو من داخل الشرعية القائمة ؟ وحتى تلك التي تمارس السياسة بقناع حقوقي ، كم منها يعتقد بأهمية مسار العدالة الانتقالية الذي سجل اعتراف النظام السياسي بأخطائه ومسؤولياته تجاه فظاعات الماضي الأسود ؟ لقد أتيحت فرصة الحراك الفبرايري لممارسة خيار ثالث حقيقي مقدماته فكرية ودينامياته الوسيطة تشريعية ومؤسساتية ، من شأنها هيكلة الحلم وتحريره من الطوباوية المبالغ فيها ، لقد اختار العهد الجديد المفهوم الجديد للسلطة ، ولم تبادر الأحزاب السياسية على تمثل هذا المطلب ، وذلك بتأطيره بالمفهوم الجديد للعدل ، فالدولة طبقية والصراعات ستظل اجتماعية بأفق ديموقراطي واضح ، وهنا لابد من التأكيد على أن ما يسمى بيساريي اليوم ، لا زالوا يتصرفون وكأنهم طلبة وشباب ، والحال أن المواقع تغيرت والمصالح تغيرت بالضرورة ، وبحكم هذه المستجدات فالأدوار تغيرت ، وبغض النظر عن ضرورة استحضار انهيار قيم المنظومة الاشتراكية ، بعد سقوط جدار برلين ، فإنه حان الوقت لإعادة النظر في أهمية تحصين اللبرالية من التوحش الذي يطوقها ، وضرورة رد الاعتبار لمفهوم الوطنية الذي لا يمكن اختزاه في مجرد المقاومة والاحتجاج ، خاصة وأن أكبر معرقل للتنمية هو التسلط ، الذي سببه تعايش أنماط الإنتاج ، حيث يهيمن الفكر التقليداني المنتج للاستبداد ، والذي يحتكر السلطة بواسطة تحالف طبقي ، شكله رأسمالي عقاري ورأسماي زراعي ، لكن في جوهره فلول اقطاع ، منطلقه الريع وهدفه الربح ، فألم يحن وقت نهوض الطبقات الوسطى في زمن ما أحوجنا فيه لرد الاعتبار للبرالية الوطنية ، نعم اللبرالية الصريحة ، عوض التخفي وراء المنظومة والمقاربة الحقوقية ، أو قناع النهضة والصحوة ؟ فليست المواطنة مجردة عن الخيار اللبرالي ، مادام الخيار الثالث سيكون قدري وشرط للشقاء التكتيكي من أجل البقاء الاستراتيجي بنفحة مصيرية و وجودية ، وهذا من شأنه أن يشجع عملية الاستقطاب والتقاطب الموضوعي ، دون السقوط في أحضان هذه الجهة أو تلك ، خاصة وأنه من مصلحة الرأسماليين المتوسطين والصغار ، الذين يعتمدون مفهوم المقاولة المواطنة ويتمثلون المسؤولية الاجتماعية ، مناهضة التوحش والتبعية والاحتكار المعولم ، مع الإشارة إلى أن النظام السياسي يبحث عن مخارج ، ولكن فوبيا التحديث تترادف لديه بمعنى التمويت ،
#مصطفى_المنوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليس الريع مستقلا عن الفساد كمظهر للاستبداد
-
مات المخزن ولم يمت المفهوم والتمثلات
-
البعد الحقوقي والديموقراطي وتحديات مقاومة زمن الإرهاب
-
من أجل أنسنة العلاقة بالاتصال والحوار
-
من أجل ربط الحق في التنمية بالحق في الأمن الإنساني
-
بيان صادر عن سكرتارية شبكة أمان
-
في الحاجة إلى تحيين منهجية النقد الذاتي
-
رسالة إلي كل من يهمهم الأمر
-
الذئبان والثعلب
-
حديث الجمعة 01
-
الآن فقط فهمت
-
تحصين السيادة الحزبية مدخل لدمقرطة التعاقدات السياسية
-
حديث الجمعة
-
لماذا أنا ضد المطالبة بالمنع؟
المزيد.....
-
فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا
...
-
أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
-
مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
-
المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
-
زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه
...
-
تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو
...
-
-نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA
...
-
مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
-
الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|