أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى المنوزي - بين أسلمة الدولة وتسليع الحقوق: المعضلة المغربية عشية التحول المعاق














المزيد.....

بين أسلمة الدولة وتسليع الحقوق: المعضلة المغربية عشية التحول المعاق


مصطفى المنوزي

الحوار المتمدن-العدد: 8468 - 2025 / 9 / 17 - 00:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بحكم قانون الطبيعة الإنتخابية ومواثيق التسويق غير التناوبي للسلطة ؛ يعيش المغرب منذ عقدين على الأقل في قلب معادلة صعبة:
فمن جهة، ظهر تيار يسعى إلى أسلمة الدولة وأدلجة الهوية، سواء من خلال الحركات الإسلامية الدعوية أو عبر قنوات المشاركة الحزبية والمؤسساتية. وقد أدى هذا التوجه إلى احتكار المجال الرمزي والديني، ومحاولة فرض قراءة وحيدة للإسلام المغربي، رغم أن تاريخه كان قائمًا على التعدد والانفتاح والمرونة. هنا يصبح الخطر ماثلًا في تحويل الدين من مرجعية قيمية إلى مشروع أيديولوجي يحد من التعددية السياسية والثقافية.
ومن جهة أخرى، يتقدم مشروع تسليع الحقوق وتقييد الحرية في ظل السياسات النيوليبرالية التي اعتمدها المغرب منذ الثمانينيات، وتعمقت مع اتفاقيات التبادل الحر وخوصصة القطاعات الاستراتيجية. تحولت الحقوق الاجتماعية (التعليم، الصحة، السكن) إلى خدمات ربحية ، وبرزت فجوة طبقية حادة غذّت الإقصاء الاجتماعي، بينما صار خطاب "الحرية" يُختزل في واجهات انتخابية أو استهلاكية، لا في مشاركة شعبية حقيقية.
بهذا المعنى، يجد المواطن المغربي نفسه محاصرًا بين:
مطرقة الشمولية الدينية التي تريد إخضاع الدولة لمنطق "الفرقة الناجية". وسندان الهيمنة المالية التي تريد إخضاع المجتمع لمنطق السوق.
لكن التجربة المغربية أثبتت أن : لا الإسلام السياسي استطاع أن يحقق مشروعه، ولا النيوليبرالية أنتجت عدالة اجتماعية مستدامة. كلاهما أدّى إلى أزمة ثقة عميقة في السياسة، وفتح الباب أمام سرديات اللاجدوى واللامعنى.
إذن، ما البديل؟
نحو طريق ثالث: العدالة الانتقالية التوقعية
الحاجة الملحة في المغرب ليست الاختيار بين "من يؤسلم الدولة" و"من يسلّع الحقوق"، بل صياغة مشروع مدني-حقوقي جديد، يقوم على:
1. تحرير الهوية من الأدلجة: عبر استعادة التراكم التاريخي للهوية المغربية القائمة على التعدد (الأمازيغية، العربية، الإسلامية، الأندلسية، الإفريقية…) وإدماجه في مشروع وطني جامع.
2. تحرير الحقوق من التسليع: عبر تثمين المكتسبات الدستورية (2011) وربطها بعدالة اجتماعية فعلية، لا بوعود انتخابية عابرة. أي جعل الحقوق أساس التوزيع المنصف للثروة، لا مجرد امتيازات مسعّرة في السوق.
3. تأهيل السياسة عبر التشاركية: الانتقال من لعبة "التوازنات الأمنية والمالية" إلى ديمقراطية حقيقية تستوعب كل المقاربات، وتبني الثقة بين الدولة والمجتمع.
4. إرساء ذاكرة حقوقية مشتركة: باعتبارها أساس العدالة الانتقالية التوقعية، حيث يتم استيعاب دروس الماضي لتفادي إعادة إنتاج الصراع بين المقدس والمسلّع.
وكخلاصة فالرهان المغربي اليوم ليس "الاختيار" بين الإسلام السياسي والنيوليبرالية المالية، بل رفض منطق الاختيار الزائف أصلًا. المطلوب هو إبداع طريق ثالث يستعيد للسياسة معناها، وللحقوق جوهرها، وللهوية تعدديتها، ضمن أفق تشاركي نقدي.
ذلك هو جوهر التفكير النقدي التوقعي: استباق التحولات لا عبر الارتماء في حضن "اليقين الديني" أو "اليقين السوقي"، بل عبر عقلنة الفهم، وتحرير المعنى، وصناعة البدائل.
عن سردية "تامغريبيت": من التعدد إلى الاستلاب والتشويش على الإختيار
في قلب هذا الجدل المغربي، برزت في السنوات الأخيرة حملة باسم "تامغريبيت"، تُسوَّق كهوية جامعة للمغاربة. في ظاهرها دعوة للاعتزاز بالانتماء الوطني وتثمين مقومات الأصالة والتعدد، لكنها في العمق تميل إلى أن تتحول إلى أداة أيديولوجية لتأميم الوجدان الجماعي.
إشكالية هذه الحملة أنها تذهب أبعد من مجرد بناء هوية وطنية جامعة، إذ تحاول ــ ضمنيًا ــ تحويل المغاربة إلى موناركيين "أكثر من الملك نفسه"، أي فرض ولاء رمزي مضاعف يتجاوز حتى مفهوم المواطنة الدستورية. وهنا يظهر خطران اثنان:
1. خطر التقديس السياسي: إذ يُختزل الوطن في سردية رسمية واحدة، تُحجب خلفها كل الهويات الفرعية والتعبيرات النقدية، ويُعاد إنتاج منطق "الطاعة الرمزية" بدل "المواطنة التشاركية".
2. خطر التسليع الرمزي: حيث تتحول الهوية المغربية من رصيد متنوع إلى شعار قابل للتسويق في الحملات الإعلامية، مثلما تُسوَّق السلع، في حين يتم إفراغها من محتواها التاريخي والنقدي.
إن "تامغريبيت" بهذا المعنى تقع في تقاطع خطير بين منطق "أسلمة الدولة" ومنطق "تسليع الحقوق":
فهي تشبه الأولى في نزعتها إلى احتكار تعريف الهوية وإقصاء الاختلاف.؛ وتشبه الثانية في تحويل الانتماء إلى منتوج رمزي قابل للاستهلاك والتوظيف الدعائي ، لكن المغرب لا يحتاج إلى هوية رسمية مفروضة من فوق، بل إلى هوية حية تُبنى من تحت، عبر الاعتراف بالتعدد اللغوي والثقافي والسياسي، وعبر إشراك المواطنين في صياغة سرديتهم الوطنية.
فحذار من تشويه الهوية الجدلية بتسويد المستقبل والمالية أو بتبييض ماض كان أسوء من سنوات الجمر ؛ فليس هكذا نؤسس للانتقال المنشود !



#مصطفى_المنوزي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغتراب النخبة داخل الأطر الحزبية والمؤسساتية وظاهرة الانفصال ...
- من أجل تجنيب الوطن معوقات البناء الديموقراطي
- في نقد علاقة السياسة بالدين وعلاقة النقد بالسياسة
- المجتمع يواجه السيبة بالتسيب والدولة تبرر الوضع ب « الجمهور ...
- دعوة إلى تنظيم حملة دولية من أجل الحق في معرفة الحقيقة واحتر ...
- تضامنا مع فاضحي الفساد أناشد نزاهة القضاء وعقلانية التعبير .
- مامفاكينش مع الحق في معرفة الحقيقة ( خاطرة على هامش زيارة فر ...
- التقدمية بين التراخي الثقافي وفوبيا الانقراض
- بين خيار التحديث وخيار الدمقرطة
- موسم الهجرة التنموية المضادة
- كفى عبثا واستهتارا ولنتسلح بمزيد من اليقظة والعزيمة لمقاومة ...
- من له مصلحة في إجهاض مطلب الدولة الوطنية الديموقراطية ؟
- همهمات عشق لوطن ينعم بالاستقلال الثاني
- حملة شبكة أمان لجمع التوقيعات لمراسلة ملوك ورؤساء شمال افريق ...
- حملة لجمع التوقيعات لمراسلة ملوك ورؤساء شمال افريقيا ولشرق ا ...
- ذكاء الدولة ليس بالضرورة اجتماعيا
- لا خيار ثالث دون ثورة فكرية ثالثة
- ليس الريع مستقلا عن الفساد كمظهر للاستبداد
- مات المخزن ولم يمت المفهوم والتمثلات
- البعد الحقوقي والديموقراطي وتحديات مقاومة زمن الإرهاب


المزيد.....




- سوريا.. اعتماد -خارطة طريق حل أزمة السويداء- برعاية الأردن و ...
- نتنياهو يعلن موعد أول لقاء مع ترامب بعد ضربة الدوحة.. وينتقد ...
- -غير مقبولة- - غوتيريش يدين حرب غزة ويعلن استعداده للقاء نتن ...
- تشاد: إقرار تعديلات دستورية تتيح لرئيس البلاد الاستمرار في م ...
- مصر - ليبيا: رئيس أركان الجيش المصري يبحث مع الفريق أول خالد ...
- يوروفيجن تُمهل إسرائيل: انسحاب طوعي أم مشاركة بلا علم؟
- 16 دولة توجه نداء مشتركا من أجل سلامة -أسطول الصمود-
- بوتين بالزي العسكري خلال متابعته مناورات ضخمة مع بيلاروسيا
- الدوحة ولبنان في مواجهة نتنياهو
- أطباء السودان: -الدعم السريع- تقتل 18 شخصا وتختطف 14 بالفاشر ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى المنوزي - بين أسلمة الدولة وتسليع الحقوق: المعضلة المغربية عشية التحول المعاق