أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى المنوزي - الحق الذي يراد به باطل: ذرائع إقصاء الحوار والنقد داخل الأحزاب














المزيد.....

الحق الذي يراد به باطل: ذرائع إقصاء الحوار والنقد داخل الأحزاب


مصطفى المنوزي

الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 18:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


في المشهد الحزبي الراهن، تتكرر لازمتان تُستعملان كلما طُرحت أسئلة المساءلة أو فُتحت أبواب النقد الداخلي:
الأولى تزعم أن الشؤون الحزبية "مسألة داخلية" لا تخص إلا المنخرطين وأصحاب الاشتراكات، والثانية تُشيع أن الجموع العامة والمؤتمرات "سيدة نفسها"، تفعل ما تشاء بمن حضر وبالنصاب القانوني، لكن وراء هذين الادعاءين، يكمن حق يراد به باطل، وخطاب يسعى إلى شرعنة الانغلاق باسم السيادة وتدجين النقد باسم التنظيم.
أولًا: من استقلالية القرار إلى خصخصة السياسة
حين يُقال إن الشأن الحزبي "داخلي"، يُراد بذلك ظاهريًا حماية استقلال القرار عن التدخلات الخارجية، غير أن الممارسة الفعلية تجعل من هذا المبدأ ستارًا لاحتكار القرار وتكميم النقاش.
يتحول الحزب إلى نظام مغلق، أشبه بشركة أو عائلة تنظيمية، حيث الولاء شرط للانتماء، والمساءلة تُعد نوعًا من الخيانة.
هكذا تُختزل السياسة في دائرة "العضوية" بدل أن تكون فعلًا عموميًا مفتوحًا على المجتمع، أي على المواطنين الذين يُفترض أن الحزب يمثلهم. إنها صورة من خصخصة السياسة: تحويل الفضاء الحزبي من وسيط ديمقراطي إلى بنية بيروقراطية تنغلق على ذاتها وتعيش على شرعيتها الداخلية فقط.
ثانيًا: سيادة المؤتمرات بين الشكل والجوهر
أما الذريعة الثانية، القائلة إن "المؤتمرات سيدة نفسها"، فتبدو من حيث الظاهر تجسيدًا للديمقراطية الداخلية. غير أن هذه السيادة كثيرًا ما تُختزل إلى إجراء شكلي يهدف إلى تزكية قرارات معدّة سلفًا؛ فالنصاب القانوني لا يعني بالضرورة النصاب الديمقراطي، والمصادقة لا تعني دومًا الاختيار الحر ، لأن المؤتمرات التي تُدار بمن حضر، وبتقنيات "التحكم اللين"، لا تمثل سيادة القواعد بل خضوعها المنظم ، فيها تُسلب القواعد حقها في المعلومة والنقاش، وتُختزل إرادتها في تصفيق جماعي يُمنح غطاءً قانونيًا وشرعية شكلية.
ثالثًا: في جوهر المفارقة والمسؤولية المشتركة
صحيح أن بعض هذا "الحق" الذي يراد به باطل قد يصدق، في بعض تجلياته، على السلطة العمومية ذاتها، كما يصدق على بعض الذين انشطروا عن الحزب وشكّلوا أحزابًا أو تيارات مستقلة وتحولوا إلى خصوم من خارجه.
فالمسؤولية هنا مركّبة ومتبادلة: إذ لا يمكن تبرئة أحد من المساهمة في إنتاج الفراغ التنظيمي والفكري الذي سمح بانغلاق الحزب وتآكل حيويته ، فقد تمّ ترك مساحات كاملة من الحضور العمومي والسياسي بدون حراسة فكرية أو نقدية، وجرى تحريف قانون الصراع الداخلي عن مساره الطبيعي في سياق وحدة وصراع المتناقضات الجدلي، حيث كان يفترض أن يؤدي الاختلاف إلى التطور لا إلى الانقسام، وإلى التراكم لا إلى التآكل.
رابعًا: من منطق الاستقطاب إلى منطق الاكتساب
إن المخرج من هذه الحلقة المفرغة لا يمر عبر إعادة إنتاج منطق الاستقطاب الثنائي بين الولاء والمعارضة، أو بين الداخل والخارج، بل عبر الانتقال إلى منطق الاكتساب، أي تحويل التناقض إلى طاقة تعلم متبادل، وتجميع الرأسمال الرمزي والمعرفي بدل تبديده ؛ إن مقاربة الاكتساب بدل الاستقطاب تُمكّن من استعادة الحزب كفضاء للتعدد لا ساحة لتصفية الحسابات، وكمدرسة لتكوين الفاعلين لا لتقنين الولاءات ، ففي التفكير النقدي التوقعي، الصراع ليس غاية في ذاته، بل وسيلة لبناء وعي جديد يتجاوز الانقسام نحو خلق المعنى المشترك والمسؤولية المشتركة.
خامسًا: نحو استعادة المعنى الديمقراطي
البديل هو إعادة الاعتبار للسيادة التنظيمية كأداة لتمكين القواعد من القرار لا لحماية القيادة من النقد.
فالحزب، في جوهره، فضاء عمومي للتعاقد السياسي بين المواطنين، لا مؤسسة مغلقة تحتكر الحقيقة.
ولا معنى لاستقلالية تنظيمية لا تُترجم إلى شفافية، تداول، ومحاسبة، لأن الديمقراطية ليست مجرد نظام اقتراع، بل ثقافة نقدية ومسؤولية جماعية.
سادسًا: استحضار الذاكرة والإنصاف التنظيمي
وبغضّ النظر عن كل الخلافات الطارئة، لا مناص من استحضار حقوق المؤسسين والمقصيين، ومكاسب الحزب وتاريخه؛ فالحركة السياسية التي تنسى جذورها وتضحيات روادها، تُفرغ ذاتها من الشرعية الرمزية التي تؤسس لوجودها.
إن العدالة التنظيمية لا تنفصل عن الذاكرة النضالية، كما أن الوفاء للمبادئ لا يتحقق بالتمجيد الشعاراتي، بل بمراجعة نقدية تُنصف الماضي لتؤهل المستقبل ، ومن هذا المنظور، يصبح التفكير النقدي التوقّعي ضرورة أخلاقية وسياسية، لا لمجرد إصلاح التنظيم، بل لتحرير المعنى وتجديد الفعل السياسي في زمن اللامعنى.



#مصطفى_المنوزي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في تفاعل الحرية والهوية، ومن أجل توليف منتج بين الصمود والار ...
- جيل زد والفكرة الإتحادية : من نفي النفي إلى الخلاص التوقعي
- جيل زد 212 بين خيار التسييس العفوي وبرنامج وطني للشباب
- التيه السياسي بين الفيزياء والكيمياء: الدولة كمطبخ أم كمختبر ...
- بين أسلمة الدولة وتسليع الحقوق: المعضلة المغربية عشية التحول ...
- اغتراب النخبة داخل الأطر الحزبية والمؤسساتية وظاهرة الانفصال ...
- من أجل تجنيب الوطن معوقات البناء الديموقراطي
- في نقد علاقة السياسة بالدين وعلاقة النقد بالسياسة
- المجتمع يواجه السيبة بالتسيب والدولة تبرر الوضع ب « الجمهور ...
- دعوة إلى تنظيم حملة دولية من أجل الحق في معرفة الحقيقة واحتر ...
- تضامنا مع فاضحي الفساد أناشد نزاهة القضاء وعقلانية التعبير .
- مامفاكينش مع الحق في معرفة الحقيقة ( خاطرة على هامش زيارة فر ...
- التقدمية بين التراخي الثقافي وفوبيا الانقراض
- بين خيار التحديث وخيار الدمقرطة
- موسم الهجرة التنموية المضادة
- كفى عبثا واستهتارا ولنتسلح بمزيد من اليقظة والعزيمة لمقاومة ...
- من له مصلحة في إجهاض مطلب الدولة الوطنية الديموقراطية ؟
- همهمات عشق لوطن ينعم بالاستقلال الثاني
- حملة شبكة أمان لجمع التوقيعات لمراسلة ملوك ورؤساء شمال افريق ...
- حملة لجمع التوقيعات لمراسلة ملوك ورؤساء شمال افريقيا ولشرق ا ...


المزيد.....




- رغم نجاح صفقات ترامب الشخصية في الشرق الأوسط.. إلا أنها لن ت ...
- -شكرًا لإعادتها في تابوت-.. عائلات الرهائن القتلى تنتقد نتني ...
- ماذا تعرف عن القرية المصرية الصغيرة التي تنتج أكثر من نصف يا ...
- وزير الداخلية الفرنسي الجديد لوران نونيز ينوي -استئناف الحوا ...
- هل اتفقت قسد مع الحكومة السورية على طريقة الاندماج؟
- مرشحة عراقية تثير الجدل بمنشور ضد برشلونة ووعد بتزويج مشجعي ...
- أشياء لم تكن تعرفها عن تطبيق الملاحظات في -آيفون-
- إيران تعدم شخصا بتهمة التجسس لصالح إسرائيل
- باكستان وأفغانستان تؤكدان على دور قطر وتركيا لتثبيت وقف التص ...
- غارديان: أطفال غزة بحاجة للغذاء والدواء ونوم دون خوف


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى المنوزي - الحق الذي يراد به باطل: ذرائع إقصاء الحوار والنقد داخل الأحزاب