مصطفى المنوزي
الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 00:14
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
في ظل الصدامات والتوترات و التحولات الجارية، يلاحظ أنّ ثمة جهات بعينها، وربما تيارًا من داخل دينامية الجيل نفسه، تحاول تحويل موجة الاحتجاج إلى قاعدة انتخابية تحسبًا للاستحقاقات المقبلة. الفكرة في ذاتها قد تبدو مغرية، غير أنّها لم تُحسب بعناية من حيث الكلفة والعواقب. ذلك أنّ بناء التمثيلية لا يمكن أن يتمّ اختزاله في تسريع خلق حاضنة انتخابية، بل يفترض التفكير في البنية السياسية برمّتها، التي تعاني أصلًا من انسداد وضيق في قنوات المشاركة.
الأجدر، في هذا السياق، أن يتم التفكير في خيار المشاركة السياسية كأفقٍ لتفكيك الحصار المضروب على المجال العمومي، وإعادة تأهيله على نحو نوعي. صحيح أن هناك نفورًا معلنًا من الأحزاب والعمل السياسي الكلاسيكي، لكن السياسة لا تختزل في الحزبية وحدها، بل تُمارَس عبر مسالك متعددة: العمل الجماعي والترابي، البرلمان، العرائض، المبادرات التشريعية، وأيضًا من خلال قنوات الديمقراطية التشاركية التي يضمنها الدستور.
ومن ثمة، فإنّ المناسبة شرط: لقد آن الأوان لتنصيب المجلس الاستشاري المخصص لقضايا الشباب والعمل الجمعوي، كما نصّ على ذلك الدستور، حتى لا يبقى الملف رهين الانتظار أو التأجيل. إنّ الأمر يشكل فرصة مزدوجة: من جهة، لتأطير المطالب الجديدة داخل فضاء مؤسسي؛ ومن جهة ثانية، لإدماج قضايا الجهات المحيطية – حتى لا نقول الهامشية – وعلى رأسها ملف الريف، بما يحمله من أبعاد حقوقية وتنموية لازالت تنتظر أجوبة شجاعة.
غير أنّ المخاطر الحقيقية لا تكمن فقط في محاولات بعض الجهات الركوب على موجة الاحتجاج الشبابي، بل في نزعة "التسليع الانتخابي" التي قد تُحوِّل مطالب الجيل إلى مجرد شعارات موسمية تُستعمل لتزيين الحملات، ثم تُنسى بعد فرز الأصوات. هذا المنطق لا يضرّ بشرعية الحركة الشبابية وحدها، بل يضاعف أيضًا من أزمة الثقة التي تطبع العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين الأجيال الجديدة ومؤسسات التمثيل.
في المقابل، يمكن تحويل هذه اللحظة إلى رافعة إيجابية، إذا ما جرى استثمارها في بلورة برنامج وطني للشباب، يستند إلى رؤية متكاملة تربط بين الحق في الصحة والتعليم والشغل، وبين آليات المشاركة السياسية والثقافية والإعلامية. برنامج من هذا القبيل سيُعيد الاعتبار لطاقات الأجيال الصاعدة، وسيوفر لها إطارًا مؤسساتيًا يوازن بين المطالب الفورية والرهانات الاستراتيجية، بدل تركها عرضة للتفكيك أو التوظيف . هذا مع كل التحفظات لأن السلطة العمومية لن تعترف رسميا بشباب التيار ولا بتحركاتها وتدفع بسياسيها وموظفيها لفتح قنوات التعارف ثم المحادثات بوساطات( مؤسساتية ) حقوقية ؛ ، ولنتوخى نفسا لدى الشباب وروح التواصل لدى مخاطَبيهم .
#مصطفى_المنوزي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟