أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (صَقيعُ الغِيابِ والغُربةِ: مَعزوفةٌ مُنفَرِدَة)














المزيد.....

(صَقيعُ الغِيابِ والغُربةِ: مَعزوفةٌ مُنفَرِدَة)


سعد محمد مهدي غلام

الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 15:42
المحور: الادب والفن
    


إنِّي أَشتاقُ إلى الكائِناتِ البَشَرِيَّةِ وأَبحثُ عنهم،
وَلَكِنَّني دائمًا أَجِدُ نَفسي فَقَط،
مَعَ أَنَّني لَم أَشتَقْ إلى نَفسي.
«نيتشه»

في الرِّواقِ المُضَلَّعِ الدّاخِلِيِّ لِلعَرشِ
صَقيعٌ يُغطِّي الشَّبابيكَ
المُصَفَّحَةَ الزَّرقاء
التي بانْتِظامٍ تَسفَحُ هَديرَ جَلاميدَ تَقاطرَ اصطِفاقِها
ضَربًا على الرُّؤوسِ مِن عُلٍ،
أينَ المُوسيقى؟
الشَّمسُ نائِيَةٌ جِدًّا نَراها لا نَشُمُّها
عافَتْنا في ثَلّاجَةِ القُطبِ نَذرِفُ دُموعَنا
شُموعَ حربٍ أقبِيَةٍ مُصمَتَةٍ
غيرَ مُبالِيَةٍ بالموتِ،
والقَنابِلِ والوِلادَةِ،
أينَ المُوسيقى؟
مَهابطُ الفَراغِ وراءَ السُّورِ
مُعمَّدَةٌ بِقِرميدِ نَغَمِ جَبَلِ جَليدٍ،
وتَكَسُّرِ البُلورِ،
وعُواءِ شَفَقِ القُطبِ،
مُوسيقى...

رائِحَةُ نَفادِ صَبرِ الوَقتِ
يَرشُقُها قَنبوسُ حَضرموتَ
رَقشُ نَثيثِ رَذاذِ سُعالِ
مَداخِنِ صَنعاءَ
تُزَوِّقُ ملامِحَ السَّماءِ بالنِّيلِجِ،
وأوراقُ خَريفِ القاتِ
نِيلِجُ مُتساقِطاتِها
بِنُحولٍ يُعمِي صُفرَتَها الناشِفَةِ، مُوسيقى...

وَشوْشَتْ كَمَنْجاتُ النُّورِ البازِغَةُ
زَفيرُ زَخّاتٍ مُشبَعَةٍ بِبُخورِ رَبابةٍ تَسكَرُ بَدَوِيًّا مُتَنقِّلًا
كَالحكايا العَفَويَّةِ الزَّهيدةِ
تُهَدْهِدُ نَغاءَ
طِفلِ مَهدٍ مُزهِرٍ،
مُوسيقى...

غُبارٌ يَهُبُّ مِن مُندَرَساتٍ
يَحمِلُ وَبَرَ السَّعالي،
وأختامًا أُسطوانِيَّةً
مُبَلَّلَةً بِوَدَقِ (أبا طَريبیشة)، مُوسيقى...

دِفءُ جَمرِ كانونٍ مُستَعِرٍ
مَلءَ مِدفأةِ كوخٍ خَشَبِيٍّ ريفيٍّ
في غابةٍ مُجاوِرَةٍ
مُخبّأٍ بينَ الصَّنوبرِ
والتُّنوبِ تَحتَ بُركانٍ:
بومبي الخامدِ،
مُوسيقى...

أصداءٌ تَناهَتْ مِن حانَةِ الوَرّاقينَ غيرِ الخامِلَةِ
المُكتظَّةِ بِسُكارى يَتطايرُ مِنهُم دُخانُ الشِّعرِ العَبثيِّ،
وأُغنياتٌ شَعثاءُ فاجِرَةٌ
ليست بالجوارِ،
بَل بعيدةٌ تَصدَحُ تَراجِيعُها
صَفاءً مَسموعًا،
مُوسيقى...

ألسِنَةُ لَهَبِ مُنقَلَةِ بيتٍ جَبَلِيٍّ يُطَقطِقُ فيها البُلوطُ،
مُوسيقى...

فَحيحُ عَنسِ الهَمسِ
لا يُفارِقُنا،
يُداعِبُنا يَأخُذُنا عُنفَةً،
يَرتَديني سُفوحًا،
صَحارى،
أقيانُسًا صاخِبًا غيرَ مَطرُوقٍ،
مُوسيقى...

نَكونُ أَقحوانَةً سوداءَ يَتَساقَطُ فوقَنا جَوزُ الوادي،
مُوسيقى...

نَكونُ نَعامَةً مَنزوعةَ الرِّيشِ يُطارِدُنا صَعلوكٌ حافٍ
في الصَّحراءِ،
مُوسيقى...

نَكونُ زورقًا شِراعِيًّا فَقَدَ الدُّفّةَ تَصُدُّه الأمطارُ
وسطَ يَمٍّ هائجٍ،
مُوسيقى...

ونحنُ الياسَمينَ في خُصَلاتِ
شَعرِ صبايا نُطارِدُهُنَّ كالفَراشِ
نَصطادُ النهارَ دَبوسًا
لِنَعقِصَ صَهباءَ جَدائلِهِنَّ بهِ نَجدِلُ أراجيحًا،
وأسرَّةً لنا،
ولَهُنَّ،
مُوسيقى...

مِن أقباسِ أشعّةٍ كَونيّةٍ لازورديّةٍ نَسرِقُ مساءً
حَريريًّا يَكفُرُ لَألأَةَ قُبلاتِنا،
مُوسيقى...

نَرجِعُ يومًا عندما تأتي إلى جُيوبِنا الأحلامُ قالَ واحدٌ للآخَرِ عندما يَحِلُّ وقتُ الفِراقِ،
مُوسيقى...

إبَرُ الصَّبارِ في قلوبِ المَحرومينَ مِن الحُبِّ تُزرَعُ على جُفونِنا،
مُوسيقى...

ذِئبٌ قُطبيٌّ هذا العشقُ قالَ لي في المنامِ طَيفٌ يَروي ما فَحتْ أُنوثةُ الثَّلجِ فاتَّبِعْ أصابعَك أوصاني،
مُوسيقى...

ظِلُّك يَحثو غُبارَ جِريانِك،
ويَكُبُّك في الظُّلْمَةِ على وَجهِك حَصيدَ رُكنِ المَحوِ أشارَ لي ظِلّي،
مُوسيقى...

تآكَلَتْ خُطواتي أَتَّكِئُ على مَوجةِ أَرَقي مَسحتُ عَرَقي بِمِنديلٍ أُفقيٍّ نَقَّبتُ جَبَلَ العَتمةِ لِيَمُرَّ النورُ،
مُوسيقى...

ربّما يُبدِّلُ سَردِيّةَ قَدَري حَرفٌ حَفَرتُهُ بِدَمي فوقَ صفحةِ بَرْكةٍ
مائجةٍ تَعُجُّ بالبَجعِ الأسودِ، والأبيضِ — كَروزَا باركس — وقد غَيَّرتْ مَجرى التاريخِ بِمقعدٍ،
مُوسيقى...

وها أنا أَتَشبَّثُ حتى النفسِ الأخيرِ بِرُكوبِ هَجعةِ رُكني،
مُوسيقى...

حَبّاتُ الشَّوقِ تَموتُ لِتَملأَ صدري سَنابلَ حُبٍّ مُوسيقى أنامِلِ
ضَوءِ مُخَيِّلتي
تَغزِلُ حَبّاتِ مَطرٍ مالِحٍ تُرقِّشُ قَوسَ قُزحٍ ألوانَ مَوشورٍ هَرَمٍ
تُشكِّلُ مِنّي،
وأضلاعَ الجِهاتِ الستِّ،
وقد فَرَّعتْ أهدابُ أنفاسي،
مُوسيقى...

تُظلِّلُني زَقزَقَةٌ تَنطَلِقُ
مِن المفارقِ تَناصَتِ
العصافيرُ فيها حِبالُ أَمَلٍ
تَرنَّحَ هَمُّ النَّسَى،
مُوسيقى...

العُمرُ كلماتٌ في مَعهَدِ الرِّيحِ، والحياةُ على قارِعةِ القَدَرِ
تَبشيرٌ يَنشُرُه صباحٌ مُنتَظَرٌ كصورةِ الأمسِ تُزيحُ خَيالاتِ غَدي
حَزَبَهُ الذِّهنُ فاحتقبتْها يدي،
مُوسيقى...

أُمسِكُ رَسَنَ اللفظِ،
وهو يَجرُّ الهاويةَ لِوادٍ سَكَنَته أزاهيرُ الغُربةِ،
مُوسيقى...

أَرشَدوني إلى وَهجِ النَّشيجِ
يَتَمَرأى بتجاعيدِ حَفرٍ
في حائطِ صورتِك،
مُوسيقى...

«فَلولا المُوسيقى لكانَتِ الحياةُ غَلطَةً» *



#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (تأبَّطَ البريكانُ قِردَهُ وامتطى فراشةً وشقَّ العُبابَ)
- (أرائِك الياسمين)
- (مَناجاةُ سالِكٍ يَتَخَلَّلُهُ النَّفَسُ الأوَّل) (عافَنِي ا ...
- (نصٌّ على تخوم الرؤيا)
- (سِفْرُ السِّدْرَةِ) (محو وصحو)
- (جفنات غائمة وطيور هائمة)
- (وَجْهُ الوَطَنِ )
- (وَجْهُ الوَطَنِ)
- ( مَسَافَاتُ النُّورِ الْخَفِيِّ ) (العبور إلى المجهول)
- (مِرْآةُ القَندِيلِ: من الغيابِ إلى دهشةِ العرشِ)
- (الرَّمادُ والرُّمّانُ)
- )قراءة جديدة لقصيدة سابقة (
- (مَجازُ الطِّين)
- (صَهِيلُ النُّبُوءةِ)
- (لا تُشْعِلْ مِلْحَكَ في الطِّين)
- (سِفْرُ التَّبَدُّدِ)
- (مارْشٌ، رَصاصَةٌ، أُفْعى، أَفْيونٌ)
- (تجَلٍّ في المِرآة) (وَصَيْدُ عُرْيِ الرُّوحِ)
- (القلق شعرية بين الرمز والتلقي والسيمياء - قراءة في قصيدة شل ...
- (رَغبةٌ تُراوِغُ شكلَها)


المزيد.....




- الفنان الأمريكي الراحل تشادويك بوسمان ينال نجمة على ممشى الم ...
- مصر.. الأفلام الفائزة بجوائز مهرجان -القاهرة السينمائي- الـ4 ...
- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد مهدي غلام - (صَقيعُ الغِيابِ والغُربةِ: مَعزوفةٌ مُنفَرِدَة)