سعد محمد مهدي غلام
الحوار المتمدن-العدد: 8505 - 2025 / 10 / 24 - 22:14
المحور:
الادب والفن
تقدمة
هذه القصيدة لا تُحدّث الغارق، بل تناديه قبل أن يخطو.
هي ليست رسالة وداع، بل تحذيرٌ متأخر مكتوب بمِلْحِ المفقودين.
"لا تُشْعِلْ مِلْحَكَ فِي الطِّينِ" قصيدةٌ تُخلّع عن الذات أقنعتها، وتكشط عن الخرائط دهانها المزيّف، وتتركك عاريًا من العقل، من الفهم، من اللغة.
هي بكاءُ المُتبصّر، لا الجاهل.
وهي سفرٌ إلى التكوين المضاد، حيث تبدأ القصيدة حين تنتهي النجاة.
لا تهبك خلاصًا، لكنها تُريكَ وضوح الغرق فيك.
القصيدة:
1
لا تُشْعِلِ المِلْحَ الَّذِي فِي الطِّينِ
فَالرِّيحُ تَفْتَحُ صَخْرَةَ التَّكْوِينِ
2
قَدْ ضَاعَ صَوْتُكَ فِي المَدَى سُدًى
وَانْكَسَرَ المَوْجُ عَلَى التَّمْكِينِ
3
فَاسْتَسْلِمِ الآنَ، انْزِلِ البَحْرَ الَّذي
نَسِيَ المَنارَ، وَضَيَّعَ التَّأْوِيلَا
4
وَامْضِ، كَأَنَّكَ نَبْتُ سِرٍّ نَابِتٌ
في صَدْرِ أُمٍّ جُرْحُها مَكْنونُ
5
يا آخِرَ الغُرَباءِ، لا تَحْكُ الحِكَى
فَالصَّمْتُ يَفْضحُ سِرَّنَا المَدْفونَ
6
لا تَسْأَلِ الدُّرُوبَ: أَيْنَ بَدأَتْ؟
فَالجُرْحُ أَبْكَى رَاحةَ التَّمْكينِ
7
هَذِهِ الدُّرُبُ مَصائِدٌ خَفيَّةٌ
مَنْ يَسْتَجيبُ لِفِتْنةِ التَّغْوينِ؟
8
كُنْتَ الَّذي لَيْلُهُ يَشْتقُّ انْكِسارًا
وَيَنْهارُ في الأَصْوَاتِ وَالتَّدْوينِ
9
لا تُقْسِمِ الآنَ، انْظُرِ الدَّمَ في المَدَى
وَاسْأَلْ صَدَاكَ: مَنِ الفَقيدُ دِينُهُ؟
10
قُلْ لِلخَرائِطِ: ما اسْتَطاعتْ رَسْمَنا
نَحْنُ الَّذينَ رَسَمْناها بِالطِّينِ
11
لا تَكْتُبِ الصَّوْتَ الَّذي قَدْ غَنَّى
فَمِنْ فَمِكَ المَذْبُوحِ قَامَ حَنِينُ
12
كُنَّا نَفِرُّ مِنَ الكِتابِ لِوَجْهِنا
وَجْهُ النُّبوَّةِ خَائِفٌ مَسْجونُ
13
مَنْ أَسْكَنَ النَّخْلَ انْكِسارَ دُمُوعٍ؟
وَمَنْ يَخْشَى يَفْتَحُ لِلنُّهى تَهْوينَا؟
14
يَا كُلَّ مَنْ نَامُوا على الأَسِرَّةِ
وَصلَّوْا لِظِلِّ الخَوْفِ وَالتَّهْوينِ
15
خَلْفَ الضَّبابِ تَمْشي أَسْماءٌ
تَكْتُبُ الوُجودَ بِصِيغةِ التَّضْييعِ
16
لا تَجْرِ في الضَّوْءِ الَّذي يُبْديكَ
فَمَنْ يَجْرِ يُسْحَرُ بِالخَفَا وَالطِّينِ
17
مَنْ يَعْبُرِ المَوْجَ الكَثيفَ بِمَا بَقيَ
إِلَّا مَنْ قَدْ ضَيَّعَ التَّأْمينَ؟
الكودا (نثر)
احذرْ...
إن بقيتَ بعد القصيدة، فأنتَ داخلها.
لا أحدَ يخرجُ من الطين كما دخل.
هذه البلاد ليست وطنًا،
بل حنجرةٌ نسيَتْ كيفَ تصرخ.
وهذه اللغة... ليست لغة،
بل بُقْعةُ ظنٍّ مكسورةٌ في صدركَ.
لا تنسَ ملحكَ، لا تُشْعِلْه،
إن أشعلتَه…
تختنق
#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟